عادت الدراما السورية بقوة هذا العام، بعد سنوات من التقهقر بفعل الحرب، حيث يعد الموسم الرمضاني الحالي، الأفضل و الأضخم  منذ بداية الأزمة، خصوصا وأن الشاشة السورية قدمت حوالي 30 عملا مختلفا، و عالجت مواضيع هامة بين  البيئة الشامية والكوميديا، و رغم أن شبح الحرب و ما بعدها، قد خيم على كثير من السيناريوهات، إلا أن القصة الاجتماعية المعاصرة، فرضت حضورها بقوة، و استطاعت أعمال أن تسرق المشاهد العربي من الدراما المشتركة التي هيمنت لسنوات.

هدى طابي

موسم ثري جدا، من حيث نوعية و ضخامة الإنتاجات، مع تصوير جزء هام من الأعمال في دمشق و المدن السورية،  خصوصا مسلسلات البيئة الشامية، التي تعتبر الأكثر متابعة خلال رمضان، على غرار مسلسل   «جوقة عزيزة» الذي يتصدر الترند العربي، وهو عمل يعيد تصوير فترة الانتداب الفرنسي على سوريا، و تروي أحداثه قصة حياة الراقصة السورية «عزيزة» و يقدم من خلالها الكاتب خلدون قتلان، محطات توثيقية لحقب زمنية مختلفة.
 العمل من بطولة النجمة جزائرية الأصل نسرين طافش، إلى جانب أيمن رضا، ومحمد حداقي، و نورا رحال، و وفاء موصلي وآخرين، و تحظى مثله  مسلسلات أخرى، مثل « حارة القبة» و « الكندوش» و « بروكار» و الجزء 12 من « باب الحارة» بالمتابعة، و لا تختلف في طرحها كثيرا عن المواضيع التي اعتادها المشاهد، مع إدراج بعض القضايا الجديدة، كالإقطاع و حياة المرأة الريفية و التراث، إذ يتناول «بروكار»، محاولة أحد المهندسين الفرنسيين سرقة فكرة صناعة أقمشة البروكار، فيما يتطرق مسلسل « أولاد البلد» إلى فترة المجاعة و الفقر و التهجير، التي أعقبت انسحاب العثمانيين من بلاد الشام.
الأعمال الاجتماعية المعاصرة و عودة بريق النجوم
تشكيلة متنوعة أيضا، من الأعمال الاجتماعية المعاصرة، حاضرة هذا الموسم، و أشبعت حنين المشاهد العربي إلى الأعمال القوية التي اعتاد عليها قبل سنوات، حيث قدم مسلسل « على قيد حب» قصة شخصين تمتد صداقتهما لأكثر من أربعة عقود، و تواجه علاقة الصداقة هذه اختبارا كبيرا بسبب أبنائهم و الماضي، و يشارك في بطولة العمل  سلوم حداد و دريد لحام الذي عاد نجمه ليضيء سماء الدراما العربية من جديد، إلى جانب النجمتين صباح الجزائري و وفاء موصلي.
أما مسلسل « كسر عظم»، فيعتبر من أقوى الإنتاجات، حيث يعرض كيفية ظهور الصراع في زمن الحرب بين أصحاب السلطة و المال، وأبناء الطبقة المتوسطة  و الفقراء، وكيف استفاد أمراء الحرب من الفوضى، وهي دراما تحاكي الواقع بكل تفاصيله، إذ توغلت المخرجة رشا هشام شربتجي، في تصوير الظلم و العدل والحب و الحزن و الموت و البحث عن الأمان، ومن أبطال العمل، بسام كوسا و  وكاريس بشار التي خطفت الأضواء و القلوب هذا الموسم.من جهته، يحقق مسلسل « مع وقف التنفيذ»، الكثير من النجاح منذ بداية عرضه، وهو عمل اجتماعي إنساني، يدخل ضمن العوالم النفسية لأبطاله الذين أنهكتهم الصراعات والأزمات المتعاقبة في المنطقة المتخمة بجراح الحرب، و هو من بطولة كوكبة من النجوم، على غرار عباس النوري و سلاف فواخرجي  و شكران مرتجي وغسان مسعود و صباح الجزائري و صفاء سلطان، من إخراج سيف السبيعي.
عودة الفنتازيا و انحصار الكوميديا
عرف هذا الموسم كذلك، عودة أعمال الفنتازيا التي طالما ميزت الدراما السورية و حققت نجاها باهرا، جعلها تتحول إلى عنوان رمضاني قار، على غرار رباعية « الكواسر و الجوارح و البواسل و الفوارس»،حيث قدم الكاتب هاني السعدي هذه السنة مسلسل « فرسان الظلام»، و هو فانتازيا تاريخية، تدور أحداثها في مدينة يعشش فيها الشر و الطمع و يحاول الحب أن يدك حصونها، ليحل فيها السلام، السلسلة من بطولة سلوم حداد ونادين خوري و مهيار خضور و ربا السعدي.
أما الكوميديا فقد خفتت هذه السنة، ولم ينتج منها سوى القليل، مع ذلك فقد استطاع الجزء الخامس عشر من سلسلة « بقعة ضوء» أن يحصد المتابعة، بعد غياب عن الشاشة لموسمين متتاليين، و ينافس العمل سلسلة «الفرسان الثلاثة»، و هي كوميدية نجحت في إعادة الفنان أيمن زيدان إلى الأعمال الساخرة بعد غيابه عنها لعدة سنوات، و يروي العمل جانبا من معاناة بعض الرجال الكبار في السن، نتيجة الوضع الاقتصادي في سوريا، و يلجأون  مع عائلاتهم، لتأمين قوت يومهم بطرق مختلفة.

 

الرجوع إلى الأعلى