كشفت أمس، مصادر أمنية بالطارف للنصر، عن توقيف مصالح الدرك الوطني لشخص يشتبه  في وقوفه وراء عملية الحرق العمدي للغابات، التي شهدتها عدة مناطق متفرقة من الولاية خلال الساعات الأخيرة وتسبب في خسائر فادحة في الثروة الغابية، مشيرة إلى أن التحقيقات جارية مع الموقوف قبل عرضه اليوم الأحد على العدالة، فيما تتواصل جهود إطفاء النيران، إذ تدخلت حوامات الجيش لإخماد حريق غابة شيحاني.
وقد أفضت تحريات الدرك الوطني في وقت سابق إلى القبض على 3 أشخاص يشتبه في وقوفهم وراء إضرام النار في الأملاك الغابية الوطنية بكل من  بلديات الطارف، بوثلجة وحمام بني صالح، ليصل  بذلك عدد الموقوفين إلى أربعة أشخاص، 3 منهم أودعوا رهن الحبس المؤقت، بعد أن تم توقيفهم على خلفية الحريق المهول الذي شب بمنطقة بن سبتي بالمحيط العمراني الغابي لعاصمة الولاية  والذي دامت عملية إخماده حوالي 3 أيام، مع تسجيل خسائر معتبرة بالثروة الغابية والأشجار وبعض البساتين والمحاصيل، وكذلك الحال بالنسبة للحريقين اللذين شهدتهما بلديتا بوثلجة وحمام بني صالح،  حيث حولت النيران المشتعلة الغابات إلى رماد وأتلِفت مساحات من الأشجار المثمرة.
وأكدت مصادرنا، أنه تم رصد فرار أشخاص من داخل الأملاك الغابية نحو وجهة مجهولة داخل الأدغال بمجرد رؤيتهم لأعوان الغابات، الذين عثروا بعين المكان على قارورة مملوءة بالبنزين  و وسائل كان الجناة بصدد استعمالها في إضرام النار، حيث تم تسليمها لمصالح الدرك التي باشرت بدورها تحرياتها.
وقالت محافظة الغابات أنه تم وضع جهاز تنسيقي بين مختلف المصالح المعنية بمكافحة الحرائق، من أجل تدعيم الجهود والإمكانيات وخاصة التصدي للحرق الإجرامي للغابات وحماية الأرواح والممتلكات والمنشآت. وقد جددت المصالح المعنية توجيه أصابع الاتهام لبعض المجرمين وسكان بالفضاءات الغابية  بالجوار، بالوقوف وراء هذه الأفعال الإجرامية،  وهو ما يؤكده نشوب سلسلة حرائق في نفس التوقيت عبر مختلف البلديات ما صعب على فرق التدخل السيطرة عليها، خصوصا بمناطق بالريحان، العيون، أم الطبول، والزيتونة، مما استدعى تدخل وحدات من الجيش والدرك الوطني وحرس الحدود.
 واتهمت مصادر من محافظة الغابات “مافيا الخشب” بالوقوف وراء بعض الحرائق العمدية، والتي يُهدف منها إلى  تطهير الغابات واستغلال  مساحات الحطب الميت، ما دفع أعوان الغابات والدرك إلى تكثيف الدوريات ونصب الكمائن للإطاحة بالمجرمين، موازاة وتكثيف الحملات التحسيسية مع سكان الجوار بدعوتهم الحفاظ على الأملاك الغابية و التقيد بالإجراءات الوقائية والتبليغ عن كل التحركات المشبوهة.
كما عمدت السلطات المحلية إلى دعم جهود الفرق في الميدان، و وضع كل الإمكانيات في حالة تأهب، خاصة الرتلين المتحركين للحماية المدنية والغابات المجهزين بأحدث الوسائل لإخماد النيران، بما فيها الاستعانة بالآليات الثقيلة للمؤسسات العامة والخاصة للتحكم في ألسنة اللهب وفتح المسالك بالمناطق الصعبة للوصول إلى المواقد المشتعلة، على غرار ما حصل بالحرائق المهولة التي شهدتهما منطقتا بن سبتي وخنقة عون، فضلا عن المساهمة الفعالة لعناصر الشرطة رفقة أعوان الغابات، خاصة بالحريق الذي شب بين الطارف والزيتونة .
