إقبال كبير على معرض الكتاب، الكتاب الديني في المقدمة، تقدم الكتب السياسية والتاريخية وتراجع الرواية
يسجل الصالون الدولي للكتاب في طبعته 20 بالجزائر، غزوا بشريا منقطع النظير، يجمع المشاركون فيه على أنه تمكن من إحياء القراءة التي يزداد الإقبال عليها من طبعة إلى أخرى، غير أنهم يؤكدون التفوق العددي للنساء حضوريا على الرجال، في ظل مواصلة الكتاب الديني للتقدم، و تراجع يوصف بالكبير للرواية.
قراءات عديدة يمكن للزائر لسيلا 2015 الذي يحتضنه قصر المعارض الصنوبر البحري من 29 أكتوبر و إلى غاية 7 من نوفمبر الجاري أن يتأكد منها، بداية بذلك الزحف البشري الكبير الذي يشهده منذ افتتاحه في اليوم الأول، أين يؤكد المشاركون على أن الآلاف يزورون الصالون يوميا، و تسببوا في خلط النهار بالليل نتيجة إقبال لا يحكمه لا الوقت و لا المكان بفعل مواطنين قدموا من مختلف ربوع الوطن بحسب ما تؤكده أرقام ألواح السيارات المركونة بالقرب من القصر.
النساء الأكثـر زيارة لسيلا 2015
يسجل الصالون الدولي للكتاب و في مختلف طبعاته إقبالا منقطع النظير لزائرين يحضرون من مختلف أرجاء الوطن، ما لمسناه في أولى أيام الصالون التي جعلت الدخول إليه و إيجاد مكان لركن السيارة أمرا صعبا للغاية يستغرق ساعة أو ساعتين قبل المكن من زيارة أجنحته التي يغزوها الآلاف بين رجال، نساء و أطفال تمكنوا من الاطلاع على جديد الكتاب في عطلة نهاية الأسبوع.
و مع كل هذه الأعداد، لفت انتباهنا و كذا انتباه بعض العارضين أن الجنس اللطيف قد تغلب هذه المرة على الرجال عدديا، ما تعكسه الأعداد الهائلة للنساء بين شابات، أمهات و حتى جدات كن من زوار معرض لأجل اقتناء الكتب لهن و لأبنائهن مثلما تقول احدى السيدات.
و قال الأستاذ طارق معارك صاحب دار نشر الأجواد المصرية، أن النساء الأكثر زيارة بما يقارب 62 في المائة من إجمالي الزائرين، فيما أرجع بعض المواطنين ذلك إلى اهتمام الأم بدراسة أبنائها و حرصها أكثر من الأب باقتناء كتب مفيدة و تعليمية، فضلا عن بعض النساء اللائي تعشقن القراءة و إن تقدمن في السن، و حتى إن لم يكن ذلك من أجل الدراسة.
الكتاب الديني يواصل الريادة في صالون الكتاب
لا يختلف اثنان، على أن أعلى نسبة إقبال بالصالون الدولي للكتاب في طبعته 20 تعود للكتاب الديني، ما تعكسه تلك الحشود التي تجعل الدخول إلى الأجنحة المتخصصة في هذا النوع من الكتب أمرا مستحيلا، واقع يؤكده الزوار ممن تحدثنا إليهم، و كذا أصحاب دور النشر، مثلما يقول المدير العام لمؤسسة الأجواد لتجارة الورق و النشر و التوزيع بمصر طارق معارك، و الذي أكد أنه و خلال الطبعات الأخيرة، يسجل الكتاب الديني أعلى المبيعات، ككتاب النبوة، الرحيق المختوم، رياض الصالحين و غيرها من الكتب القديمة.
و من غير الممكن ألا تلاحظ الزوار و هم يخرجون من أجنحة الكتب الدينية حاملين أكياسا كبيرة لمجموعات كثيرة من الكتب، تجعلك تعتقد أنها لأجل إعادة بيعها، غير أن أحد البائعين أكد لنا أنها مجموعات تحمل كتبا كثيرة ككتب السيرة النبوية مثلا.
تخفيضات و عروض مغرية
يبدو أن امتيازات المعرض خرجت عن كونها بأسعار معقولة نظرا لبيعها من المنتج إلى الزبون مباشرة، حيث راح اصحاب دور النشر للتقدم أكثر من ذلك في عروضهم المغرية التي تسيل لعاب عشاق القراءة، فعلقوا لا فتات تحمل كلمة تخفيضات، فيما قدمت عروض مغرية مثلا شراء 3 كتب و الرابع مجانا، فضلا عن اعلانات لبيع مجموعات من الكتب الخاصة بأسعار جديدة عوض القديمة.
و بينما نحن في جولة بين أجنحة المعرض، لاحضنا بعض دور النشر المتخصصة في الكتاب الديني، تعلق لافتات تحمل عبارة «تخفيضات خاصة بالمساجد»، أين أكد صاحب أحدى هذه الدور، أن العرض يتعلق بالمصاحف التي خصت بتخفيضات مغرية، مع تقديم مجموعة كهدايا، فضلا عن عرضو أخرى مميزة جعلت من الإقبال يتزايد على هذه الأجنحة.
كتب التنمية البشرية...وجهة الأولياء الجديدة بحثا عن التفوق و النجاح
لم نتعود في الطبعات السابقة لمعرض الكتاب على تخصيص أجنحة للمواضيع الجديدة، أمر بات اليوم واقعا بالنظر إلى بعض الأجنحة المتعلقة بكتب التنمية البشرية، حيث و على الرغم من صغر المساحات التي خصصت لها بالمعرض، إلا أن أصحابها حملوا معهم كما هائلا من الكتب التي تحمل عناوين براقة كـ»حقق نجاحك»، «أسرار النجاح»، «مدرسة الحياة» و غيرها من العناوين التي شدت أنظار المتتبعين.
