تطبيقات الهواتف.. تسلية تشكل خطرا على سلوك الأطفال  
يعطي الكثير من الأولياء هواتفهم النقالة لأبنائهم الصغار لكي يتسلوا بتطبيقات الألعاب، و يرتاحوا من ضوضائهم و بكائهم، دون أين يكونوا على دراية بحجم المخاطر و التعقيدات التي يعرضون أطفالهم لها، في ظل غياب توعية و تحسيس الأولياء بمخاطر الألعاب الإلكترونية الرائجة.
أصبح عديد الأطفال يعانون من إدمان مرضي على الألعاب الالكترونية الموجودة في الهواتف النقالة أو اللوحات المحمولة، و هو ما أفسد  طفولتهم و جعلهم أكثر انطواء على أنفسهم، لا يحتكون بالأصدقاء أو الأقارب، فأضحوا يعيشون حياة افتراضية عبر الألعاب الالكترونية التي توفرها التطبيقات المختلفة. و يتغاضى الكثير من الأولياء عما تحتويه التطبيقات من أمور لا تليق بمستوى تفكير الطفل، حيث تظهر في بعضها صورا لنساء عاريات كمكافأة لهم، عندما يتجاوزون مرحلة من مراحل الألعاب. كما أن هناك ألعاب تقوم على إلباس فتيات جميلات ملابس داخلية و أزياء عالمية، في حين تمجد الكثير من الألعاب العنف والقتل.  و تتيح بعضها إجراء حوارات باستعمال الإنترنت، و هو ما يجعل الطفل يحاور شخصيات افتراضية قد تستدرجه، حسب اللعبة، إلى أمور عديدة.
 و قد يصاب الطفل الجزائري بالإحباط لعدم تمكنه من إتمام اللعبة، حيث يشترط موضوعها دفع مبالغ مالية بالدولار من أجل شراء الشخصيات القوية، أو المرور للمرحلة المقبلة، وهو ما يوحي للطفل ـ  ضمنيا ـ بأن السبب وراء سعادته يكمن في الأموال وعليه جلبها بأي طريقة شرعية أو غير شرعية.
ويشتكي عديد الأولياء من أن أبنائهم لا يحدثونهم كثيرا، و يميلون أكثر للعزلة و الصمت، فيرغمونهم على استعمال هاتفهم النقال أو شراء لوحة إلكترونية لهم، من أجل اللعب الذي قد يستمر لأزيد من ثلاث ساعات ما يؤثر  على تحصيلهم الدراسي، كما أضحوا رافضين لفكرة الخروج من المنزل و اللعب مع الأطفال الآخرين، و يلجأون إلى البكاء المتواصل إذ تم رفض طلبهم باستعمال الهاتف النقال.
هدى، شابة تحدثت عن ابن أختها الذي أصبح يرفض بشكل قاطع الخروج من المنزل، و يدخل في نوبة من البكاء المستمر من أجل انتزاع الهاتف من والديه، لأنه أدمن على الألعاب  التي تعتمد على المغامرات وهو ما جعل والدته تعطيه هاتفها باستمرار، لربح راحة البال فهي لم تعد تطيق سماع بكائه المستمر.
الغريب في الأمر أن الكثير من الأطفال يقبلون على ألعاب إلكترونية وضعت عليها علامة" -18" أي أنها محظورة على من تقل أعمارهم عن 18عاما، لما تحتويه من مشاهد عنف أو عري خادش للحياء. و أصبح الأطفال يعرفون الطرق الملتوية و الحيل لاستعمال هواتف الآباء، دون أن يكتشفوا ذلك، مثل فتح حساب داخل اللعبة بكلمة مرور، لكي لا يتمكن والده من التعرف عليها و اكتشافها بشكل واضح.
السيدة أميمة تشتكي من إدمان ابنها على تطبيقات الألعاب وهو ما ساهم بشكل كبير في ضعف نظره، نتيجة التصاقه بشاشة الهاتف لأزيد من ساعتين يوميا، و فشلت كل الطرق لمنعه من اللعب بهاتفها، فهو يغتنم كل الفرص في غفلة منها لأخذ هاتفها و اللعب بالتطبيقات التي يضمها.و لم تجد عملية حذف التطبيقات  نفعا، فقد أصبح يعرف الطريقة المثلى لتحميل الألعاب من الإنترنت أو استقبالها من هواتف أخرى باستعمال تطبيق "شيرات"، و وصل به الأمر إلى وضع كلمة مرور على هاتفها الشخصي، لكي لا تدخل لقائمة الألعاب.
أما نرجس فتحدثت عن ابنة أختها التي أدمنت على لعب الطبخ في الهواتف النقالة، حيث تستمتع بخلط المواد الغذائية في اللعبة من أجل إعداد الطبق ، الطفلة الصغيرة لم تكتف باللعب في العالم الافتراضي، فانتهزت غياب والدتها عن المنزل ذات يوم و قامت بتذويب الشوكولاطة في إناء، فاحترق. و رجعت والدتها في الوقت المناسب قبل أن تتعرض ابنتها للخطر أو تتسبب في نشوب حريق في المنزل.
بعض المنصات الإلكترونية العالمية انتبهت للظاهرة، و تقترح  حلولا على الأولياء، على غرار ما قامت به شركة وغل، عبر إطلاقها لخدمة  منتج "كيدل"  الذي يحتوي على محرك بحث جديد مخصص للأطفال، تتم من خلاله تصفية النتائج ليقدم لهم  المواقع الآمنة المكتوبة بلغة مبسطة، تتناسب مع المرحلة العمرية التي ينتمون إليها .ويمكن تحميل الألعاب المخصصة للأطفال فقط، حيث تستعمل في هذه المنصة رقابة صارمة لحماية الأطفال.
وتوجد في الجزائر خدمة "في أمان"، وهي خدمة يتم الاشتراك بها لتتيح للأولياء مراقبة ما يقوم به أطفالهم على شبكة الإنترنت، كما تمنع تحميل التطبيقات و الألعاب المصنفة تحت خانة أقل من 18 سنة.  ويرى مختصون في علم النفس، بأن تطبيقات الألعاب هي أحد الأسباب الرئيسية في تشكل  أمزجة الأطفال الصعبة  فيميلون إلى التمرد والمشاكسة، و يرجع ذلك إلى تأثير إشعاعات تخترق خلايا الجسم و مصدرها هذه الألعاب والتجهيزات الإلكترونية المشعة التي أصبحت في متناول مئات الملايين من أطفال العالم. و يبقى تحسيس الأولياء بمخاطر الألعاب الإلكترونية و ضرورة مراقبة أبنائهم من أهم الأمور التي يجب التركيز عليها .
حمزة.د

الرجوع إلى الأعلى