يواصل المغرب تلقي الدروس والعبر من جهات دولية وإقليمية عدة، لكن يبدو أنه لا يحفظها جيدا أو لا يفهمها حتى، وهو يحاول في كل مرة فرض منطقه الاحتلالي البغيض على الصحراء الغربية.
 وعلى الرغم من كل هذه الصفعات والنكسات الدبلوماسية فإن المملكة تتمسك بالأمواج، وهذه طبيعة كل من يسير عكس المنطق والحق، ومن يصم آذانه عن الحقيقة، لكن العالم يتغيّر في كل يوم بل في كل لحظة، والمعطيات تتغيّر من ساعة لأخرى.
بالأمس فقط وجهت محكمة العدل الأوروبية صفعة جديدة للمغرب عندما أكدت أنه لا يمكن لاتفاق الشراكة الممضي بين الاتحاد الأوروبي والمغرب أن يطبق على إقليم الصحراء الغربية لأنه ليس أرضا مغربية، وقبل هذا كانت الدول الأوروبية قد تراجعت عن اتفاق الصيد في المياه الإقليمية الصحراوية لأنها ليست مياه مغربية.
ويبدو أن المغرب الذي كان يتكئ كثيرا على حليفه الأوروبي الوحيد "فرنسا" لم يدرك بعد أن العالم يتغيّر وأوروبا أيضا تتغيّر، وأن هذا الحليف الذي طالما دعم رؤيته بخصوص المسألة الصحراوية، في كواليس الأمم المتحدة ليس بمقدوره التأثير على قرارات المحكمة الأوروبية والاتحاد الأوروبي برمته، لأن في أوروبا قوى أخرى مصالحها غير مصالح فرنسا، وعقلها غير عقل فرنسا.
والرباط التي لم تستفق بعد من صفعة "مالابو" تأخذ اليوم صفعة على الخد الآخر، ومن المرجح أن تأخذ ضربات أخرى في أماكن أخرى إن هي استمرت على هذا المنوال، فالاتحاد الإفريقي الذي تعتبر الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية عضوا مؤسسا فيه رفض جملة وتفصيلا طلب المغرب القاضي بتعليق عضوية الجمهورية العربية الصحراوية مقابل الانضمام إليه، وكانت إجابة الدول الإفريقية صريحة وصادمة في نفس الوقت.
 واليوم بات المغرب أمام حلين لا ثالث لهما، مع اقتراب موعد حسمه في هذا الموضوع، إما أن يقبل بالانضمام للاتحاد الإفريقي وفقا للمعطيات الحالية ودون أي شرط، أو يبقى خارج الاتحاد كما ظل منذ سنة 1984 عندما غادر منظمة الوحدة الإفريقية "غاضبا".
 و لا تحتاج الرسائل الكثيرة الموجهة للمغرب في هذا الجانب - بدءا من زيارة الأمين العام للأمم المتحدة بان كيمون إلى مخيمات اللاجئين الصحراويين والأراضي المحررة قبل أشهر، وصولا إلى الأحداث الأخيرة - لكثير من الشرح، ومضمونها واضح للجميع، وهو رفض صريح للاحتلال المغربي لأراضي الشعب الصحراوي، و لسان حالها " الصحراء الغربية ليست أرضا مغربية" ولن تكون كذلك في المستقبل.
 هذه الحقيقة التاريخية رفض المغرب الاعتراف بها أو النظر إليها طيلة عقود من الزمن، وراح في سياق منطقه الاحتلالي يجرب الكثير من الوسائل والأساليب، عله يفرضها على أرض الواقع، لكن دون جدوى.
 فقد جرب الاحتلال العسكري بالقوة، وجرب الحرب، وجرب الاحتلال الاستيطاني، ثم لما فشل استسلم للأمر الواقع و وقّع سنة 1991 اتفاق وقف إطلاق النار، لينطلق بعد ذلك في مرحلة الإغراء، ثم حرب الكواليس الدبلوماسية، والكذب والتلفيق، لكن دون جدوى أيضا، ثم  علّق كل فشله هذا طيلة سنوات على مشجب الجزائر، التي أدعى أنها هي التي تقف وراء عدم إيجاد حل لتسوية الصحراء الغربية، فجاءه الرد من الصحراويين أنفسهم ومن الهيئات الدولية ليؤكد أن المشكلة بينه وبين الشعب الصحراوي الذي رفض الاعتراف بحقه في نيل استقلاله وسيادته على أرضه، وما عليه سوى الرضوخ للأمر الواقع والتفاوض مع ممثليه لتصفية آخر قضية استعمار في القارة.                                                                       
النصر

الرجوع إلى الأعلى