قال الدكتور سليم دادة ، كاتب الدولة السابق المكلف بالإنتاج الثقافي والباحث في العلوم الموسيقية، بأن المؤلف الموسيقي يجب أن يشرك في العمل المسرحي منذ بداية التفكير في إنتاجه، و كيفية معالجة النص و طريقة إخراج العمل.
الدكتور دادة أكد في محاضرة بعنوان « الوظيفة الموسيقية من خلال التجربة المسرحية المعاصرة «، ألقاها في نهاية الأسبوع، أثناء استضافته في مجالس ليالي المسرح الافتراضي، التي ينظمها المسرح الوطني الجزائري محي الدين بشطارزي، أن المؤلف الموسيقي يساهم في العمل المسرحي فهو كاتب لنص آخر،  فبعد النص المسرحي و الإخراجي، هناك نص ثالث هو النص الموسيقي، و يمكن أن يسهم هذا النص، حسبه، بفاعلية وبجدية، لإعطاء العمل المسرحي كل أبعاده ، مهما اختلفت جماليته كدراما أو تراجيديا أو مسرح ما بعد الحداثة.
و أضاف الباحث ، بأن في كل ذلك يمكن للموسيقي أن يتقمص أدوارا مهمة جدا ، و يضيف قوته الإيحائية، مؤكدا بأن الموسيقى يمكن أن تكون داخل السردية أو خارجها، و هي مهمة جدا، و الأفضل ، حسبه، أن تغطي الفراغات وتملأ الأبعاد الأخرى، وتساهم في تعدد قراءات العمل المسرحي.
و أحصى المتحدث سبع  وظائف للموسيقى داخل العمل المسرحي، سواء في المسرح القديم أو الحديث، و تتمثل الوظيفة الأولى في تشطير بنية العرض، وهنا يدخل الموسيقي، حسبه، كمصمم للعرض و كموضح لأقسامه، و الموسيقي في هذه الوظيفية يمكن أن يهيئ المستمع أو المشاهد لحالة العرض، فالحالة النفسية توجه العرض الجمالي أو الدرامي، كما يوظف في تعبير الديكورات والألبسة عندما تكون هناك فواصل موسيقية، حتى لا يترك الفراغ.
أما الوظيفة الثانية للموسيقى، حسب الباحث سليم دادة،  فإنها تتمثل في الأنثوغرافية الصوتية، و توحي الموسيقى، وفق هذه الوظيفة، بالمكان والزمان المروية حكايته، داخل العناصر الثقافية والإثنية، مشيرا إلى اختيار آلات موسيقية توحي بالمكان وحتى بالحقبة الزمانية التي تناولها العرض، و ثقافة المحكي عنه، وهذه الاختيارات، حسبه، مهمة جدا، موضحا إحصاء 44 ألف آلة موسيقية، لكن بعض الآلات فقط هي التي توحي بالمكان أو الفترة الزمنية أو الحضارة التي تنتمي إليها.
أما الوظيفة الثالثة للموسيقى في المسرح، فهي الخلفية الموسيقية والبيئة الصوتية للشخصيات، وهنا يدخل الممثل بنفسه وشخصيته و الفضاء الصوتي الذي يضم مشاعر القصة.
في حين تتمثل الوظيفة الرابعة في تنقيط الحالة الدرامية، و أشار سليم دادة في هذه الوظيفة، إلى أن الموسيقى تنقط و تحدد مكامن الحالات الدرامية، وهذه الحالات تختلف، كالفرح، الحزن، الشوق، الحنين، السعادة، الرضا وغيرها، وكل هذه الحالات توضحها الموسيقى وتضعها في مكامن معينة.
و تتمثل الوظيفة الخامسة في التباين والتقابل، حيث أشار دادة إلى أن التنقيط يتم في هذه الوظيفة بطريقة معاكسة، لإعطاء قراءة أخرى للفعل الدرامي، وهنا يعطي المخرج، حسبه، الفرصة للإيحاء بأشياء و أماكن أخرى.
أما الوظيفة السادسة للموسيقى في المسرح، فعنونها الباحث سليم دادة بـ»مرافقة و تعزيز الحركة»، والمقصود بها أن الموسيقى ترافق حركة الممثلين، و تعد هذه الوظيفة مهمة جدا، كونها تعطي صوتا للحركة في غياب الفعل الحركي.
أما الوظيفة السابعة والأخيرة فتتمثل في أداء دور شخصية ما، وأشار في هذه الوظيفة إلى أن الموسيقى يمكنها أن تعوض الممثل الأبكم الذي لا يتحدث أو الممثل المتوفى، كما يمكنها أن تعوض مغني أو شاعر مغني، قائلا بأن الموسيقى يمكن أن تضيف للدراما المسرحية شخصية أخرى، مبنية على الصوت والغناء.
نورالدين ع

الرجوع إلى الأعلى