يحتفي الجزائريون اليوم بيوم العلم في مشهد حضاري لافت يثبتون فيه عظم المكانة التي يولونها للعلم والعلماء في أنفسهم ومجتمعهم؛ وهم الذين أدركوا قبل غيرهم من الشعوب العربية معنى الحرمان من العلم، وأهميته الحيوية في حياتهم؛ لأنهم لا يعدونه فقط وسيلة للتنمية والرفاه؛ بل قبل ذلك كان وسيلتهم للتحرر من الاستعمار؛ حيث ساندوا مشروع جمعية العلماء المسلمين التي خاضت بهم معارك ضد الجهل والأمية، ومحاولات طمس الهوية والاستلاب الحضاري، مسهمة في ذلك بمعية الوطنيين الأخيار في تحضير أجيال الثورة.

ولم يكن اعتزاز الجزائريين بدعا فقط أدركوا فضله وقيمته قبل ذلك في نصوص الشريعة الإسلامية وأحكامها التي ورثوها كابرا عن كابر منذ قرون؛ ففي كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم شواهد على فضل العلم والعلماء؛
(أولها) أن هذا الدين انبنى أول ما انبنى على العلم؛ حيث كانت أول آية نزلت تدعو لذلك في قوله تعالى:  اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ   [العلق: 1 – 5]، وهذا خلاف معهود الوحي مع الأنبياء والرسل؛ حيث كانت أولى الكلمات الموحى بها إليهم تبدأ عادة بل الله لأقوامهم  أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ، بيد أن آخر الرسالات ابتدأت بقوله تعالى اقْرَأْ))، وفي هذه دلائل وإشارات كثيرة لعل أبرزها أن عصرا جديدا في تاريخ البشرية قد أطل بإشراقة هذا الدين؛ عصر الوحي والعلم؛ حيث يحدث قطيعة كلية مع عصور الشعوذة والخرافة والتنجيم وكل ما لا يستند للعلم من معارف وحقائق وعقائد ومذاهب وفلسفات وشرائع.
(ثانيها) أن الله تعالى فضل العلماء على غيرهم من سائر الخلق؛ وقد أمدت على ذلك آيات كثيرة من القرآن الكريم، منها قوله تعالى:   قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ   إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ، وقوله:   يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ[المجادلة]
وفي هذا وغيره إشارات جلية على أن العلماء لا يضاهيهم أحد من الناس ولا يساويهم فهم النبراس والنجوم التي يهتدى بها؛ في دين الناس ودنياهم، ولذلك ينبغي أن ينزلوا هذه المنزلة في كل المجتمعات التي تتطلع إلى تقوى من الله وسعادة في الحياة الدنيا والآخرة، وقد أدركت الأمم المتحضرة هذه السنة الإلهية فأولت العلماء أهمية أكبر من غيرهم وبوأتهم مكانة الريادة والقيادة في مجتمعاتها فسلكوا به طريق النمو الرفاه.
(ثالثها) إن العلم شامل لشؤون الدين والدنيا؛ في كتاب الله تعالى المقروء وكتابه المفتوح كونا شاسعا معروضا للتأمل والبحث والدراسة لما أودع الله تعالى فيه من قوانين؛ لذلك كانت اشتملت آيات سورة العلق التي كانت أول آيات القرآن نزولا على علوم الوحي وعلوم الطبيعة وعلوم الإنسان كما نبه لذلك علماء كثر،وقال تعالى:  أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا  وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ (27) وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذ لِكَ  إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ .
(رابعها) إن تحقيق العدل في المجتمع والتطور والسعادة يرتكز على العلم والعدل والقوة لقوله تعالى:  لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاس  [الحديد: 25]
(خامسا) إن العلم من الأمور التي تخلد في الحياة الدنيا وتبقى تدر الخير والحسنات على الإنسان بعد وفاته فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا مات الإنسانُ انقطع عنه عملُه إلا من ثلاثةٍ: إلا من صدقةٍ جاريةٍ، أو علمٍ ينتفعُ به، أو ولدٍ صالحٍ يدعو له)؛ صحيح مسلم.
(سادسها) إن العلم أحد الأدوات الضرورية لأي حجة وبرهان في حياة البشر في كل شؤونهم؛ فلا يتأتى لجاهل أن يتصدى لأي نقاش أو اقتراح أو قرار تنبني عليه أمور عملية في حياة الأفراد والمجتمعات؛ لقوله تعالى:  وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ ، وهذه الآية على قصرها جمعت العلوم الشرعية والإنسانية والتجريبية كما انتبه لذلك بعض الباحثين.
(سابعها) إن مسؤولية العالم في المجتمع عظيمة لأنه بقدر ما يحظى باحترام وتقدير فإنه مطالب بالنصح للمسلمين والإخلاص لهم وتعليمهم وإبداء الشورى لهم والسعي لتقدم أمته ويحفظ دينها، وهو غير مأزور في اجتهاده إن أخطأ غير متعمد.
وفي هذا وغيره بيان لمركزية العلم والعلماء في المنظومة التشريعية الإسلامية، وحرصها على ديمومة هذه المكانة لأن مناط حفظ الدين وسياسة الدنيا نحو السعادة
ع/خ