إطفاء 16 حريقا خلال 72 ساعة
من جهته، كشف مدير الحماية المدنية لولاية الطارف، المقدم ملبوس عبد العزيز، عن تسجيل مصالحه خلال الساعات الماضية نشوب 18 حريقا عبر 14 بلدية، أين تمت السيطرة على 14 منها فيما تتواصل جهود فرق التدخل لإخماد الحريقين المتبقيين ببلديتي شيحاني والسوارخ، مشيرا إلى تسجيل حالات إغماء في أوساط أعوان الحماية المدنية بسبب التعب والدخان الكثيف المنبعث من المساحات المحروقة، كما أن الظروف المناخية الصعبة بسبب ارتفاع درجة الحرارة والرطوبة صعب من مهام فرق التدخل.
وأضاف المقدم أن عملية مكافحة الحرائق على مستوى الولاية لم تتوقف على مدار الساعة، وذلك بتسخير كل الإمكانيات للتحكم في الوضع  أين تم تجنيد حوالي 250 عونا من مختلف الرتب وتسخير أكثر من 20 شاحنة إطفاء بما فيها تدخل الرتل المتحرك المجهز بالوسائل المادية والبشرية، كما سجل المتحدث الهبة التضامنية للمواطنين بعدة مناطق  في إخماد الحرائق ومد يد المساعدة لتطويق بؤر النيران الملتهبة، مؤكدا من جانب آخر، عدم تسجيل أي خسائر في الأرواح.
وتطرق المتحدث إلى أهم الحرائق المهولة التي صعبت من مهمة فرق الإنقاذ والتدخل المشتركة، منها الحريق الذي شب بغابة بريحان وامتدت ألسنته إلى  محطة توليد الكهرباء بكدية الدراوش، حيث كاد يتسبب في ما لا يحمد عقباه، قبل السيطرة عليه بعد تدخل الجيش الوطني الشعبي والدرك، إضافة إلى الحريق المهول الذي شب بين بلديتي الزيتونة وعين الكرمة متسببا في غلق الوطني 82، فيما تم إجلاء بعض العائلات خوفا من وصول النيران إليها.
كما سجل حريقان مهولان بغابات عين برقوقاية  بأم الطبول وأم السكك بالعيون واللذين تمت السيطرة عليهما بفضل تكاثف جهود المتدخلين، مع تسجيل خسائر بالثروة الغابية وتضرر مساحات من الحظيرة الوطنية التي تزخر بأصناف غابية وتنوع بيولوجي محمي عالميا. وطمأن المسؤول أن الوضع تحت السيطرة بعدما تمكنت فرق التدخل المشتركة من إخماد أغلب الحرائق والمواقد المشتعلة على تراب الولاية.
من جهة أخرى أفاد محافظ الغابات في حصيلة له إلى غاية زوال أمس، بتمكن فرق التدخل من إخماد جميع الحرائق بالولاية، فيما تتواصل الجهود لإخماد آخر حريق مشتعل منذ أمس الأول بغابات بلدية شيحاني مع حدود ولاية قالمة، مشيرا إلى تدخل الجيش إلى جانب فرق الإنقاذ المشتركة للسيطرة على النيران ومنها حريق شيحاني الجاري التحكم فيه، كما أرسلت القيادة العليا للجيش مساء أمس،  حوامتين لإخماد النيران أمام طبيعة تضاريس الجهة الوعرة، كاشفا أن الوضعية مستقرة  وبأن الأمور تتجه إلى القضاء نهائيا على ما تبقى من مواقد، بعدما تم إطفاء أكثر من 22 حريقا عبر 17 بلدية على مستوى الولاية.
