غيّر الثلث الأول من فعاليات النسخة 19 لألعاب البحر الأبيض المتوسط، المعالم الأساسية للخارطة الرياضة الجزائرية، وهذا إثر خروج بعض التخصصات من دائرة الظل، وخطفها مكانة في الأضواء، بحصد ميداليات كانت خارج التوقعات، ليكون إنجاز منتخب «الكاراتي» تاريخيا، بالتتويج باللقب، مع تحطيم الرقم القياسي المتوسطي من حيث عدد الميداليات المحرزة في دورة واحدة، بينما تحوّلت المصارعة إلى رياضية «ذهبية»، بعدما كانت في باقي المشاركات قد اكتفت بالفضة والبرونز، في الوقت الذي دخلت فيه الريشة الطائرة «اللائحة» بالذهب مباشرة، لترفع بذلك من عدد الاختصاصات التي منحت الرياضة الجزائرية ميداليات في العرس المتوسطي وصلت إلى16، من بينها 11 رصّعت السجل بالذهب.
وكتب منتخب الكاراتي صفحة جديدة في تاريخ المشاركة الجزائرية في دورات ألعاب البحر الأبيض المتوسط، لأن أكبر المتفائلين لم يكن يراهن على حصد 4 ذهبيات، لكن سلاح الإرادة مكّن من ظهور العناصر الوطنية في ثوب الأبطال، مما عبّد أمامهم الطريق نحو منصات التتويج، وجعل نشيد «قسما» يدوّي سماء «الباهية» في أجواء «خرافية»، خاصة منتخب السيدات، الذي ضرب موعدا مع التاريخ بفضل الشابتين سيليا ويكان ولويزة أبو ريش، من نادي فريحة بولاية تيزي وزو، إضافة إلى شيماء ميدي، وهو «الثلاثي» النسوي الذي بصم على انطلاقة «تاريخية» للرياضة الجزائرية في دورة وهران، بإحراز 3 ذهبيات في «أمسية» كانت من الذهب الخالص للكاراتي الجزائري، سيما وأن المصارع أسامة زايد سار على خطى زميلاته في المنتخب، واعتلى منصة التتويج.
الانجاز «المفاجئ» لمنتخب الكاراتي كاد أن يرتفع من الذهب، لولا فشل المصارع حسين دايخي في الدفاع عن تاجه المتوسطي، وقد اكتفى بالفضية، حاله حال علاء الدين سالمي، ومع ذلك فإن المشاركة الجزائرية في هذا الاختصاص سمحت بالبصم على حصيلة تاريخية، وذلك بالتتويج باللقب، وتحطيم الرقم القياسي المتوسطي، لأنها المرة الأولى التي ينجح فيها منتخب في حصد 6 ميداليات في نسخة واحدة، 4 منها ذهبية، في «عتبة» لن يكون من السهل بلوغها، لأنها تجاوزت حدود ما كان متوقعا، على اعتبار أنها ضاعفت في أمسية واحدة إجمالي ما حصدته الرياضة الجزائرية من الذهب في دورة تاراغونا 2018، لما كانت الجزائر قد اكتفت بذهبيتين فقط في تلك الطبعة، وكان لرياضة الكاراتي نصيب منها، بفضل المصارع دايخي.
الحصاد التاريخي للكاراتي الجزائري في هذه النسخة أعطى هذه الرياضة مكانة فوق «البوديوم»، ضمن لائحة الاختصاصات الأكثر إحرازا للذهب في تاريخ المشاركة الجزائرية في العرس المتوسطي، وذلك برفع الحصيلة «الاجمالية» للمصارعين الجزائريين على امتداد الدورات إلى 6 ذهبيات، مناصفة مع الجيدو والسباحة، وخلف ألعاب القوى والملاكمة، لأن الكاراتي كان قد توج بالذهب في دورة باري 1997، بفضل رضا بن قدور، والذهبية الثانية كانت في نسخة تاراغونا 2018 عن طريق حسين دايخي، لتكون سيليا ويكان أول مصارعة جزائرية تتوج بالذهب المتوسطي، وقد فتحت الشهية لزميلتيها أبو ريش وميدي لدخول التاريخ، والتساوي في الحصاد مع منتخب الرجال بثلاث ذهبيات لكل جنس، ويكون حصاد دورة وهران من الذهب مضاعفا لإجمالي ما تحصل عليه الكاراتي الجزائري في سابق الدورات.
سيد عزارة يدخل بالمصارعة الجزائرية اللائحة «الذهبية»
واللافت للانتباه أن حصاد المشاركة الجزائرية في الثلث الأول من نسخة وهران كان بفضل «البساط الذهبي»، لأن الانجاز غير المسبوق لرياضة الكاراتي امتد مفعوله ولو بدرجة أقل، إلى اختصاص المصارعة الإغريقو ـ رومانية، التي سجلت تواجدها بثلاثة رياضيين في الأدوار النهائية، لكن الذهب كان من نصيب بشير سيد عزارة، الذي أهدى الجزائر أول ذهبية في هذا الاختصاص، في تاريخ مشاركاتها في العرس المتوسطي.
انجاز سيد عزارة جعل المصارعة تدخل لائحة الرياضات «الذهبية» في سجل المشاركة الجزائرية، لأن حصيلة المشاركات السابقة اقتصرت على 3 فضيات و4 من البرونز، انطلاقا من فضية ياسين بن زايد في دورة أثينا 1991، مرورا ببرونزيتي محمد أنيس بن حمادي في نسختي باري 1997 وتونس 2001، وكذا محمد الزغبي في دورة تونس، وصولا إلى حصاد طبعة تاراغونا 2018، والذي كان ببرونزية وليد بوعبوب وفضيتي آدم بوجملين وبشير سيد عزارة، ولو أن هذا الأخير ضرب موعدا جديدا مع التحدي في وهران، بتحويل الفضية التي كانت قد أحرزها قبل 4 سنوات بالأراضي الإسبانية إلى المعدن الأصفر، في ذهبية تاريخية للمصارعة الجزائرية، مع حصول زميليه إسحاق غيو وعبد الكريم أوكالي على الفضة، وتخرج المشاركة الجزائرية من هذه الطبعة عبر أوسع الأبواب بفضل «البساط» الذهبي، وبخمس ميداليات مرصعة باللون الأصفر.
«ريشة» ذهبية تطير بالرياضة الجزائرية في سماء وهران
وفي سياق متصل، فإن أكبر المتفائلين في الوفد الجزائري لم يكن يتوقع نجاح منتخب الريشة الطائرة في حصد ولو ميدالية واحدة في هذه الدورة، لأن هذا النوع يبقى «مجهريا» في الخارطة الرياضية الوطنية، ونشاطه في الساحة الوطنية ظل محصورا في شريحة قليلة جدا من الممارسين، ومع ذلك فإن زوجي الرجال المتشكل من صبري مدال وكسيلة معمري، تمكن من استغلال فرصة استضافة وهران لفعاليات العرس المتوسطي لتحقيق انجاز غير مسبوق، بإهداء الجزائر أول ميدالية في تاريخ المنافسة، وقد شاءت الإرادة أن يدخل «البادمينتون» لائحة الميداليات الجزائرية بريشة ذهبية طارت في سماء «الباهية».    
قراءة: صالح فرطـاس

الرجوع إلى الأعلى