تعرف هذه الأيام عربات القطار إقبالا كبيرا من طرف المسافرين المتوجهين إلى الولايات الساحلية من أجل الاستجمام، فهذه الوسيلة التي شهدت عزوفا في الأعوام الأخيرة بعدما كانت تعتبر الأكثر استغلالا في سنوات الثمانينيات وبداية التسعينيات، تحولت في بداية صيف 2022 إلى مقصد للعائلات الراغبة في التمتع بالمناظر الطبيعية الخلابة وجمال البحر و الوصول بأمان. النصر رافقت المسافرين في رحلتي الذهاب والإياب على خط قسنطينة- سكيكدة، ورصدت ردود الأفعال وأبرز الدوافع التي جعلت من عربات القطار تمتلئ مجددا بمختلف الأعمار والمستويات الاجتماعية.

 روبورتاج: حاتم بن كحول

توجهنا باكرا نحو محطة القطار بحي باب القنطرة بقسنطينة، أين برمجت رحلة الذهاب إلى سكيكدة في حدود الساعة السادسة صباحا، ومع اقترابنا من نقطة الانطلاق لفتت انتباهنا عائلات كانت في طريقها سيرا على الأقدام نحو المحطة محملة بحقائب صغيرة وشمسيات وكراس بلاستيكية ومبردات المياه، رغم أن اليوم كان الأربعاء وليس عطلة نهاية الأسبوع.
دخلنا المحطة قبل السادسة أي لحظات قبل الانطلاقة، أين كان المسافرون يتجمعون داخل قاعات الانتظار، وكان عددهم حوالي 30 شخصا بين آباء وأطفال  تتراوح أعمارهم بين 4 إلى 10 سنوات، فيما كانت علامات اللهفة بادية على وجوه هؤلاء الصغار من أجل ركوب القطار، وظلوا يسيرون في اتجاه واحد ذهابا وإيابا بخطوات متسارعة وكأنهم يقولون «متى يصل القطار لقد طال الانتظار».
وما هي إلا ثوان حتى سمعنا صوت احتكاك عجلات القطار بالسكة الحديدية وهو يقترب شيئا فشيئا، ليتم فتح أبواب قاعة الانتظار ويغادر المنتظرون الواحد تلو الآخر، وكانت عملية الولوج صعبة بالنسبة للأطفال بسبب ارتفاع السلالم المؤدية إلى العربات، فيما كان أولياؤهم منشغلين بإدخال الكراسي والشمسيات بمساعدة أعوان الأمن وعاملين في المحطة، يقومون أيضا بتوجيه الركاب نحو العربة المناسبة.
ركبنا قطارا من الطراز القديم، بما أن «كوراديا» يخصص للمسافات الطويلة مثل خطوط تقرت - قسنطينة وعنابة - العاصمة، ويتكون قطار البحر من قاطرة أمامية وثلاث عربات بسعة 80 راكبا لكل منها، وبعد مرور دقائق قليلة، أطلق السائق صافرة الانطلاقة وهي إشارة للتحرك، ليقوم رئيس المحطة برفع لوحة مستطيلة الشكل بيضاء اللون، في إشارة إلى أنه لا يوجد مسافرون بصدد الركوب، لتنطلق الرحلة.
ورافقنا خلال الرحلة، نائب مدير المسافرين بالمديرية الجهوية لشركة النقل بالسكك الحديدية بقسنطينة، نبيل دعاس، ورئيس قسم بمديرية مصلحة الزبائن سيف الدين رياش، وكانت الانطلاقة منتعشة على غرار الجو المعتدل الذي ميز صباح ذلك اليوم، فيما كان القطار يسير بسرعة تقارب 60 كيلومترا في الساعة، وما هي إلا دقائق حتى وصلنا لمحطة بكيرة.
وعرفت هذه المحطة صعود عدد معتبر من المسافرين جلهم من الشباب، حيث كانوا يحملون حقائب صغيرة على ظهورهم ومناشف على أكتافهم، ومنهم من نزع قميصه مباشرة عند ولوج العربة. وكان في استقبال هؤلاء أعوان الأمن الذين قاموا مباشرة بتوجيههم نحو العربة المناسبة، خاصة وأنه خصصت عربات للعائلات وأخرى للشباب، وحرص الأعوان على غلق النوافذ محذرين الركاب من إمكانية تعرضها للرشق بالحجارة.
