قريقر أو الأرض الباردة التي تنتظر المزيد من النور و الماء

روبورتاج: الجموعي ساكر
تصنف بلدية قريقر ضمن أفقر البلديات على مستوى ولاية تبسة، فالبطالة مستفحلة والجفاف جاثم لسنوات طويلة على المنطقة، والمنظر العام يؤكد أن هذه البلدة تصارع كغيرها من بلديات الولاية ويحلم سكانها بغد أفضل، بحيث تبقى الإستفادات التي تدعمت بها في مجال البطالة والتشغيل والشؤون الاجتماعية قليلة مقارنة بالحاجة لمناصب العمل، وتحصي البلدية في هذا الشأن عدة استفادات في السنة الحالية، منها 42 منحة إدماج النشاط الاجتماعي، و6 لحاملي الشهادات و55 منصبا في إطار جهاز الإدماج المهني للتشغيل، و126 في إطار منحة المشاركة في النشاط ذي المنفعة العامة، و568 في إطار المنحة الجزافية للتضامن و 542 منحة للمسنين فوق 65 عاما.
و رغم ذلك فكل المشاهد السلبية التي تم ذكرها لا يمكنها أن تحجب ما أنجز في السنوات الأخيرة بهذه البلدية حسب مسؤوليها، بداية بربط مساكنها الحضرية بشبكة الغاز الطبيعي، ومرورا بنمو حظيرتها من المساكن الريفية التي غيرت وجه الريف، ووصولا إلى تطور عدد المساكن المتصلة بشبكة الكهرباء وغيرها، ويؤكد البعض منهم أن بلدية قريقر قد قطعت أشواطا مهمة في التنمية بالرغم من النقائص المسجلة هنا وهناك.
 وتشير الإحصائيات الرسمية إلى استفادتها في إطار الاستثمارات العمومية من غلاف مالي يقارب 72 مليار سنتيم لانجاز 27 عملية، استهلك منه إلى غاية الشهر الماضي 32 بالمائة فقط من البرامج القطاعية و اللامركزية والمخططات البلدية للتنمية في عدة قطاعات، واستحوذت قطاعات التربية والري والأشغال العمومية لوحدها على 13 عملية تنموية.
وحسب مديرية البرمجة ومتابعة الميزانية، فإن بلدية قريقر بحاجة إلى عدة مرافق وهياكل لتأمين الاحتياجات ومواكبة تطور سكانها في الأفقين المتوسط والقريب، بحيث تحتاج إلى إنجاز 124 مسكن بالتجمع الحضري و350  مسكن بالمناطق المبعثرة، كما تحتاج لربط 2525  مسكن بالكهرباء و157 مسكن بالغاز، فضلا عن مكتب بريدي و264 خط هاتفي، واستنادا للتقديرات ذاتها فإنها بحاجة كذلك لإنجاز 6 حجرات دراسية بالطورين الابتدائي والمتوسط ، ناهيك عن عيادة ولادة ريفية ومفرغة عمومية و قباضة ضرائب وسوق للماشية.
حلم أول ثانوية قاب قوسين من التجسيد
لم يعد حلم أول ثانوية ببلدية قريقر بعيد المنال، فقد باتت قاب قوسين أو أدنى من التجسيد، بحيث تجاوزت نسبة تقدم الأشغال به الخمسين بالمائة، ومن المتوقع تدشين هذا المرفق التربوي بمناسبة الاحتفالات المخلدة لعيد النصر في شهر مارس 2016 حسب ما أعلن عنه والي تبسة  في وقت سابق. وقد استبشر المواطنون بهذا الإنجاز الذي سيسمح باستقبال أكثر من 200 طالب كانوا يشدون الرحال يوميا لثانوية بئر مقدم، فيما تعول مديرية التربية على هذه الثانوية التي ستسمح بتقريب هذا الهيكل من مساكن التلاميذ، كما ستقضي على المشاحنات التي تحدث بين تلاميذ بلديتي قريقر وبئر مقدم المتمدرسين بثانوية مباركة بورقعة.
و سيعزز بناء هذه الثانوية من نسبة تمدرس الفتاة الريفية ويقلص من التسرب المدرسي، وستساعد الثانوية الجديدة بلدية قريقر في توفير حافلات النقل وتوجيهها للمناطق الريفية و المشاتي في إطار القضاء على العزلة وتدعيم نقل المواطنين نحو مقر البلدية أو البلديات المجاورة.
 وتضم الخارطة التربوية كذلك 13 مدرسة ابتدائية منها 5 أغلقت في سنوات فارطة لعدم توفر النصاب القانوني من التلاميذ أو لهجرة السكان، وتجري الأشغال حاليا لإنجاز مجمع مدرسي جديد من نوع (ج) لضمان تمدرس جيد للتلاميذ بقريقر مركز، فيما لا تتوفر البلدية إلا على متوسطة وحيدة . و يقترح رئيس البلدية بناء متوسطة ثانية لتدعيم المتوسطة الحالية التي يدرس بها 298 تلميذا منهم 151 إناثا موزعين على 11 فوجا تربويا.
