لست متحدثا جيدا لكنني أوصلت الأغنية الجزائرية إلى العالمية

أعلن الشاب خالد بأنه يضع الروتوشات الأخيرة على ألبومه الجديد و من المنتظر أن يصدره قريبا، حيث وعد جمهوره بكثير من المفاجآت ، وذلك خلال الندوة الصحفية التي عقدها أول أمس بقاعة العروض الكبرى أحمد باي بقسنطينة، على هامش إحياء حفل فني ساهر من تنظيم الديوان الوطني للثقافة و الإعلام.
 اعترف مغني الراي الشاب خالد بأنه ليس متحدثا جيدا، وليس مطلوبا من الفنان، حسبه ،أن يجيد الحديث لأن عمله بالدرجة الأولى، هو الغناء و إمتاع  الجمهور بصوته ،رغم أن عديد الإعلاميين يحاولون محادثته و إجراء حوارات معه، لكنه يعرف نفسه ويدرك جيدا بأنه ليس متحدثا جيدا، ربما لهذا كان هناك بعض المعاتبة تجاهه من بعض الإعلاميين،مؤكدا بأنه  يحاول أن يوضح لهم  دائما بأنه مغني و ليس متحدثا أو ملق للخطابات، حيث يعبر عن ذلك بقوله: «هذه ليست مهمتي».

الشاب خالد أرجع أسباب نجاحه إلى الجمهور الجزائري، لأنه آمن به في بداياته وتابع أغانيه، فالشهرة العالمية لم تأته ،حسبه، إلا بحب الجمهور الجزائري له، والذي وقف إلى جانبه  في لحظات مهمة في حياته، وهو ما زاد من إصراره على المضي قدما، فالعالمية التي حظي بها أتت من وقوف جيل كامل من الشباب معه وإيمانه بما كان يغنيه، لأن العالم لا يمكن أن يعجب بأغنية الراي والتعرف عليها ،لولا وجود جمهور عريض ساهم في تصديرها للخارج وطالب بوجود الشاب خالد في حفلات دولية، حسبما عبر عنه ، أين بين بأن شهرته ما كانت لتصل لهذا الحد ،لولا ثقة الجمهور الجزائري به و إيمانه بإمكانية وصول الغناء الجزائري للعالمية ،و أضاف  بأنه كان يرى الجمهور الجزائري بين عينيه ويسعى دائما لتشريفه في أي مكان يغني فيه ،قائلا:»أنا استجبت للجمهور و لم أخيبه يوما».
في الجزائر أصوات غنائية ممتازة لكنها ضائعة
ملك الراي اعتبر بأن هناك أصوات جزائرية ممتازة، لكنها للأسف ضائعة و لم تتح لها الفرص اللازمة  للظهور، وهذا ما يؤسف له، حيث وجه لهم رسالة يدعوهم من خلالها إلى عدم  فقدان الأمل وضرورة الإصرار على متابعة المشوار، لأنهم في الأخير سيصلون إن آمنوا بحلمهم ووثقوا بأصواتهم، على حد تعبيره،حيث بين بأن مشواره الفني لم يكن مشوارا سهلا كله ،بل كانت هناك مطبات وعوائق ،و بفضل إيمانه بفنه وبصوته استطاع ،ولو بنسبة ما ،أن يصبح  مغنيا عالميا.
خالد وصف نفسه بالفنان الذي فتح الباب لأصوات غنائية كثيرة من خلال إثباته قدرة الأغنية الجزائرية على المنافسة ، وما على الجيل الجديد إلا مواصلة هذا المشوار، و رفع سقف التحدي عالميا، وعدم الاكتفاء بالمحلية و رفع  علم الجزائر في كل البلدان العالمية.
الشاب خالد تحدث عن جولته في الصحراء الجزائرية ،أين سيقوم بإحياء  حفلات من تنظيم الديوان الوطني للثقافة والإعلام ، و ضحك من غرابة الموقف لأن الكثيرين يعتقدون بأن أصوله من الصحراء الجزائرية ، نظرا لسمرة بشرته لكن ذلك غير صحيح ،متسائلا:  كيف لجزائري ابن الجزائر ،ولا يعرف الصحراء الجزائرية؟ و اعترف بأنه لم يزرها من قبل وهذا أمر اعتبره غريبا . لذلك ستكون جولته الفنية القادمة إلى كل من تمنراست، و ورقلة و هي جولة فنية لتوطيد العلاقة بمناطق جزائرية لم يزرها وسيتعرف على جمهوره هناك، وأضاف خالد بأن الصحراء هي أفضل مكان للتأمل، حسبما سمع عنها ،لذلك سيستغل الفرصة للتأمل والخلوة مع الله هناك.