وعلمنا من نائب مدير المسافرين بالمديرية الجهوية، أن القطار المخصص عادة للتوجه نحو سكيكدة مزود بالمكيف والأضواء، إلا أن تزامن الرحلة مع أخرى في خط تقرت- قسنطينة، جعل من مصالحه تقرر تحويل القاطرة إلى تلك الوجهة بدلا من سكيكدة لأن المسافة أطول، موضحا بأن الفرق أن القاطرة الأخرى مزودة بالكهرباء ذات التوتر العالي، ما يتيح استعمال المكيف.
اقتربنا من بعض المسافرين، وبينهم كهل أوضح لنا أنه لم يسافر على متن القطار منذ أزيد من 5 سنوات، ولكنه اتفق مع صديق له، على التوجه نحو شواطئ سكيكدة على متن هذه الوسيلة، بعد تغيير موعد انطلاقة الرحلات وتحويلها للفترة الصباحية من قسنطينة عوض المساء.

وأكد محدثنا أنه فضل القطار من أجل خوض مغامرة جديدة مع أبنائه الذين لم يسبق لهم ركوبه، وإتاحة فرصة الاستمتاع بالمناظر الطبيعية، وكذا تغيير وسيلة النقل المتعود عليها والمتمثلة في الحافلات أو سيارات الأجرة، مضيفا أنه من بين الأسباب أيضا هو السعر الرمزي المعتمد والذي يبلغ 100 دينار فيما يسافر الأطفال الأقل من 12 سنة مجانا، كما تحدث عن تفادي الازدحام المروري الخانق في المحاور الحيوية بقسنطينة وسكيكدة، ناهيك عن السفر براحة وسط تلك المساحات الواسعة.
وقال الابن الذي يبلغ من العمر 8 سنوات، أنه أعجب كثيرا بركوب القطار بعد دقائق من الانطلاقة، حيث كان يحدثنا دون أن تفارق عيناه النافذة المقابلة له، منشغلا بمشاهدة تلك المناظر الجميلة، كما هو الحال مع شقيقه الأصغر الذي بدت عليه علامات الفرحة.
كهل يعود لركوب القطار بعد 24 سنة
وقال متقاعد إنه جد سعيد بالسفر مجددا عبر القطار الذي لم يركبه منذ سنة 1998، عندما كان شابا، وأضاف أنه فضل نقل أطفاله الثلاثة إلى الشاطئ على متنه رغم امتلاكه لسيارة، من أجل تعريفهم بهذه الوسيلة التي لم يسبق لهم السفر عبرها، مضيفا أن القطار آمن مقارنة بالسيارات والحافلات خاصة في ظل ارتفاع عدد حوادث المرور، أما بخصوص استغراق الرحلة لوقت طويل مقارنة بوسائل النقل الأخرى، علق قائلا «أنا من عشاق السفر عبر القطار، وحتى إن استغرق ذلك وقتا، فإني أستمتع طيلة جلوسي داخل العربة، لأني جئت خصيصا للاستمتاع».  
توجهنا بعدها إلى عربة الشباب، لنصادف في طريقنا 3 شبان في العشرينات من أعمارهم، حيث كانوا جالسين في هدوء يضعون سماعات وهم يستمتعون بالمناظر الطبيعية، وأكد أحدهم أنه لم يسافر على متن القطار منذ أن كان طفلا صغيرا، ولكنه أعجب كثيرا بالتطور الذي لاحظه داخل العربات من كراسي ونظافة المحيط، مؤكدا أنه سيعيد السفر على متنه في المرات القادمة.
كما قال شاب آخر، كان يجالس عددا من أصدقائه يتبادلون أطراف الحديث إنه يسافر لأول مرة في القطار، حيث قال «اتفقت على السفر في القطار نحو شواطئ سكيكدة، بعد أيام عشنا خلالها ضغوطا نفسية رهيبة، اجتزنا فيها شهادة البكالوريا في تخصص تسيير واقتصاد»، وتابع الشاب بأنه لم يجد أفضل من هذه الفكرة من أجل الترويح عن نفسه، مؤكدا أن عددا من زملائه في ثانوية الأخوين لكحل بحي الأمير عبد القادر، شاركوه هذه الفكرة، واتفقوا على إعادة الرحلة في قادم الأيام.