أما في قطاع الثقافة فتتوفر البلدية على مركز ثقافي غير مستغل حسب – المير – بالرغم من أنه الملجأ الوحيد لشباب البلدية، وعلمنا أنه تم توسيعه مؤخرا في إطار مشاريع المخططات البلدية للتنمية، كما تتوفر قريقر على مكتبة مجهزة غير أنها مغلقة لانعدام التأطير حسب رئيس المجلس الشعبي البلدي لبلدية قريقر مالكية اليزيد، ويبقى الشغل الشاغل لشباب البلدية هو انجاز ملعب بلدي لممارسة الرياضة وخاصة كرة القدم ولم لا بعث فريق باسم قريقر لتمثيلها في التظاهرات الرياضية المختلفة.
حظر حفر الآبار يرهن الفلاحة والتغطية بالكهرباء دون الخمسين
تدفع بلدية قريقر ثمن قرار حظر حفر الآبار القطاع الفلاحي باهظا، حيث لم يسمح حظر التنقيب عن المياه الجوفية المفروض على البلدية منذ عام 1990 في حدوث النمو في قطاع الفلاحة، ودفعت هذه الوضعية بالسكان إلى الاعتماد على الرعي العشوائي والحرث البسيط غير العميق. ويطالب السكان برفع الحظر عن حفر الآبار الفلاحية حتى يتسنى لهم الاستفادة من الآبار الممنوحة في إطار الاستغلال الفلاحي، وكان الوالي علي بوقرة قد ربط رفع الحظر بعدم تأثير ذلك على الثروة المائية الجوفية، وأوكل مهمة النظر في الملفات المقدمة ومنح التراخيص في هذا الشأن لمديرية الفلاحة بالتنسيق مع مديرية الري والموارد المائية.
وفي سياق متصل يأمل المواطنون تدعيمهم بمشاريع التنمية الفلاحية وكذا مشاريع المحافظة السامية للسهوب ومحافظة الغابات، ودعا آخرون إلى اتمام مشروع إنجاز ساقية بمنطقة عين كملال واستغلال مياهها الضائعة، ولم لا خلق وحدة إنتاجية بعين الصيد بمنطقة الرابعة، ويقول الخبراء إن منطقة قريقر بسهولها الخصبة ومساحاتها السهبية الواسعة قادرة على أن تتحول إلى قطب فلاحي، وذلك من خلال تنمية زراعة الحبوب والخضراوات والأشجار المثمرة وتربية الماشية بأنواعها، والابتعاد قدر المستطاع على الإنتاج المرتبط بالعوامل المناخية وسقوط الأمطار.
أما في قطاع الري فينتظر المواطنون تمديد شبكة المياه للتجمعين السكنيين 01 و02، وإعادة الاعتبار لقنوات الصرف الصحي باتجاه طريق الضلعة على مسافة 01 كلم، فضلا عن تدعيم منطقة ظهيرة عين كملال بالمياه الصالحة للشرب، دون إغفال تجهيز البئر العميقة الكائنة بمنطقة الغرابة.
كما حالت نسبة التغطية بالكهرباء الريفية دون تطور الوسط الريفي بقريقر، بحيث أظهرت الأرقام المقدمة من مديرية الطاقة أن عدد المساكن المربوطة بالكهرباء لم تتعد 745 مسكن أي بنسبة 47 بالمائة، وكانت المديرية المعنية قد أحصت وأعدت دراسة بشأن 8 مشاتي و4 أحياء التي لا زال جزء من سكانها يستعملون الشموع والإنارة التقليدية، وشرعت في ربط بعضها على غرار ربط 32 مسكن بطباقة المناصرية و تجسد المشروع بنسبة 60 بالمائة.
أما بالنسبة للتغطية بالغاز فهي جيدة ومقبولة بلغت الـ 95 بالمائة بعد ربط 364 مسكن، و في رزنامة مديرية الطاقة مشاريع أخرى مبرمجة على غرار ربط حيين جديدين ، في حين تبقى آمال المواطنين معلقة على المشاريع المستقبلية لتوصيل الكهرباء لمناطقهم على غرار عين الرابعة، سردياس، الفراحنة، بوسعيد، عين كملال، طباقة المناصرية و قابل كملال.
المرضى في دورية نحو الشريعة أو الضلعة
يضطر غالبية مرضى قريقر إلى التوجه نحو مستشفى الشريعة لمسافة تزيد عن 30 كلم، أو نحو مدينة الضلعة بأم البواقي على مسافة 15 كلم، وتبقى معاناة سكان هذه البلدية مستمرة بسبب عدم وجود مستشفى يتكفل بالمرضى والحالات الإستعجالية. ويطالب رئيس البلدية في هذا الإطار بإنجاز عيادة متعددة الخدمات تكون قادرة على تأمين الفحص الطبي والتكفل الأمثل بحالات الولادة وغيرهما، ويضم قطاع الصحة 4 قاعات علاج موزعة على تراب البلدية ولا تعمل منها سوى القاعة المتواجدة بالمنطقة الحضرية، بحيث يقتصر نشاطها على الفحوص الطبية والحقن، بينما القاعات الثلاث الأخرى مغلقة لعدم توفر الإطار الطبي أو لانعدام التجهيزات حسب المير.
