مرت أمس، أربع سنوات كاملة على تعيين جمال بلماضي مدربا للمنتخب الوطني، وهو الذي أمضى عقده بتاريخ 2 أوت 2018 مع الرئيس السابق خير الدين زطشي، الذي سطر معه عديد الأهداف، حيث نجح في تحقيق البعض منها بينما فشل في أخرى، ولو أن مسيرته في المجمل العام يمكن وصفها بالمتميزة لعديد الاعتبارات، أبرزها الفوز بلقب كأس أمم إفريقيا 2019، بالموازاة مع احتفاظه بمنصبه كناخب وطني لفترة طويلة، في سابقة من نوعها بالنسبة للكرة الجزائرية، المعروفة باستقالة أو إقالة المدربين الوطنيين بعد فترة وجيزة، بدليل ما حدث مع كل من رابح ماجر ولوكاس ألكاراز وجورج ليكنس.
بلماضي الذي كان الجميع يخشى مغادرته العارضة الفنية للخضر في الأشهر القليلة الماضية، عقب الفشل في التأهل لمونديال قطر 2022، بعد السقوط المفاجئ أمام منتخب الكاميرون بملعب مصطفى تشاكر بالبليدة، في إياب الدور الفاصل، يعتبر أول مدرب في تاريخ الجزائر يصمد في منصبه 48 شهرا، ولو أن استمراره كل هذه الفترة يعود إلى نتائجه الباهرة في السنوات الثلاث الأولى، أين حقق التقني المغترب نجاحات تاريخية وأرقاما مذهلة، أبرزها على الإطلاق تربعه على عرش القارة السمراء، بنيله الكأس الغالية عام 2019 بمصر، في إنجاز فريد من نوعه بالنسبة للكرة الجزائرية، العاجزة عن الفوز ب»الكان» منذ عام 1990، كما أن المسيرة المظفرة والرائعة التي بصم عليها صاحب 46 عاما مع المنتخب الوطني على مدار السنوات الماضية، بالوصول إلى 35 مباراة متتالية دون انهزام، مع تحطيم الرقم القياسي الإفريقي، والاقتراب من تحطيم الرقم العالمي، زاد من شعبيته لدى الجماهير الجزائرية التي ظلت تنادي بتمديد عقده أربع سنوات أخرى، وهو ما سيدخله التاريخ من أوسع الأبواب، كونه سيكون في خانة أكثر المدربين صمودا في القارة السمراء وليس الجزائر فقط.
ويعتبر وحيد حاليلوزيتش المدرب الوحيد الذي أنهى مدة عقده، وحافظ على منصبه طيلة 3 سنوات، بفضل النتائج التي حققها، حيث كان رئيس الفاف الأسبق محمد روراوة يسعى لتمديد عقد المدرب البوسني إلى غاية مونديال 2018، مع تسطير جملة من الأهداف ترتكز بالأساس على البحث عن لقب قاري في دورتي 2015 و2017، غير أن حاليلوزيتش فضل الانسحاب، رغم إنجازه المتمثل في العبور مع المنتخب الأول لأول مرة في التاريخ إلى الدور الثاني من المونديال.
وفشل روراوة في تجسيد برنامج العمل الذي كان يطمح إليه والرامي إلى ضمان الاستقرار على مستوى العارضة الفنية، بدليل تولي 10 أسماء مهمة تدريب الخضر في عهداته، رغم النجاحات التي حققها هذا الرجل منذ توليه رئاسة الفاف.
 وأصبح حاليلوزيتش التقني الأجنبي الذي أشرف على تدريب النخبة الوطنية لأطول فترة ممكنة، لأن تواجده مع المنتخب دام 1092 يوما، متجاوزا بذلك عهدة الفرنسي لوسيان لوديك، الذي كان أول مدرب أجنبي يقود المنتخب، وقضى في عمله 820 يوما في الفترة الممتدة ما بين نوفمبر 1966 وجانفي 1969.
وبالعودة إلى التاريخ نجد، أن حاليلوزيتش هو أنجح مدرب أجنبي ضمن اللائحة التي تضم 10 أسماء، كما أن المدرسة الفرنسية تمكنت من وضع بصمتها على نتائج المنتخب، رغم أن روراوة كان في عهدته الأولى التي امتدت من نوفمبر 2001 على غاية جانفي 2006 قد راهن على الهندسة البلجيكية، وذلك باستقدامه كل من جورج لينكس ثم روبير واسيج، ولكن هذه التجربة كانت فاشلة، بدليل أن كل مدرب لم يعمر أكثر من 7 أشهر، والملفت للانتباه أن روراوة كان في تلك الفترة قد فشل في ضمان الإستقرار على مستوى العارضة الفنية للنخبة الوطنية، بتعاقب 7 مدربين على قيادة الخضر.
وإن كان الجميع يشهد على النتائج الباهرة لبلماضي الذي لم يتذوق طعم الهزيمة مع المنتخب خلال السنوات الثلاث الأولى سوى في مناسبة وحيدة كانت أمام منتخب البنين بالعاصمة كوتونو، فإن هناك إجماعا على الفترة العصيبة التي عاشها هذا المدرب في السنة الأخيرة، بعد ضياع حلم التأهل لمونديال قطر الذي كان الهدف الأسمى بالنسبة له، مع تسجيل مشاركة كارثية في كأس أمم إفريقيا بالكاميرون، بتوديع المنافسة من الدور الأول، وإن كانت هذه «العثرات» لم تنقص من قيمته لدى المسؤولين على شؤون الرياضة الجزائرية وحتى الجماهير، التي ظلت تصر على بقائه إلى غاية موافقته، حيث باشر العمل من جديد، بحثا عن تألق آخر، في انتظار التوقيع على عقد جديد لأربع سنوات مع الرئيس الجديد  (إلى غاية مونديال 2026)، وهو ما قد يضع بلماضي في خانة الأساطير، خاصة إذا ما نجح في التتويج مجددا بالكان، ولم لا المشاركة في نهائيات كأس العالم، التي تبقى حلمه الأكبر، وهو الذي لم يخضها كلاعب مع المنتخب. جدير بالذكر، أن الناخب الوطني، المتوج بلقب أفضل مدرب في القارة السمراء عام 2019، يرفض الاستسلام وعازم على تكرار إنجازاته السابقة مع المنتخب، ويكفي أنه يسير في الطريق الصحيح، بعد فوزه بلقاءاته الثلاثة في آخر معسكر تحضيري، وهذا عقب الإطاحة بكل من أوغندا وتنزانيا وإيران.
سمير. ك

الرجوع إلى الأعلى