"سواد في الأمل" مونودرام  يضع المسؤولين في قفص الاتهام

أدخلت الفنانة ريم تاكوشت أول  أمس الجمهور القسنطيني في خندق المقارنات السلبية بين الخطاب الرسمي الذي يلقيه المسؤولون و بين الحياة الواقعية التي يعيشها، في العرض المونودرامي الذي حمل اسم «سواد في الأمل».
العمل الذي طغى عليه القالب التراجيدي، قدم بالمسرح الجهوي بقسنطينة و يدرج ضمن فعاليات شهر المونولوغ الذي تنظمه دائرة المسرح  في إطار قسنطينة عاصمة الثقافة العربية.الممثلة كانت جريئة في عرضها الذي تناولت من خلاله  جملة من  المعطيات والأطر الاجتماعية التي تسير وفقها السياسة العامة للبلاد،  و أصدرت  أحكاما قاسية ذهبت بها إلى القول «إن ذئاب الغابة أرحم من بعض المسؤولين في بلادنا». في قالب درامي تقمصت ريم تاكوشت دور امرأة اسمها «الغالية»، تعيش في غابة على ذكريات الماضي الأليم، خاصة ذكرى والدها الذي استشهد في سبيل الوطن، و يتبخر حلمه بعد ظهور جيل جديد بعد الثورة، تهمه مصالحه الشخصية، و يسعى لتقلد مناصب و مسؤوليات دون الاهتمام بالكفاءة و المؤهلات.
العرض الذي كان حادا في خطابه تجاه المسؤولين، خصوصا في ما يتعلق بظاهرة الحرڤة التي جعلت الغالية تتهم كل من له منصب مسؤولية بجعل الشباب ينفرون من الوطن و يقررون الفرار منه، في إشارة واضحة إلى تملص المسؤولين من مسؤولياتهم، تجاه ما يحدث من تجاوزات و حڤرة و فقر و بطالة، ما أدى إلى تفاقم الآفات و الظواهر الاجتماعية، ومنها ظاهرة الحرڤة. رغم سوداوية العرض إلا أن التفاؤل كان فاكهة الختام، من خلال ظهور البعد الروحي لدى الغالية وميلها إلى التصوف، حيث تفاءلت الممثلة خيرا بما هو قادم من خلال اعتمادها على الآذان، في رسالة واضحة بأن الله موجود و فوق كل شيء.  المونودرام قدم بلهجة عامية جزائرية قريبة من اللغة العربية الفصحى و كان ذا بعد فلسفي، حيث أوقعت الممثلة الجمهور في فخ التحليل و التساؤلات و طلبت منه أن يجد الإجابات.طيلة العرض كان عامل الصمت بمثابة لغة ثانية، استعملتها الممثلة فاستفزت بصمتها كل الحاضرين الذين ترقبوا للحظات عديدة ماذا ستفعل، خاصة وأنها تنتقل من حالة نفسية لأخرى و قد ساهمت الإضاءة القوية في تقريب تلك الحالات إلى المشاهدين، مع الاعتماد على موسيقى حزينة و في بعض الأحيان تراجيدية.الممثلة التي ارتدت لباسا تقليديا قريبا من لباس الحكواتي المغاربي، تلاعبت بالديكور البسيط الذي كان في الركح و يتمثل في جذع شجرة و صندوق يضم  كتبا ودمى في إحالة واضحة، لما يمكن أن يتركه الإنسان من أثر في حياته و الأساس الذي عليه أن يستند إليه، في نموه و ارتقائه  في المناصب والمسؤولية.وفي حديثها للنصر بعد العرض، قالت الفنانة الشابة، بأن العمل الذي قدمته أنتج سنة 2009 و هو من إخراج جمال قرمي، والنص لجمال سعداوي وحسين نذير، و قد حاولت من خلاله أن تكون صوتا للشباب الجزائري، دون أن تخوض في عالم السياسة، فاعتمدت على العفوية وعلى قدرة المسرح في إيصال رسائله القيمة و المفيدة للجمهور، فالعرض استجابة لرغبتها في ترجمة الحالة الاجتماعية و النفسية و العاطفية والاقتصادية، التي يعيشها الشاب الجزائري أو غيره من الشباب عبر العالم،على حد تعبيرها.                           حمزة.د

الرجوع إلى الأعلى