سورة النور تعلم المرأة المسلمة كيف تكون أنثى مؤمنة
لا أبالغ إن قلت بعد حفظي وقراءتي وتدبري لسورة النور الكريمة إنها سورة تعلم المرأة المسلمة كيف تكون أنثى مؤمنة ملتزمة وفق ما يريدها القرآن الكريم، تسير على نهجه ووفق آدابه وسلوكاته، وإنني لأنصح كل فتاة ويافعة بتعلم هذه السورة المباركة وحفظها وفهمها وتدبرها، ففي كل آية من آياتها معنى ومغزى وسلوك يتربى عليها المجتمع والأسرة والمرأة، أو أدبا جما يقوم ويرسخ الفضيلة والنبل؛ ففي مقدمتها مثلا يستوقفك قوله تعالى ((سورة أنزلناها وفرضناها))، ولعل ما يلفت النظر هنا هو عدم تخصيص الآية بفرضها على جنس أو بشر أو عمر محدد فالكلمة أتت عامة تزيدك بها تعلقا وتدفع رغبتك للتعرف عليها وعلى أحكامه أكثر؛ حيث تفتح شهيتك بهذا الخطاب القرآن المبدع؛ لتكون السورة صاحبة في الحل والترحال.
إن هناك آية أخرى مثلا في هذه السورة تجعلنا نتقرب أكثر إلى هذه السورة الصديقة القريبة هي قوله تعالى: ((ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم فيما أفضتم فيه عذاب عظيم إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم )). فإذا كنت تمشي في طريق لم تستشعر فيه رحمة الله بك في حياتك وإحاطتها لجوانب عديدة من أمور دينك ودنياك فأنت في حاجة إلى مراجعة عميقة مع نفسك وبحاجة إلى جلسة هادئة وخالية وحدك تتدبر فيها هذه الآية النورانية من سورة النور، فهناك من البشر من أنهى مهمته في الخوض مع الناس وقد وصلت نفسه في جرأتها إلى الله خالق الناس والبشر فأخذ يخوض بلسانه وحواسه فيما لا يعلم وما يعلم ويدلي بدلوه في كل شيء وكأنما أوتي علم الأولين و الآخرين، ليتنا فعلا نحترم درجة معرفتنا وقصر عقولنا ونحترم المسافة بيننا وبين من خلقنا ولا نتجرأ عليه بما قد يسخطه ويغضبه وقد يحرمه حتى من رحماته وفضله والعياذ بالله تعالى.
هذه هي حقيقة البشر من حولنا يتلقاك بألسنتهم وستعيش لتسمع قصصا وروايات جميلة ستحكى عنك وأنت لا علم لك، لكن العاقل الرصين من يجيد الصفع والرد  إن بغي عليه أو ظلم، البعض قد يهينك من حيث أن أراد نفعك والمشكلة، قد تجده من أقرب الناس لقلبك وروحك. إن هذه الجرعة الزائدة من الجرأة في طبائع البشر عليها أن تضبط بميزان العقل والحكمة والرزانة وإلا فعلى الناس أن يكتسبوا مناعة قوية ضد هذه الأشكال والأنواع من طبائع البشر التي لا انفكاك له منها في الواقع المعيش.