أنا مواطن عالمي أمثل الأغنية الجزائرية والمغاربية
خالد تحدث مازحا بأنه دائما ما تنسب أصوله لمدن جزائرية عديدة ،على غرار مدينة العلمة و رغم أن ذلك غير صحيح لكنه فخور بأن ينسب اسم خالد لمدن جزائرية عديدة لأنه يشعر بالانتماء لها فعلا. ودائما ما يحب أن يبين بأنه ينتمي لكل مدن الجزائر ،حيث أضحى له الشرف بأن يقال عنه بأنه فنان ينتمي لكل مدن العالم، و لم يعد جزء من مدن جزائرية أو وطن جزائري فحسب ، و إنما أصبح فنانا عالميا يقدم الفن الجزائري و المغاربي، وهذا هو مبعث الفخر لديه لأنه جزائري الروح ،عالمي التوجه ، حسبما عبر عنه.
ملك الراي اعتبر بأن الله قد ساعده لأنه سعى لتجديد روح الفن الجزائري وهذا ضروري، حسبه ،لأي فن يسعى للاستمرار ،فلا يمكن مخاطبة جيل بروح جيل قديم،و على كل جيل أن يصنع فنه ،انطلاقا من التراكمات الفنية التي بنتها الأجيال وهذا ما يسمح للتطور الموسيقي والفني بشكل عام،  فالثورة بحاجة دائما إلى ثورة داخلها من أجل أن تتابع مسيرتها عبر التحديث المستمر.
تعلمت من حياتي في الجزائر نبذ العنصرية والعيش المنفتح
الشاب خالد أوضح بأنه تعلم من الحياة في الجزائر نبذ العنصرية وتقبل كل شيء لأن الجزائر بلاد منفتحة على كل الفنون وعلى كل التوجهات، حيث اعتبر بأن الراي كان فنا يوجد في مناطق جغرافية محددة في الغرب الجزائري ،وكان نطاقه محدودا ضمن الأعراس وبعض المناسبات فقط، لكن بعمله على الاستفادة من التجارب العالمية والانفتاح عليها، أدرك بأن روح الراي يمكن أن تبقى حتى و لو تمت إضافة بعض التحديثات وبعض التجديدات عليها وهو ما فعله الشاب خالد ضمن مشروعه الغنائي الذي بدأ منذ أكثر من 30 سنة، حيث أعاد التراث الغنائي الوهراني وأعاد أغان خالدة لأحمد وهبي وأصبحت عالمية بعد إدخال تحديثات لها.
الأصل في الغناء التحديث ولا يمكنه أن يبقى جامدا لأنه سيموت لا محالة
وفي سياق حديثه، بين الشاب خالد بأن ما قام به من تحديثات على أغنية الراي التي كانت معروفة من قبل في الغرب الجزائري،جعلها تتردد أغنية في أرجاء المعمورة ، حيث يتفاجأ من الدراسات والاستفسارات الموسيقية التي تأتيه من كل من اليابان والولايات المتحدة الأمريكية  وكل بقاع العالم.و أصبحت أغنية الراي تدرس في معاهد الموسيقى العالمية ،وهو شيء يثير الفرح  كثيرا، إذ أن موسيقانا ،كما أكد، أصبحت تصل لأماكن لم تصل إليها من قبل.
الشاب خالد تابع حديثه بالإشارة إلى ضرورة أن تنفتح الأغنية الجزائرية و خاصة الرايوية منها على الطبوع والموسيقى العالمية، أين عبر بأن التلاقح في المرحلة الراهنة سيعزز موقعها وسيساهم في استمراريتها بشكل أوسع وأكبر، فالأغنية الجزائرية هي أغنية منفتحة ويجب ،كما أكد، أن نقف في وجه الدعوات التي تحاول إبقاء الأغنية الجزائرية منغلقة على  نفسها  حتى أصبحت في كثير من الأحيان أغنية تساعد على النوم أكثر منها أغنية لها أهداف تعبيرية و جمالية ممتعة .
