كذبة آفريل .. تقليد أوروبي يتحوّل إلى مناسبة لصنع الصدمات
تعوّد الكثيرون على حبك و نصب مكائد و مواقف طريفة في الأول من أفريل من كل سنة، بدافع المرح و التسلية، غير أن ذلك قد ينقلب إلى مشكلة أحيانا و يوقع البعض في مواقف لا يحسدون عليها، بسبب تقليد أوروبي تعود جذوره إلى القرن السادس عشر.
و إن لم يعرف أصل هذه الكذبة على وجه التحديد ، واختلفت بشأنها الآراء، حيث يذكر بعضهم بأنها نشأت مع احتفالات الربيع عند تعادل الليل والنهار في 21 مارس، ويرى البعض الآخر أن هذه البدعة بدأت في فرنسا عام  1564، مع فرض التقويم الجديد، إذ كان الشخص الذي يرفض هذا التقويم الجديد يصبح في اليوم الأول من شهر أفريل ضحية مواقف محرجة و محط سخرية الآخرين .
بالمقابل هناك من يعتقد بأن خدعة أفريل تمتد إلى عصور قديمة و أنها بقايا طقوس وثنية ترتبط بموسم الصيد، فكانت  قاعدة لهذه الأكاذيب التي تختلق في أول هذا الشهر.
يسمى هذا اليوم عند الإنجليز بيوم جميع الحمقى و المغفلين،و ورد ذكر  أول كذبة أفريل في اللغة الإنجليزية في مجلة كانت تعرف بـ « مجلة دريك « سنة 1698 و التي جاء فيها أن عددا من الناس تسلموا دعوة لمشاهدة عملية غسل السود في برج لندن في صباح اليوم الأول من شهر أفريل.
ومن أشهر ما حدث في أوروبا في أول هذا الشهر أيضا، أن جريدة « ايفند ستار» الإنجليزية، أعلنت في مارس سنة  1746 بأنه و في أول أفريل  سيقام معرض للحمير في غرفة الزراعة لمدنية «اسلنجتون» ، فهرع الناس لمشاهدة الحيوانات واحتشدوا احتشادا عظيما وظلوا ينتظرون، فلما أعياهم الانتظار سألوا عن وقت عرض الحمير، فلم يجدوا شيئا و أدركوا حينها أنهم جاءوا يستعرضون أنفسهم كأنهم هم الحمير.
و في عام 1983 نشرت وكالة أسوشيتدبرس تقريرا نقلته كثير من وسائل الإعلام عن نظرية أصل «كذبة أفريل» قدمه أستاذ التاريخ في جامعة بوسطن جوزيف بوسكن. وتقول نظرية بوسكن أن تلك العادة بدأت مطلع القرن الرابع الميلادي في عهد الإمبراطور الروماني قسطنطين، حيث كان هناك مهرج للقصر يدعى كوغل، قال أمام الإمبراطور أن المهرجين يمكن أن يحكموا بشكل أفضل من الإمبراطور، ومن باب التسلية نصب الامبراطور مهرجه امبراطورا ليوم واحد في 1 أفريل، فقرر كوغل نشر السخرية والمتعة في ذلك اليوم عبر أنحاء الإمبراطورية.
و أعجب الإمبراطور بالفكرة وتسلى بها، فصارت تقليدا سنويا يتكرر في ذات اليوم. وبعد أسابيع، اكتشفت «الاسوشيتدبرس» أنها وقعت في فخ «كذبة أفريل» وأن البروفيسور بوسكن لفق القصة. و قد تتحول كذبة أفريل من كذبة صغيرة إلى مشكلة تعود على صاحبها بالندم والأسى، خاصة إذا كان المزاح  مبالغا فيه، كنشر خبر وفاة شخص أو إصابته في حادث و إثارة فزع و هلع عائلته، مثلما حدث مع رياض طالب بمرحلة الثانوي الذي قام أصدقاؤه بنشر خبر وفاته فكادوا يتسببون في وفاة والدته تحت وقع الصدمة.
نفس القصة تقريبا وقعت للطالب مروان الذي راح زملاؤه من باب المزح يخبرون أصدقاءه بتعرّضه لحادث مميت، ليتفاجأ المعني بتوافد معارفه على بيته تحت دهشة و صدمة و استياء أفراد العائلة الذين حمدوا الله على كون مروان لم يخرج ذلك اليوم و إلا لكانوا وقعوا أنفسهم ضحية ذلك و صدقوا الخبر مثل البقية.  كما تسببت كذبة أفريل في شرخ و تحطم علاقات وطيدة بين الأفراد، لعدم تحمل الضحايا للصدمات التي واجهتهم جرّاء ذلك. وعند الفاتح من آفريل لكل سنة تشن حملات توعية لتجنب اللعب بالكذب،  وهذا العام غزت مواقع  التواصل الاجتماعي بيانات تحذير وصور تشرح خلفيات اليوم وتدعو لعدم التقليد، بعضها استشهد بآيات تحرم الكذب.  

  ق/م

الرجوع إلى الأعلى