 وحال قطاع الأشغال العمومية لا يختلف عن المشهد السابق، وكثيرا ما يجد المواطنون المقيمون بالمناطق المبعثرة أنفسهم عرضة للعزلة أيام الأمطار والثلوج وخاصة بسردياس و السطيح و طباقة مناصريه،،، ، إذ تعزل السيول الكثير منهم ويعاني سكان هذه البلدية من نوعية الطرق التي تبقى بحاجة للتعبيد والترميم، إذ يحتاج الطريق البلدي الرابط بين السطحة وحدود بلدية خنشلة على مسافة 12 كلم إلى إعادة الاعتبار، كما يحتاج الطريق البلدي الرابط بين السطحة وعين الرابعة على مسافة 22 كلم إلى التعبيد بعد الانتهاء من الدراسة، والشأن نفسه مع الطريق الرابط بين بوعوام و طباقة منصوري على مسافة 15 كلم، فيما يحتاج الطريق البلدي الرابط بين الرهارهة وأولاد عبد الله مرورا بالغرابة على مسافة 8 كلم لإطلاق دراسة.
لكن السكن الريفي يمثل النقطة المضيئة في هذه البلدية، بحيث إستفادت قريقر من حصص هامة من هذا النمط من إعانات الدولة، ومكنت تلك الحصص من تحسين الإطار المعيشي للمواطنين بالمناطق الريفية وقضت على الأكواخ والبنايات الهشة، وفي هذا الصدد تحصلت قريقر على 690 مسكن في إطار البرنامج الخماسي 2005/2009، كما تدعمت بـ 350 مسكن آخر في إطار البرنامج الخماسي 2010/2014 إنتهت الأشغال بـ 222 منها، ولازال 134 في طور الإنجاز، وينتظر الشروع في انجاز 17 مسكن آخر حسب مديرية السكن، فيما لا زالت 13 مسكن آخر في المراحل الأخيرة لإعداد القرارات.
ورغم كل ما تحقق إلا أن المواطن يأمل تخصيص حصص إضافية أخرى لتلبية الطلب المتزايد من السكن الريفي، كما يأمل آخرون تدعيمهم بحصة من السكن الاجتماعي بالرغم من استفادة البلدية من 40 مسكن في إطار البرنامج الخماسي 2005/2009 و50  مسكن أخرى في إطار البرنامج الخماسي 2010/2014، كما تدعمت بـ 40 مسكن اجتماعي وهي الآن في طور الإنجاز.
و يؤكد رئيس البلدية أن وتيرة توسع النسيج العمراني بالبلدية قد شهدت تسارعا داخل المحيط العمراني رقم 01 الذي أنشئ سنة 1986، ويطالب سكانه بتمكينهم من عقود الملكية بعد مرور كل هذه السنوات، في الوقت الذي انتهت فيه مديرية السكن من دراسة التحصيص الاجتماعي الجديد الذي يضم 260 قطعة وهو الآن في مرحلة رفع التحفظات قبل صدور قرار الإنشاء.
مشاريع في طور الإنجاز وأخرى في الانتظار
يعيش أغلبية سكان هذه البلدية ظروفا قاسية اجتماعيا واقتصاديا وقد أثر ذلك على التنمية التي باتت تتحرك ببطء، وباتت قريقر بحاجة لمزيد من الاستثمارات العمومية والخاصة لتقليص هوة الفقر، ورغم كل ما يقال إلا أن السلطات المحلية تراهن على المشاريع المبرمجة للتخفيف على المواطنين، ومن بين تلك المشاريع التي في مرحلة التجسيد مشروع التهيئة الحضرية لمحور المدينة ، وتتضمن هذه العملية الإنارة العمومية والأرصفة والتعبيد والتزفيت بالخرسانة بالإضافة إلى مد شبكة تصريف المياه القذرة.
 كما ستنطلق عملية توزيع المياه الصالحة للشرب لمنطقة عين الرابعة و طباقة منصوري، وستعطى كذلك إشارة انطلاق أشغال إنجاز شبكة التوزيع بعد الانتهاء من تسجيل العملية، كما أنهت المصالح المعنية دراسة مشروع تزود منطقة بوسعيد بالمياه الصالحة للشرب والمشروع عبارة عن إنجاز خزان مرتفع سعته 500 متر مكعب لربط مشتة الهباهبية والغرابة، وانجاز شبكتي الضخ والتوزيع لمنطقة بوسعيد والغرابة.
وفي السياق ذاته انتهت الدراسة الخاصة بمشروع مد شبكة الانارة العمومية للتجمعات السكنية 1 و2 و3، وتبقى قريقر ورشة مفتوحة كذلك لإنجاز ثانوية ومجمع مدرسي، كما تجري أشغال إعادة الاعتبار للطريق الولائي رقم 01 الرابط بين بلدية قرقر وبلدية بئر مقدم المجاورة، وإنجاز منشآت قاعدية بالطريق البلدي الرابط بين قريقر و  سردياس على مسافة 30 كلم.

الرجوع إلى الأعلى