ابن مدينة وهران أكد بأنه لا يحب أن يقلده مغنيون جزائريون ،لأن الشاب خالد هذا ما أمكنه تقديمه للأغنية الجزائرية و يحث عديد الفنانين الجزائريين الذين يعرفهم على ضرورة إيجاد طابع خاص بهم يساهم في إعطاء إضافة للأغنية الجزائرية، و حثهم على خلق تجارب جديدة وخوض غمار المغامرة الموسيقية لأن الفن لا يحترم التقليد بقدر ما يحترم الإبداع والخلق الفني، حيث أنه أحيانا يستغرب لتمسك فنانين بنفس الطابع ويكررون نفس النوطة وهذا بمرور الوقت يقتل الأغنية الجزائرية ويجعلها غير قابلة للمنافسة العالمية.
الراي ليس «الستايل» الأفضل  لأداء الأغنية الوطنية
الشاب خالد أوضح بأنه فنان يفهم روح أي طابع غنائي، لذلك هو يعي بأن الأغاني الوطنية لا تتماشى مع «الستايل» الذي يؤديه .مؤكدا بأن موسيقى الراي هي أغنية اجتماعية وفلكلورية تدعو للفرح والرقص  بالدرجة الأولى ،ولا يمكنها أن تتسع للتوجهات السياسية أو ما يعرف بالأغنية الوطنية،مشددا:»حتى حين غنيت للوطن، جعلت تلك الأغاني نوعا ما خالدة لأنها لم تنحسر في موضوع سياسي محدد أو فترة زمنية معينة ،فكانت أغنية «الله يا جزائر»، أغنية تدعو للسلام ولا تحاول إيصال أي فكرة أو موضوع عن الاختلافات السياسية وهو ما جعل العالم يحتفي بها ويستقبلها بصدر رحب حتى بعد انتهاء الأزمات السياسية التي كان الناس يدعونني للغناء عنها وكنت دائما ما أرفض»    .للإشارة  فقد أشعل سهرة أول أمس الشاب خالد حماس الجمهور القسنطيني الذي تواجد بكثرة في  قاعة العروض الكبرى أحمد باي، ضمن الحفل الذي نظم من طرف الديوان الوطني للثقافة والإعلام في إطار الاحتفاليات المخلدة للذكرى 61 للثورة التحريرية.و أعاد ملك الراي أشهر أغانيه مثل أغنية «عيشة» ، «بختة» ، «وهرن  وهرن «  وغيرها من الأغاني التي أصبحت مرتبطة بالذاكرة الفنية للجزائريين، و قد تعمد الشاب خالد أن يعطي تعليقات طريفة بعد أن ينتهي من أداء كل أغنية.
 و قد استجاب لطلب الجمهور بأدائه لأغانيه الجديدة الراقصة على غرار «سي لافي» التي تعتبر ضمن آخر أعماله و التي حصدت  نجاحا باهرا على  الصعيد العالمي و أدخلت الجمهور في حالة هستيرية من الرقص.
أغلب الحضور من الشباب شجعوا الشاب خالد من خلال الهتاف باسمه في بداية  الحفل و في الفترات التي بين الأغاني، و حرص خالد على تبادل التحية مع الجمهور بابتسامته وضحكته المألوفة.الفرقة الموسيقية التي رافقت ملك الراي قدمت أروع المقاطع الموسيقية العالمية بشكل استعراضي ،حيث كان «الكينغ» ينسحب إلى الوراء ليتيح المجال للعزف و الرقص. قاعة أحمد باي للعروض الكبرى والتي تتسع لثلاثة  آلاف مقعد ،امتلأت عن آخرها بفئات الشباب و جميعهم  تحمسوا بشكل كبير للحفل واستمروا في ترديد  أشهر أغاني خالد لأزيد من ساعتين ، و رغم تجاوز منتصف الليل ، إلا أن الجمهور القسنطيني تابع السهرة إلى آخرها.    
حمزة دايلي * تصوير: الشريف قليب

الرجوع إلى الأعلى