و أكد ممثل دار أبو الأنوار للنشر، أن مشاركتهم تعد الثانية بهذه المجموعات من كتب التنمية البشرية، و التي يؤكد بأنه و رغم أسعارها المرتفعة التي تجعل الإٌقبال عليها قليلا، إلا أنها تعرف رواجا في السنوات الأخيرة خاصة من قبل الآباء و الأمهات الذين عجزوا عن مواجهة مشاكل و فشل أبنائهم بالطرق الكلاسيكية، فتوجوا إليها للتوصل إلى حلول.
و يضيف محدثنا بأن ثمة إقبال عليها من نوع آخر، و يتعلق بأشخاص يتابعون ما يقدمه أخصائيو التنمية البشرية بالعالم العربي، و هم الذين تقدم أعمالهم في شكل سلسلات يحرص المتتبعون على جمعها كاملة و متابعة الجديد منها في كل مرة، كسلسة طارق سويدان و غيره.
الأطفال الأوفر حظا في سيلا 2015
يعكس التنظيم المحكم للصالون الدولي للكتاب في طبعته الـ20، مدى الخبرة التي اكتسبها المنظمون، أمر تؤكده دور النشر المشاركة، خاصة المنتجة للأعمال المتعلقة بالطفل، حيث يقول ممثلو دار الأقصى للنشر الجزائرية أن تخصيص جناح بأكمله لكتاب الطفل، يعد نجاحا و يخدم الصالون و الطفل معا، ما جعل التنقل بين الأجنحة أمر سهل و يمكن من الاطلاع على جميع المعروضات.
أما عن الكتب الأكثر طلبا بالنسبة للأطفال، فأكد بعض من تحدثا إليهم على أن الطلب يزيد على الكتب المدرسية خاصة في مادة الرياضيات، فضلا عن الطلبات الكبيرة على الكتب و الأٌقراص المضغوطة التي تلقن اللغة الفرنسية، فجل الأمهات و الآباء تؤكد إحدى المشاركات تطلبن هذا النوع من الكتب التي تكاد تنفد في أولى أيام الصالون.
و يضيف صاحب دار النشر المشوار اللبنانية قائلا بأن الجودة تتحكم في جزء كبير من الصالون، أين يحرص الأهل على اقتناء قصص و ألعاب تربوية بجودة عالية، و رغم ارتفاع أسعار البعض منها، إلا أنهم يقتنونها بكل فرح و سرور حسب تعبيره.
صحوة سياسية و تاريخية و الرواية إلى المؤخرة
لم نلاحظ و نحن نتنقل بين أجنحة الصالون أعدادا كبيرة من الروايات خاصة باللغة العربية كما في السنوات السابقة، فحضور الرواية قل بشكل ملحوظ حسب تتبعات بعض الزائرين و كذا العارضين، و الذين أجمع أغلبهم على أنها تراجعت إلى ذيل الترتيب في أكثر الكتب مبيعا بالجزائر.
فصاحب دار النشر الأجواد أكد أن الرواية تراجعت إلى المؤخرة، و أرجع ذلك بالدرجة الأولى إلى ارتفاع أسعارها خاصة المترجمة منها، ما يجعل القارئ و قبل شراء واحدة، يجري موازنة بين الفوائد التي يجنيها من قراءتها و بين مبلغ مهم من المال يضعه على رف الخزانة.
أما بالنسبة لممثلي الوكالة الوطنية للنشر و الإشهار، فقد أكدوا الواقع بالنسبة لبعض الكتاب، حيث قالت احداهم بتراجع الثلاثية لأحلام مستغانمي كثيرا في السنوات الأخيرة، مضيفة بأن اسم الكاتب يلعب دورا مهما في بيع الرواية من عدمه، و تؤكد أن الكاتب غير المعروف و إن كانت روايته جيدة، فهي لا تباع على عكس المعروف، كما أن بعض الروايات باللغة الفرنسية تباع، إلا أنها تعاني الكساد بترجمتها باللغة العربية كروايات أحمد ديب مثلا، و تضيف بأنه و على الرغم من التراجع الكبير لها، فإن الٌاقبال يعتبر قد ارتفع في السنوات الأخيرة على نوع الرواية البوليسية على حساب أنواع أخرى من التي تباع.
كما لاحظنا خلال جولتنا، زيادة الإقبال على الكتاب السياسي و التاريخي، ما أكده ناشرون خاصة من الجزائر قالوا أن القارئ بات يهتم بشكل كبير بالكتب التي تتحدث عن تاريخ الجزائر، كما يحاول متابعة الشأن السياسي المحلي و الدولي، و يحرصون على اقتناء كتب السير الذاتية لكبار ساسة العالم كجورج دابليو بوش، هيلاري كلينتون، صدام حسين، هواري بومدين، فضلا عن العناوين الجديدة المتعلقة بالحراك السياسي العربي ككتاب داعش من رحم فكر الإخوان المسلمين الذي سجل مبيعات كبيرة.
و مع سيلا 2015، يتأكد الإقبال على الكتاب، وهو ما أكده مشاركون عرب قالوا أن الجزائريين أكثر الشعوب على الكتاب،، لكن السؤال المطروح بحدة هو هل يعكس الإقبال زيادة المقروئية في
 الجزائر؟                             

إيمان زياري

الرجوع إلى الأعلى