شدد أمس، أساتذة من المدرسة العليا للأساتذة بقسنطينة، وممثلون عن مديرية التربية، على ضرورة توظيف التكنولوجيا الحديثة بشكل أكبر في العملية التعليمية خلال جميع مسارات التكوين في التخصصات الجامعية، من أجل تحقيق جودة التعليم العالي  وتمكين  الطلبة  من الحصول على الخدمات التعليمية  التي تقدمها مؤسسات التعليم العالي بشكل فوري.
و اقترح المتدخلون في لقاء علمي حمل عنوان «مقهى الأعمال» احتضنته المدرسة وجاء تحت شعار «التكنولوجيا الحديثة في خدمة التعليم»، ربط التكوين في الرياضيات بالذكاء الاصطناعي، واستخدامه في حل المعادلات الصعبة وأوضح أستاذ الفيزياء  ومدير  مركز المقاولاتية بالمدرسة عبد الله جلال، أن  توظيف الذكاء الاصطناعي لتعليم الطلبة وتحسين نتائجهم مهم جدا على المستوى الأكاديمي، فضلا عن أنه يساعد على إنشاء نظام تعليمي أكثر فعالية وكفاءة وذلك لكون التقنية عبارة عن نظام ناتج عن تطوير علوم الحاسوب و البرمجيات، يهدف إلى برمجة آلات قادرة على محاكاة الأداء البشري بعد تزويدها بالبيانات.
من جهتها، أوضحت أستاذة اللغة العربية بالمدرسة، الدكتورة مريم بوزرادة، بأن اعتماد الجامعات الجزائرية على  التطبيقات المستندة إلى الذكاء الاصطناعي سيوفر فرصا للطلاب للدراسة في الأوقات التي تناسبهم، وتمكنهم من الحصول على تعليقات من المعلمين في أوقات  مختلفة من النهار.
وذكرت الأستاذة، بأنها وظفت تكوينها في مجال الذكاء الاصطناعي والإعلام الآلي، في تطوير برنامج ذكي لفائدة طلبتها، يوفر لهم كل ما يحتاجونه من قصص رقمية تفاعلية و مراجع خاصة و دروس القراءة  وما إلى ذلك.
وترى بوزرادة، بأنه لا يمكن فصل  الذكاء الاصطناعي عن التخصصات الجامعية، لأهميته العلمية والعملية على حد سواء، مؤكدة بأن برامج الذكاء الاصطناعي المستخدمة في قطاع التعليم وفرت خيارات متنوعة   ومزايا  متعددة  تلبي احتياجات الطالب الجامعي، وتكيف له الحلول  كما يريدها، وتقدم له مواد تعليمية بناء على نقاط ضعفه.
وقالت، بأن الذكاء الاصطناعي أحدث ثورة كبيرة في مجال التعليم ، وبالأخص بعد  التغيير  الذي مس  طريقة التعلم والتعليم التي يعتمد عليها الطالب والأستاذ معا، مشيرة إلى أنه ومع استمرار التطور التكنولوجي من المرجح أن يصبح استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم أكثر انتشارا وتطورا  في جميع  بلدان العالم بما في ذلك الجزائر.
وأكد الدكتور نذير طيار، من قسم الرياضيات بكلية العلوم الدقيقة بجامعة منتوري قسنطينة1، أن التطورات الجديدة  التي مست فرع الرياضيات مثل التعلم العميق والشبكات العصبية، صارت  تتماشى و التطورات الحديثة في مجال الذكاء الاصطناعي، وذلك من خلال منح الباحثين  والممارسين إمكانية فهم وإتقان مفاهيم الرياضيات وأساليبها الجديدة وكيفية تطويرها وتطبيقها على المشكلات المعقدة.
وأوضح، أن الرياضيات وفرت الأسس النظرية اللازمة لفهم الخوارزميات والنماذج المستخدمة في الذكاء الاصطناعي، وتعد مجالات مثل الجبر الخطي وحساب التفاضل والتكامل والاحتمالات والإحصائيات ضرورية لفهم المفاهيم الأساسية في التعلم الآلي والأمثلة والتقنيات الأخرى المستخدمة في الذكاء الاصطناعي.
وتسمح الرياضيات للباحث بحسب المتحدث، في نمذجة المشكلات المعقدة باستخدام المعادلات والرسوم  البيانية و البنى الرياضية الأخرى، حيث تساعد هذه النماذج المجردة في تمثيل مشكلات العالم الحقيقي في مجال الذكاء الاصطناعي وحلها.
وأضاف طيار، أن الرياضيات تستخدم في تطوير وتحليل خوارزميات التعلم الآلي وتقنيات الذكاء الاصطناعي الأخرى، ويعد فهم المفاهيم الرياضية مثل دوال التفعيل و التدرجات والأمثلة وتقنيات تقليل الأبعاد  أمرا بالغ الأهمية لتنفيذ  نماذج الذكاء الاصطناعي وتحسينها.
كما وفرت الرياضيات أدوات لتفسير نتائج نماذج الذكاء الاصطناعي، فعلى سبيل المثال، يتيح استخدام الإحصائيات تقييم الأداء النموذجي وقياس الأخطاء واتخاذ القرارات المستنيرة بشأن تعديل النماذج وتحسينها كما أوضح.
وذكر الباحث، نماذج من الرياضيات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي، على غرار الجبر  الخطي، بحيث تعرض  جميع البيانات المضمنة في الذكاء الاصطناعي على شكل مصفوفات يقوم الذكاء الاصطناعي بإجراء حساباته انطلاقا منها، مضيفا بأنه عند التعامل مع الذكاء  الاصطناعي، هناك دائما قدر كبير من عدم اليقين، لأن كل ما تفعله التقنية هو الاعتماد على الاحتمالات،  لذلك يجب على الباحثين حسبه، أن يدققوا جيدا ويختاروا الأرجح بين النتائج.
وأشار المتحدث في سياق متصل، إلى أن الذكاء  الاصطناعي يعتمد  بشكل جوهري على كمية كبيرة من البيانات، من أجل اختيار المعلومات الأكثر فائدة، وذلك بعد أن يقوم المهندسون بإجراء التحليل الإحصائي في شكل دراسات إحصائية وصفية أو استنتاجية، مؤكدا بأن خوارزميات الذكاء الاصطناعي  في الواقع ليست أكثر من سلسلة من الحسابات المعقدة التي تأخذ شكل دوال رياضياتية، متدرجة عن الأمثلة أو التكلفة.   
                                                     لينة دلول

الرجوع إلى الأعلى