وذكر المتحدث أنه تم تسجيل إتلاف بعض المساحات من الأشجار المثمرة والبساتين والمحاصيل الصغيرة، إلى جانب انفجار لبقايا الألغام التي زرعها المستعمر على طول الشريط الحدودي على خط شال بفعل الحرائق خصوصا ببلديات أم الطبول، الزيتونة وعين الكرمة، مضيفا من جانب آخر أن الحرائق تسببت في أضرار وخسائر كبيرة بالأملاك الغابية وبأن فرق مختصة تقوم بعملها لتقييم حجمها، منوها في سياق ذي صلة بالهبة التضامنية التي أبان عنها السكان والمجتمع المدني خلال نشوب الحرائق ومساهمتهم الفعالة في  مد يد المساعدة والوقوف إلى جانب فرق الإنقاذ.
الوالي يؤكد أن الحرائق
متحكم فيها
بدوره أكد والي الطارف في تصريح إعلامي، أنه تم تجنيد كل الإمكانيات المادية والبشرية لإخماد الحرائق ومنع وصولها للسكان، مطمئنا أنه لم تسجل أية خسائر في الأرواح أو  الأرزاق من  المواشي والدواجن والممتلكات، ما عدا بعض  المساحات من الأشجار المثمرة، كما قال بأنه تم تسخير أكثر من 50 شاحنة إطفاء وحوالي 600 عون بين الحماية المدنية والغابات لإطفاء النيران المشتعلة، بما فيها تدخل وحدات الجيش الوطني الشعبي، الدرك الوطني وحرس الحدود.
وذكر الوالي بأن الحرائق الغابية مست أغلب مناطق الولاية وفي نفس التوقيت، ما يؤكد أن العملية مخطط لها وبفعل فاعل، كاشفا أنه أسدى تعليمات للجهات المعنية من أجل حماية السكان والممتلكات، كما نوه بالروح الوطنية والتضامنية التي تحلى بها المواطنون خلال هذه الحرائق و وقوفهم كيد واحدة إلى جانب المصالح المختصة، علاوة على ذلك تم تنصيب خلية أزمة لمتابعة الوضعية مع مراقبة عملية إخماد النيران ومتابعتها في الميدان بحضور اللجنة الأمنية للولاية.
قوافل من المساعدات
 تصل للولاية
وصنع مواطنو ولاية الطارف الحدث بوقوفهم إلى جانب فرق التدخل المشتركة وتقديم كل المساعدة لهم في عمليات تضامنية أبانت عن  القيم النبيلة، حيث تكفلت عائلات بتوزيع الوجبات على  الأعوان  وتزويدهم بكل المساعدات التي يحتاجونها، فيما تكفلت فئات بالمساهمة ومد يد المساعدة لإخماد النيران المشتعلة بالمواقع والتضاريس الصعبة، كما سجل توافد السكان في جماعات من مختلف القرى والأحياء المجاورة لفك الحصار المضروب على أعوان التدخل بالاستعانة بالجرارات وعتادهم ومختلف الوسائل المتوفرة لديهم، مع تكفلهم بإجلاء بعض العائلات والأشخاص الذين وصلت النيران بالقرب من سكناتهم.  زيادة على ذلك تلقت الولاية بعض القوافل والمساعدات التضامنية من الولايات المجاورة كقالمة وسوق اهراس، بعد النداءات التي أطلقها نشطاء على مواقع التواصل. وتشير مصالح الغابات بالطارف إلى أنه ومنذ بداية حملة مكافحة الحرائق، تم تسجيل  أكثر من 80 حريقا عبر 17 بلدية، أتى في حصيلة أولية على أزيد من 700 هكتار من الغابات، خاصة الفلين البلوطي، الذي تشتهر به الولاية و الصنوبر البحري، لكن عملية الإخماد تعترضها عوائق كبيرة، خاصة النقص المسجل في الإمكانيات المادية والبشرية قياسا بشساعة الغطاء الغابي الذي يتربع على مساحة 196 ألف هكتار ما يمثل 63 بالمائة من المساحة الإجمالية للولاية.
نوري.ح

الرجوع إلى الأعلى