أولياء يكافئون أبناءهم الناجحين برحلة مختلفة
من جهته، قال مراد وهو خمسيني يقطن في بلدية عين عبيد إنه يفضل السفر على متن القطار، بسبب مساحته الواسعة، كما اعتبره أكثر أمانا من الحافلات والسيارات، خاصة مع تزايد عدد حوادث المرور.
كما أوضح المتحدث أنه قرر السفر رفقة أبنائه الثلاثة على متن القطار، كمكافأة لهم على نجاحهم في الموسم الدراسي، وذكر أنه اختار رحلة سكيكدة هذه المرة، فيما سيتوجه نحو شواطئ جيجل في المرة القادمة.
وأضاف المسافر، أنه يتمنى فتح خطوط جديدة نحو ولايات أخرى مثل قالمة، من أجل إتاحة فرصة زيارة الحمامات المعدنية، فيما أكد أن عدد سكان مناطق بونوارة وعين عبيد و وادي زناتي كبير ويمكن لشركة السكك الحديدية الاستثمار في نقلهم من وإلى مدينة قسنطينة. وأكد جل من تحدثنا إليهم، أنهم يفضلون الاستجمام في شاطئ «سطورة» القريب من محطة القطار، واجمعوا أنهم سيزورون شواطئ أخرى بولاية سكيكدة مستقبلا.
توقف القطار في محطة ديدوش مراد، وكان جل الراكبين من العائلات، حيث بدأت الأماكن تنفد وخاصة في العربة المخصصة للأسر، لنصادف السيد يوسف الذي كان رفقة زوجته وأطفاله الثلاثة وهو يختار مكانا للجلوس، بعد وضع بعض المستلزمات في مكانها على غرار الشمسية.
تجنّب حوادث المرور
وقال يوسف إنه تعود على السفر على متن القطار دون انقطاع منذ تسعينيات القرن الماضي، موضحا أنه يعتبره أفضل وسيلة نقل، معللا ذلك بأن الظروف مثالية وتحسنت كثيرا رغم أن التنقل عبر القطار قبل أزيد من 20 سنة كان مقبولا أيضا، وأضاف «تعودت على السفر رفقة أولادي الأربعة وزوجتي على متن القطار. أخشى السفر رفقة العائلة في الحافلة. أعتبره وسيلة النقل المفضلة، خاصة وأنني أقطن على بعد أمتار من محطة ديدوش مراد، وحاليا أتنقل عبره كل يوم أربعاء أو ثلاثاء نحو الشواطئ».
ورغم ذلك، طرح يوسف بعض النقائص وأبرزها حالة محطة القطار بديدوش مراد التي لا تتوفر حسبه على مراحيض ولا على مياه، كما أن قاعة الانتظار غير مناسبة بسبب الكراسي المتسخة والروائح الكريهة، مضيفا أن القطار يتأخر أحيانا عن الموعد المحدد لفترة طويلة، فيما قال كهل آخر، وهو موظف متقاعد، إنه يملك سيارة لكنه يفضل السفر في القطار، موضحا أنه سيقضي كل الصيف في التوجه للبحر على متنه.
أثناء محاورة بعض الركاب تفاجأنا بظلام حالك داخل العربات، لنعلم أننا دخلنا وسط نفق، ليتفاعل الأطفال والشباب مع الظلام بالصراخ والتصفير محدثين أجواء مرحة. توقفنا للحظات من أجل الاستمتاع بالمناظر الطبيعية الخلابة المرسومة خلف النوافذ، وزادت من جمالها الجبال الشاهقة و اخضرار المساحات، إضافة إلى حقول ومزارع تزينها أشجار مثمرة غرست في شكل مستقيم على أراضي شاسعة أشكالا هندسية جميلة ومتناسقة.
كما وقفنا على منظر فريد لنفق من الأشجار يتوغل داخله القطار، محدثا شكلا نصف دائري تَشكل على هيكل القاطرة نتيجة التصادم في كل مرة يمر بها من تلك المنطقة. وسط تلك المناظر الطبيعية الجميلة، شاهدنا نساء مسنات يعملن في الحقول تحت أشعة الشمس، كما انتشرت أكوام من القمامة على مسار السكة.  
