صدرت منذ أيام عن منشورات دار نيبور بالعراق، الطبعة الثانية من رواية «سقوط فارس الأحلام»، للروائية و الكاتبة الجزائرية عائشة بنّور، و قد صدرت بتقديم من الناقـد و الكاتب السوري خالد عارف حاج عثمان، و من بين ما أورده عن الرواية في نص تقديمه لها، قوله: «إنّ رواية سقوط فارس الأحلام، حجرة كبيرة وهامة في مدماك السرد العربي الجزائري خاصة، و العربي عامة، بل الإنساني أيضاً، لأنّ ما تقدمه الروائية هي نماذج تتخطى المحلية و العربية إلى العالمية».
رواية «سقوط فارس الأحلام» تعكس واقعا اجتماعيا انصهرت فيه الأحلام والقيم الأخلاقية وغيرها من القيم الإنسانية، وهي أيضا تحاول تسليط الضوء بطريقة عميقة على ظاهرة ما يسمى بــ»الحراقة» التي يعد مسرحها المأساوي قوارب الموت باتجاه الضفة الأخرى. و ما تشير إليه الرواية في هذا السياق، أنّ مشكل الهجرة هو أخطر ظاهرة تهدد العالم العربي، بما فيها هجرة الكفاءات و الأدمغة العربية وما يترتب عنها، و هي فئات تشترك مع بعضهــا في أغلب الأحيان، في طريقة التفكير وفي طريقة العيش و في طريقة النظر للأشياء و للعالم بعين شعبان، الشخصية الرئيسية في الرواية، الذي يسرد وقائع الأحداث من داخل الزنزانة و يصورها بأبشع ممارسات التعذيب أو ما يُسمى بالاضطهاد السياسي الذي يُمارس على الحريات الفردية بالقمع والقتل والتنكيل الجسدي....إلخ.
الرواية من جهة أخرى، تتميز بالجانب السيكولوجي الذي يميَّـز كِتابات الروائية، بالغوص في ذوات شخصياتها، و البحـــث عن الذات على أســـاس التنقيب في الموروثات الثقافية، من خلال توظيفها للتراث بقصد تشكيل روابط انتماء بين شخصياتهــا المحورية. الرواية تعددت في مستوى الأحداث و التقنيات، و اتخذت من الطبيعة والقضـايا الإنسانيــة، مجالا لطــرح العديد من القضايا والموضوعات المختلفة و المتشابكة، و كذا علاقتها مع الــذات المُفكـرة في صــورة كريمة وأخــريات، و انكسار أحلامهن على صخـرة التقاليد و الأعراف و المحظورات، وعلى صخرة الظروف الاجتماعيــة القاهرة التي تحكمهـا العادات الباليـة. الرواية زاخرة أيضا بالأحداث المتصاعدة والمحتدمة، إذ اتسعت لحالات مختلفة ومتعددة، لكنّها تتشارك وتتشابه في المعاناة والانكسارات و الخيبات والطموحات العالقة أو المُعلقة، في مجتمع تحرك آلياته عقول متحجرة و تُسيّره سلطة المال والأعراف.. تختزل هذه الحالات شخصيـات امتدت على مسرح الرواية، منها: كريمة، شعبان، ريم، عُليسة، محمـود... ، شخصيات تتحرك وتتصارع مع اليأس و القهر و الحرمـان العاطفي والاستبداد المالي الذي تصنعه نماذج بشرية كشخصية محمود الذي يتاجر بأحــلام كريمة، العاشقة وشعبان، الشاب الطموح الذي يُغيّب في السجون.
الرواية تتطرق  أيضا إلى نوع آخر من السجون، وهو سجن المجتمع الذي كثيرا ما يكون مكانا قاسيا للفتيات والنساء عموما، إذ اعتبرت الروائية أنّ في سجــن المجتمع تعاني كريمة وأخريات من صبرهــن في انتظار فارس الأحلام، يصارعن أيامهن في انتظار العريس الذي يأتي مرّة في العمر كقطار ليس له محطة، بعد أن رفضت كريمة الجيّـاد الهرمـة، لكنّها في لحظة يأس و خشيـة العنوسة، انساقت وراء الإغراءات و تعلقت بقطار محمــود الذي اغتصبها و حطم أحلامها، فألقت بنفسها بين أحضان أنياب تجار الأحلام، لتجد نفسها في الأخير امـرأة على هامــش الزمـان و المكـان. الرواية في هذا الشق الذي تناول حياة و مأساة كريمة اختزلت بشكل دقيق و متقن معاناة المـرأة في مجتمع ذكوري، تحكمــه الكثير من العادات والتقاليد البالية.يذكر أنّ الرواية قد صدرت في طبعتها الأولى عام 2009 عن منشورات نور شاد. و للكاتبة أيضا مجموعة من الإصدارات المتنوعة، منها رواية «السوط و الصدى» عن منشورات وزارة الثقافة 2006، وراوية «اعترافات امرأة» ،الحائزة على جائزة الاستحقاق الأدبي نعمان الأدبية بلبنان 2007. و قد صدرت في طبعتها الأولى عام 2007 عن منشورات دار الحبر، وفي طبعة ثانية 2015 عن دار الحضارة بالجزائر، وقد تُرجمت الرواية من طرف الكاتب والمترجم محمد سحابة إلى اللغة الفرنسية. للكاتبة أيضا إصدارات أخرى تتمثل في مجموعة من الدارسات والقراءات، ومجموعة من القصص القصيرة وقصص الأطفال وسلسلة متنوعة من الحكايات
 الشعبية.                                 نوّارة/ ل

الرجوع إلى الأعلى