شدد خبراء على ضرورة اعتماد مقاربة مجددة لحوكمة السياسة الصناعية، تسمح بانعاش الصناعة الوطنية و الرفع من حصتها في الناتج الداخلي الخام. مع رفع العراقيل التي تعيق الاستثمارات لا سيما ما يتعلق بالتمويل المصرفي والعقار الصناعي، ومراجعة الإطار القانوني لتحسين مناخ الأعمال وإضفاء الاستقرار على الترسانة القانونية التي تضبط العملية الاستثمارية.
أكد المدير المكلف بالشراكة على مستوى وزارة الصناعة، كريم بوجمية، أمس، أنه سيتم استكمال معالجة الملفات المتعلقة بمشاريع استثمارية جاهزة للإطلاق لكنها مجمدة لأسباب إدارية، «في غضون أيام قليلة». وأوضح السيد بوجمية، على هامش الندوة الوطنية حول الإنعاش الصناعي، أنه «تطبيقا لتوجيهات السلطات العمومية، قامت وزارة الصناعة بوضع لجنة يرأسها وزير الصناعة، تضم ممثلين عن الوزارات المعنية بالفعل الاستثماري من أجل مساعدة أصحاب المشاريع الاستثمارية الـ402 المجمدة لأسباب إدارية، على إطلاق نشاطهم».
وأضاف أن هذه المشاريع الجاهزة للإطلاق تخص عديد النشاطات، منها الميكانيك والصناعات الغذائية، مشيرا إلى أهميتها للاقتصاد الوطني لاسيما في مجال توفير مناصب شغل. وتابع قوله بأنه من بين 402 مشروع معلق فقد تم رفع التعليق عن 57 منها، في حين تعكف اللجنة حاليا على دراسة المشاريع المتبقية.
كما ذكر ذات المسؤول أن استمرار الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار في المسعى الرامي لرفع التجميد عن طلبات الاستفادة من المزايا التي تمنحها الدولة للمستثمرين، سيسمح بتوفير أكثر من 75000 منصب شغل، مضيفا أن ذلك يتم في إطار مقاربة «توازن إقليمي». أما عن تسيير ملف العقار الصناعي، فقد أكد ممثل وزارة الصناعة أن الوكالة الوطنية للعقار الصناعي ستكون الجهة الوحيدة التي تتعامل مع المؤسسات والمستثمرين وتسمح بمعالجة طلباتهم الخاصة بالأوعية العقارية في أقصر الآجال.
وقال مدير الصناعة بوزارة الصناعة، إن 2022 ستكون سنة الاقتصاد والاستثمار بالدرجة الأولى، مشيرا إلى أن الحكومة تعمل من أجل جعل السنة المقبلة بداية إقلاع صناعي من خلال رفع العراقيل التي تحيل دون تنفيذ المشاريع الصناعية من جهة، ومراجعة الترسانة القانونية لتشجيع المستثمرين ورفع العراقيل التي تسمح بتحسين جباية الاقتصاد الوطني.
وقال عبد العزيز قند، إنه سيتم العمل لرفع مستوى مساهمة الصناعة في الناتج الداخلي بأقصى نسبة ممكنة، مشيرا إلى إمكانية مضاعفة نسبة مشاركة القطاع الصناعي إلى 10 بالمائة في غضون عام 2025، مشيرا إلى أن التقديرات التي يضعها الخبراء تؤكد إمكانية تجاوز هذه النسبة التي تبقى في متناول الجزائر.
وتواصلت، أمس، أشغال الندوة الوطنية حول الإنعاش الصناعي، في يومها الثاني، في إطار أربع ورشات يعكف من خلالها المشاركون على بلورة إستراتيجية جديدة للنهوض بالصناعة الوطنية ومن خلالها دعم الاقتصاد الوطني. بمشاركة مسؤولي ومدراء على مستوى الوزارات ورؤساء الجمعيات المهنية ومنظمات أرباب العمل، مدراء ومسيري المؤسسات العمومية والخاصة والهيئات الوطنية وخبراء وجامعيين.
وخلال هذه الورشات تم فتح فضاء النقاش حول الحلول المكيفة مع الوضعية الحالية للبلاد من أجل الاستفادة من الدروس والتجارب السابقة بإشراك جميع الفاعلين لتجسيد خطة الوزارة في تنفيذ مخطط عمل القطاع. وتناولت الورشة الأولى موضوع «دعم المؤسسات وترقية الإنتاج الوطني والصادرات» حيث قدم المشاركون اقتراحات لمعالجة إشكاليتين مزدوجتين تتعلق بعدم كفاية العرض الوطني لتلبية الطلب المتزايد وضرورة استعادة توازن الميزان التجاري من خلال العمل على إيجاد بديل للواردات وتنويع الصادرات. وتناول المشاركون الإجراءات المقترحة من طرف وزارة الصناعة لزيادة دعم ومرافقة الشركات المحلية وتعزيز الصادرات.
وتناولت الورشة الثانية ملف «تحسين بيئة الاستثمار ووفرة العقار الواجب ضمانها من أجل ترقية الاستثمار»، بحيث تم التطرق على الخصوص إلى الإجراءات الواجبة لتحسين حوكمة الاستثمار وتحسين عرض العقار الصناعي والانتشار الإقليمي وتمويل الاستثمار. وناقش الخبراء خلال هذه الورشة مسألة الاستثمار المنتج والدور الذي تلعبه بهذا الشأن مختلف البنوك والمؤسسات المالية.
إما الورشة الثالثة فتناولت موضوع «حوكمة المؤسسات العمومية الاقتصادية ودور الدولة», وناقشت هذه الورشة أساسا دور ومكانة القطاع العمومي التجاري الصناعي، نمط الحوكمة الذي يجب اعتماده في تسيير المؤسسة العمومية الاقتصادية، وإستراتيجية الشراكة للمؤسسة العمومية الاقتصادية، حيث قدم المشاركون في الورشة على ضوء التجارب السابقة توصيات متوافقة مع متطلبات المرحلة الحالية مع ضمان عودة نمو القطاع الصناعي على ضوء الدروس والتجارب السابقة وأهداف مخطط الحكومة.
وفيما يخص الورشة الرابعة، تطرق المشاركون فيها إلى ملف «الإدماج والتنويع و تطوير التنافسية» من خلال مناقشة كيفية تأطير النظام البيئي والتقني الوطني وتنمية قدرات وقنوات دعم الصناعة والنظام الوطني للجودة و التكوين في مهن الصناعة وكذلك واقع وآفاق التمويل البنكي. ومن المنتظر أن يتم عرض التوصيات اليوم في ختام أشغال الندوة ضمن ترتيبات ستعتمدها الحكومة لإنعاش الصناعة في
 الجزائر.                           ع سمير

الرجوع إلى الأعلى