وخلال جولة قمنا بها داخل العربات، وقفنا على تصرفات غير لائقة يقوم بها بعض الشباب الرافعين أقدامهم في المقاعد المقابلة، فيما كان البعض منهم مستلقيا على منشفة بالأرض، رغم شغور المقاعد، كما تتعالى أصوات الأغاني ممزوجة بقهقهات وسط دخان كثيف جراء تدخين السجائر، وهو ما جعل أعوان الأمن يقومون بالتدخل في كل مرة من أجل إعادة الأمور إلى نصابها.
الرشق بالحجارة.. نقطة سوداء يرويها عون أمن بمرارة
وتواصَل صعود المسافرين وزاد عددهم بعد مرور القطار على عدة محطات على غرار زيغود يوسف وعين بوزيان، ليقوم أعوان الأمن بانتظار الركاب عند المدخل من أجل توجيههم مباشرة إلى العربة المناسبة، لنستغل الفرصة من أجل فتح الحوار مع عون يعمل في تأمين العربات منذ أزيد من 11 سنة.
وقال المتحدث إنه طيلة هذه السنوات، وقف على عدة حوادث وتجاوزات بقيت راسخة في ذهنه، مسترجعا ذكريات سرقة حقيبة يد لعجوز، من طرف أحد الشباب، والذي بعد مطاردة طويلة تمكن من توقيفه، لكن السارق قام برمي الحقيبة خارج القطار على أن يعود لاسترجاعها لاحقا، وأوضح أنه سلم اللص إلى رجال الشرطة في المحطة الموالية.
كما استذكر المتحدث حادثة إصابة رضيع على مستوى العين بحجر بعد رشقه من طرف شباب خارج القطار، أين كانت حالته جد خطيرة وتم استدعاء أعوان الحماية المدنية في المحطة الموالية من أجل نقله على جناح السرعة إلى المستشفى، موضحا أنه وبقية زملائه يتدخلون للقيام بإسعافات أولية في الحالات البسيطة.
عون الأمن عايش أيضا حوادث مرور خطيرة تتمثل في دهس أشخاص ومركبات، خاصة في تقاطعات السكة مع الطرق بالموزينة وصالح دراجي في بلدية الخروب، فيما أكد أن أبرز التدخلات تتمثل في الشجار بين المسافرين أو وضع حد لتصرفات المراهقين، أما عن التهرب في استظهار تذكرة الركوب فقد أصبح، بحسبه، من الماضي خاصة وأن الثمن رمزي ولا يتجاوز 100 دينار.
ويستذكر محدثنا واقعة حدثت قبل نحو سنتين، أين كان فريقان من الشباب يمارسون كرة القدم، ولكن بمجرد رؤيتهم للقطار، أوقفوا المقابلة وقاموا برشق العربات، ليستأنفوا اللقاء بعد تحرك القطار وهو ما أثار دهشته، وأضاف أنه وقف في بعض الحالات أن بعض الراكبين ومباشرة عند نزولهم يقومون برشق الوسيلة التي أقلتهم لعشرات الكيلومترات. وعادة ما يبدأ الرشق بعد الساعة العاشرة صباحا، وغالبا ما يكون في الفترة المسائية وخاصة في يومي العطلة الأسبوعية، يقول عون الأمن.
خلال تبادلنا الحديث مع عون الأمن، كان القطار يتوقف لمدة قصيرة بين كل محطة وأخرى، إلا أنه أحيانا يطيل الانتظار لتواجد قطار آخر في نفس المحطة، وخاصة في بعض الأجزاء التي تتوفر على خط واحد غير مزدوج، حيث وصلت مدة الانتظار لحوالي 20 دقيقة.

تواصلت الحركة داخل العربات شبه الممتلئة بالمسافرين، بينما كان الركاب يتبادلون أطراف الحديث في مواضيع مختلفة. وفي حدود الساعة السابعة والنصف صباحا وصلنا إلى ولاية سكيكدة وتحديدا إلى محطة عين بوزيان، لنستفسر نائب مدير المسافرين، عن سبب استعمال سرعة ضعيفة، حيث أوضح أنه غالبا ما تستقر عند 80 كلم في الساعة ولكن في المسافات الطويلة تصل إلى 120 كلم في الساعة.