شربت في نهار رمضان سهوا، فماذا يترتب علي؟
من أكل أو شرب ناسيا أو ساهيا في نهار رمضان يجب عليه قضاء ذلك اليوم، قال الشيخ خليل: «وقضى في الفرض مطلقا». قال الشيخ الدردير: «أي عمدًا أو سهوًا أو غلبة أو إكراهًا.». وأصل ذلك ما قاله مالك في الموطأ «من أكل أو شرب في رمضان ساهيا أو ناسيا أو ما كان من صيام واجب عليه قضاء يوم مكانه». وهذا القول تُسنده الأدلة التالية:
1- قول الله عز وجل: (ثم أتموا الصيام إلى الليل)، والذي نسي أو سها فأكل أو شرب لم يتم الصيام إلى الليل، فوجب عليه القضاء بصيام يوم تام إلى الليل.
2- قوله تعالى: (فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر). فالآية أصلٌ في أن الإفطار موجب للقضاء، لدلالة المقتضي، وتقديره «فأفطر فعدةٌ..»، والصائم الذي أكل أو شرب ناسيا مفطرٌ فيُخاطب بالقضاء.
3- للصوم ركنان، ركن النية، وركن الإمساك، وتَخَلُّف ركن الإمساك موجب لتخلف حقيقة الصوم. والصوم والفطر ضدان، فلا يجتمعان.
4- قياس الإمساك على النية، فكما يجب القضاء بفقد النية مطلقا فكذلك يجب القضاء بفقد الإمساك مطلقا بجامع أن الكلّ ركن.
5- القياس على تارك ركن من أركان الصلاة أو الحج ناسيا، أو مرتكبٍ لناقض من نواقض الوضوء ناسيا
6- قياس الأولى: إذا كان المريض يجب عليه القضاء، مع أنه أشد عذرًا، فالناسي من باب أولى.
7- أن إيجاب القضاء هو أحوط وأبرأ للذمة، وإبراء الذمة يقينا لا يكون بمشكوك فيه، إنما يكون بيقين، وصيامٌ متفق على صحته أفضل من صيام مختلف في صحته. والخروج من الخلاف مطلوبٌ، ويكون بفعل ما اختلف في وجوبه، وترك ما اختلف في تحريمه، وأصله قوله صلى الله عليه وسلم: (فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه) متفق عليه.  فمن أكل أو شرب ناسيا أو ساهيا وهو صائم ارتفع عنه الإثم، لكن يُخاطب بقضاء صوم الفرض لا النفل.
د.محمد العربي شايشي عضو اللجنة الوزارية للفتوى *بتصرف*

علماء يحذّرون من اقتحامات للمسجد الأقصى
حذّر علماء يمثلون 40 منظمة إسلامية حول العالم، الأربعاء الماضي، من «المخططات والتحشيدات الصهيونية لاقتحام المسجد الأقصى في شهر رمضان».واستنادا لوسائط إعلامية فقد قالوا في بيان تلي في مؤتمر صحفي بمدينة إسطنبول، إن «قوات الاحتلال الصهيوني وقطعان مستوطنيه حشدت لتنفيذ اقتحامات واسعة للمسجد الأقصى فيما يسمى الفصح العبري، وممارسة طقوسهم الدينية المحرمة في ذبح حيوان قربانا في المسجد الأقصى ابتداء من 15 أبريل الجاري». وحذروا من أن «هذه الاقتحامات المتوقعة يراد منها ترسيخ ما يصبو إليه العدو الصهيوني من جعل ‏المسجد الأقصى حقًا مشروعا للصهاينة، وخاضعا لكلّ مخططاتهم»، مؤكدين أن «المسجد الأقصى حق حصري للمسلمين بكل أجزائه وأبنيته وجدرانه وأسواره وما فوقَه وما تحته».
وشددوا على أن «أي اعتداء عليه أو على أي جزء منه هو اعتداء على ثالث أقدس المقدّسات عند المسلمين، مما يوجب على الأمة كلها النفير والتحرك لوقف هذا العدوان»، ودعوا منظمة التعاون الإسلامي ووزارات الأوقاف في العالم الإسلامي إلى «التحرك العاجل على ‏ كافة المستويات والعمل مع الجهات الرسمية والدولية لإيقاف هذا الإجرام الصّهيونيّ ‏الممنهج ومنع الاقتحامات المخطط لها».

الرجوع إلى الأعلى