انطلقت، أمس الأحد، فعاليات الأيام الإعلامية حول مصالح الصحة العسكرية بوهران على غرار باقي النواحي العسكرية بالوطن وستستمر التظاهرة لغاية يوم الخميس، وتأتي هذه الفعالية التي تعد مبادرة أولى من نوعها، لتعريف الشباب على مختلف تشكيلات مصالح الصحة العسكرية والمهام المسندة لها، كما تهدف لتحفيزهم للانخراط في صفوف الجيش الوطني الشعبي كمستخدمين طبيين وشبه طبيين، وتعريف المقبلين على البكالوريا بهذه المصالح لاستقطابهم و إدماجهم، حيث تعتبر هذه التظاهرة انطلاقة لحملة التجنيد لانتقاء الشباب الراغبين في الالتحاق بصفوف الجيش الوطني الشعبي ومصالح الصحة العسكرية، على أن تبدأ التسجيلات مباشرة بعد الإعلان عن نتائج شهادة البكالوريا لدورة 2022.

في هذا الإطار، قال العميد أحمد غربي قائد المدرسة العليا للإدارة العسكرية الذي أشرف، أمس، على مراسيم افتتاح الأيام الإعلامية بالمركز الإقليمي للجيش بوهران، أن الأيام الإعلامية تلعب دورا هاما في إظهار دور ومهام الصحة العسكرية في زخم المهام النبيلة للجيش الوطني الشعبي، ودعا في كلمته وسائل الإعلام لتوضيح المعالم الكبرى للصحة العسكرية التي مثلما أضاف، كانت سباقة لمراقبة تطور الوضع الصحي خلال جائحة "كوفيد 19"، مبرزا أن مصالح الصحة العسكرية تعكف على غرار كافة هياكل المؤسسة العسكرية على اتباع نهج واضح المعالم مبني على التواصل، حيث ستمكن هذه التظاهرة من تنظيم أحسن لعملية تسجيل المترشحين الجدد وتضمن إنصاف وتكافؤ الفرص لكل الشباب الراغبين في متابعة مسار عسكري في سلاح الصحة العسكرية.
وأوضح العميد غربي، أن فرصة الأيام الإعلامية تسمح بالتعرف أكثر على سلاح الصحة العسكرية بكافة مكوناته التي تضمن الجاهزية الطبية والصحية، ومهام التكفل بمواطني المناطق النائية في القرى والمداشر وضمان الدعم في حالة الكوارث.
و استعرض الطبيب العقيد بوسطيلة لعرج المدير الجهوي لمصالح الصحة العسكرية بالناحية العسكرية الثانية بوهران، نبذة تاريخية عن الصحة العسكرية في الجزائر سواء إبان فترة الاستعمار أو بعد الاستقلال، مشددا على ضرورة الافتخار والتذكير بالتضحيات التي لا تعد و لا تحصى لشهداء ومجاهدي وأبطال الصحة العسكرية الجزائرية التي كانت انطلاقتها مع بداية الحرب التحريرية في 1954، حيث رغم الصعوبات والعقوبات والرقابة الشديدة للمستعمر، إلا أن مستخدمي الصحة العسكرية رفعوا التحدي وأدوا مهامهم المقدسة رغم نقص الإمكانيات والموارد والظروف المخيفة، وقال أن المنظومة الصحية إبان الثورة كانت محكمة وبصرامة من طرف أفراد جيش وجبهة التحرير، وبفضل هذا تم في تلك الظروف الصعبة والخطيرة والحدود المراقبة والمغلقة، إجلاء العديد من المصابين للعلاج خارج الوطن وتقديم كل الخدمات الصحية الممكنة عبر مستشفيات متنقلة وبإمكانيات بسيطة جدا أجريت بها عمليات جراحية استعجالية.
وأضاف المتدخل، أن الصحة العسكرية انقسمت لمرحلتين حينها، الأولى من 1954 إلى 1956، والثانية من 1956 لغاية 1962، ففي المرحلة الأولى كانت المعاناة كبيرة بالنظر للنقص الفادح في الإطارات والإمكانيات وكان الاعتماد على العلاج التقليدي، مشيرا أن المرحلة الثانية جاءت بعد إضراب الطلبة في 19 ماي 1956 حيث التحق الكثيرون منهم بجبهة وجيش التحرير، وبعد مؤتمر الصومام تم التأسيس لمنظومة الصحة التي لم تقتصر على الجانب العسكري بل حتى المدنيين الذين كانت تتكفل بهم مجموعة ما يسمى "المرشدات".
وارتكزت المنظومة الصحية العسكرية قبل الاستقلال، يضيف ذات المتحدث، على المستشفيات الميدانية التي تقدم العلاجات الاستعجالية بكل أنواعها، ثم يتم إجلاء المصاب للمستشفى المخبأ الذي كان ينجز غير بعيد عن الميدان على شكل خنادق تحت الأرض مجهزة بمعدات طبية حسب الإمكانيات ولكن الأهم أنه عند استهداف المستعمر للمستشفى الميداني يكون المرضى في أمان، واستطرد العقيد بوسطيلة في شرحه التفصيلي للمنظومة الصحية إبان الثورة التحريرية أنها لم تغفل جانب تكوين المستخدمين من ممرضين ومساعدي تمريض عبر مراكز أنشأت لهذا الغرض عبر كل الولايات التاريخية، وكانت توجد أيضا مراكز للنقاهة.
وختم العقيد بوسطيلة مداخلته بالتفصيل في التحدي الذي واجهته الصحة العسكرية بعد الاستقلال، حيث كانت المستشفيات خالية من المستخدمين والأطباء، وهنا بدأ دور مصالح الصحة العسكرية التابعة للجيش الوطني الشعبي التي أعادت التنظيم الهيكلي للمصالح الصحية وخلقت هيئات استشفائية وأخرى للإسناد والتكوين، وأردف أنه حاليا يوجد عدة مؤسسات استشفائية عسكرية عبر الوطن كما أنه يوجد مستشفيات مزدوجة "عسكرية – مدنية" في بعض مناطق الوطن.
وخلال جولتنا عبر أجنحة المعارض التي أقيمت في ساحة المركز الجهوي الإقليمي للجيش، استوقفنا جناح المستشفى العسكري الميداني الذي يتم اللجوء إليه في حالات الكوارث والطوارئ، حيث تم خلال جائحة كورونا استعماله في منطقة الجلفة لمساعدة المرضى والتكفل بهم، كما سبقها عدة تدخلات خلال السنوات الماضية في ولايات أخرى، واللافت للانتباه هو أن المستشفى الميداني العسكري المجهز بأحدث المعدات الطبية والإمكانيات العلاجية للتدخل الاستعجالي، ترافقه حاليا سيارة إسعاف عسكرية من صنع جزائري وبخاصة جديدة تسمح بنقل عدد من المرضى فوق الحمالات وآخرين فوق كراسي طبية وغيرها من الخدمات الراقية التي تتوفر عليها هذه السيارة التي من شأنها ضمان أحسن نقل وتكفل بالمريض قبل وصوله للمستشفى الهيكلي، وتم وضع مجسم تعريفي للزوار وشرح مهام المستشفى العسكري بكل فروعه ومصالحه وخدماته في مختلف الظروف.
بن ودان خيرة

الرجوع إلى الأعلى