واختلفت حالة السكة مع دخول ولاية سكيكدة، ليعلمنا مرافقنا أنها تخضع لأشغال إعادة تهيئة بسبب كثرة استغلالها من طرف عربات نقل السلع، ويتم حاليا استغلال سكة واحدة عوض اثنتين، وقد كانت العربات تهتز من الحين والآخر لدى المرور على المرتفعات والمنخفضات التي تميز الطبيعة الجغرافية لسكيكدة.
مناظر طبيعية خلابة
وأثناء الجولة داخل العربات، صادفنا عاملا بمديرية المنشآت القاعدية، كان يقوم بمراقبة السكة ثم اتصل بمصلحة الصيانة من أجل التدخل السريع لإصلاح الخلل، وتحديد المكان عبر مربعات إسمنتية عليها عدد الكيلومترات مرفوقة بأرقام تكشف كل جزء.
مر الوقت سريعا و بلغ الساعة الثامنة صباحا أين ارتفعت درجات الحرارة، في انعدام مكيف الهواء، وفي نفس الوقت يستحسن عدم فتح النوافذ تفاديا للرشق بالحجارة، ما جعل البعض يتصبب عرقا، فيما كانت هناك نوافذ غير مزودة بالستائر ما استدعى جلوس بعض المسافرين أرضا بحثا عن الظل.
وقفنا على مناظر أخرى جميلة في منطقة حمادي كرومة وصولا إلى رمضان جمال، ويتعلق الأمر ببساتين ومساحات مزينة بأشجار مثمرة مثل التين الشوكي، فيما رميت في منطقة سحقي كميات من القمامة والردوم القريبة من السكة، كما شاهدنا جدارا إسمنتيا بالقرب من السكة، يتوجه نحوه السائق من أجل الاصطدام عند عدم اشتغال المكابح تفاديا لوقوع حوادث مرور مروعة.
رحلات تتأخر بسبب سرقة كوابل
بعد رحلة دامت لثلاث ساعات، وتحديدا عند التاسعة صباحا وصلنا إلى محطة القطار بولاية سكيكدة، ليسارع الركاب وخاصة الأطفال للنزول متلهفين للوصول إلى الشاطئ والشروع في السباحة على بعد عشرات الأمتار، فيما صادفنا محطة حافلات مباشرة عند مخرج محطة القطار، وكانت مقصدا لبعض الركاب الراغبين في الاستجمام بشواطئ «جوندارك».
توجهنا بعدها إلى مدير التحركات على مستوى سكك ولاية سكيكدة، حيث ذكر أن المحطة مربوطة بميناء سكيكدة لتسهيل عملية نقل البضائع والسلع إلى محطة القطار مباشرة، فيما لاحظنا أن المكان كان يخضع لإعادة تهيئة، خاصة وأنه منجز في ثلاثينيات القرن الماضي ويعد من أقدم المحطات على المستوى الوطني. وأكد رئيس دائرة تحركات ولاية سكيكدة، رياض بوستة، أن العربات والمحطة تتعرض يوميا لسرقة الكوابل النحاسية وحتى السكك الحديدية، موضحا أن الظاهرة تفشت كثيرا في الآونة الأخيرة، رغم تخصيص أعوان أمن، وهو ما يكبد مصالحه خسائر مادية معتبرة، خاصة وأن العربات تصبح غير صالحة للاستغلال بعد السرقة وبسببها تتأجل انطلاقة بعض الرحلات لمدة تتراوح ما بين 4 إلى 5 ساعات. وكانت رحلة العودة أقل هدوءا خاصة وأن الركاب استسلموا للنوم، فيما تغير لون بشرتهم المحمرة المائلة للسمرة، وكان عددهم أكبر بكثير من رحلة الذهاب، لأن المسافرين كانوا ينزلون تباعا في المحطات التابعة لولاية سكيكدة ثم قسنطينة، فيما تنقلوا بوسائلهم الخاصة في سفرية الذهاب.
ح.ب

الرجوع إلى الأعلى