يضطر العديد من الأطفال الذين ينتمون إلى عائلات معوزة للعمل من أجل تأمين مصاريف الدخول المدرسي، و يزداد نشاط هذه الفئة خلال الأيام الأخيرة من العطلة الصيفية حيث يسابقون الزمن للعمل إلى آخر لحظة بعدما استغنى العديد منهم عن العطلة وضحى بها في سبيل العمل حتى لا يكونوا عبئا ثقيلا على أوليائهم.
 و تتواصل متاعب هذه الفئة يوميا و هم يجوبون الشوارع معرضين أنفسهم لشتى المخاطر لكسب بعض الدراهم استعدادا للدخول المدرسي، حيث يقوم الأطفال ببيع مختلف اللوازم والمواد على بساطتها ومن بينها كل أنواع الفواكه الموسمية على غرار التين الشوكي و العنب على حواف الطرقات الوطنية و في الأسواق، وسط  الزحمة المرورية محاولين  استعطاف قلوب السائقين واستجداء المارة والمتسوقين غير مبالين بالخطر الذي يتربص بهم نتيجة اعتراضهم سبيل المركبات التي تسير بسرعة جنونية.
و يضطر بعضهم للنهوض باكرا ومرافقة أوليائهم إلى الحقول في المناطق الجبلية التي تتوفر عليها فاكهة التين الشوكي والعنب لجنيها من اجل بيعها أمام الشوارع الكبرى تحت لفحات الشمس، حيث ذكر الطفل نذير أن الفواكه الموسمية ملجؤهم الوحيد الذي ينقذهم من العوز و شبح الانقطاع عن الدراسة الذي يتهددهم إن هم لم يوفروا المال اللازم لمساعدة أوليائهم المعوزين على تجاوز المشاكل المادية و المساهمة في التقليل من عبئ المصاريف، و أضاف الطفل نذير بأنه يرفض كل أشكال الاستغلال الجسماني أو اللجوء إلى التسول كحل من أجل الحصول على المال.
وهو نفس الرأي الذي أبداه الطفل محمد أمين صاحب الـ 15 ربيعا والذي وجدناه يبيع التين الشوكي على مستوى الطريق الوطني رقم 12 الرابط بين بلدية تادمايت غرب تيزي وزو وولاية بجاية، و الذي قال بأنه يعتمد على نفسه لتأمين مصاريف الدخول المدرسي وشراء الملابس بسبب محدودية راتب والده الذي لا يكفي لسد حاجياتهم خاصة و أن لديه ثلاثة إخوة صغار يدرسون، و أضاف قائلا «أبدأ عملي في حدود العاشرة صباحا إلى غاية  منتصف النهار أو الواحدة بعد الزوال و لن أعود إلى البيت إلا بعد انتهائي من بيع كل السلعة».
من جانبه وجد مصطفى البالغ من العمر 13 سنة التجول بالشواطئ و اغتنام فرصة موسم الاصطياف منفذا له لجمع المال من السلع التي يقوم ببيعها والمتمثلة في قارورات المياه المعدنية الباردة والمشروبات الغازية والعصير بالإضافة إلى المكسرات والمناديل وهو العمل الذي اعتاد عليه كل موسم اصطياف منذ أربع سنوات، فيبيع معروضاته بأسعار زهيدة مع ابتسامة مجانية ليكسب عطف الزبائن، ويبقى على هذا الحال من بداية ساعات الصباح موعد نزول المصطافين إلى الشواطئ حتى مغيب الشمس دون كلل أو ملل.
 سامية إخليف

الرجوع إلى الأعلى