تعرف سوق السيارات المستعملة تراجعا رهيبا في الطلب هذه الصائفة خلافا للسنوات الماضية، بعد أن أجل كثيرون اقتناء مركبات إلى ما بعد هذا الموسم، واقتصرت الحركية على عدد محدود من الزبائن فيما عرف نشاط السماسرة ركودا غير مسبوق تخوفا من انهيار متوقع للأسعار، وفق ما صرح به تجار بسوق الحامة بولاية قسنطينة.
غير أن سماسرة يتوقعون وصول سعر «رونو سيمبول» الجزائرية إلى حوالي مائتي مليون سنتيم ، بسبب الالتهاب الذي تعرفه، متهمين المضاربين بالتسبب في الأمر، في وقت تراجع فيه الإقبال على الشراء خوفا من عودة السوق إلى الانهيار بعد موسم الصيف وتكبد خسائر كبيرة بأكثر من عشرين مليون سنتيم.
ولاحظنا، أمس، في استطلاع لجس نبض سوق السيارات بحامة بوزيان، وجود عدد كبير من سيارات «رونو سيمبول» الجزائرية الجديدة معروضة للبيع بأماكن قريبة من بعضها، لكن بأسعار مرتفعة كثيرا مقارنة بسعرها الرسمي، حيث يقدر ثمن التي تصل سعة أسطواناتها إلى 1.2 لتر بـ 149 مليونا، في حين تقدر نظيرتها ذات سعة 1.6 لتر بـ 154 مليون سنتيم، لكنها في السوق تعرض بأكثر من 160 مليونا للأولى و تقارب الثانية 180 مليونا، في وقت يرجح فيه المعتادون على السمسرة بالسوق، أن تصل قيمة «السيمبول» إلى مائتي مليون سنتيم في حال استمرار هذا الالتهاب للأسعار، مشيرين إلى أنها أصبحت تلقى إقبالا واسعا من المواطنين الذين يقتنونها لتحويلها إلى سيارة أجرة أو يعملون بها في مجال النقل بشكل غير شرعي، فضلا عن الذين يحتاجون لسيارات قوية من أجل تنقلاتهم اليومية.
وأضاف محدثونا بأن نفس المشكلة تسجل مع سيارة «رونو داسيا ستيب واي»، بحيث تعرض بأسعار مرتفعة بعشرات الملايين مقارنة بسعرها الرسمي لدى مُصنعها، وقد أخبرنا شخص وجدناه يعرض واحدة في السوق، بأنهم عرضوا عليه مبلغ 174 مليون سنتيم ولم يبع بعد، مشيرا إلى أن من يحتاجها سيقتنيها حتى ولو كانت بسعر مرتفع مقارنة بالسعر الرسمي، في وقت لاحظنا فيه بأن الترقيم التسلسلي لسيارات «سيمبول» و»ستيب واي» الجديدة متقارب، فضلا عن أن بعض سماسرة المركبات هم من يقومون بعرضها. و قد فسرت نفس المصادر الأمر، بكونهم يتحصلون على مجموعة من هذه السيارات ويقومون بإعادة بيعها في السوق.
توقعات بوصول سعر «سيمبول» الجزائرية إلى مئتي مليون
واعتبرت مصادر أخرى من السوق، بأن أسعار السيارات مرتفعة كثيرا، موضحة بأن كثيرا من المواطنين يتجنبون الشراء في الفترة الحالية، خوفا من عودتها إلى التراجع في وقت لاحق ما قد يكبدهم خسائر كبيرة، خصوصا إذا كانوا ينوون إعادة بيعها لتحصيل هامش ربح، في حين يقتصر عدد الزبائن على الذين يقتنون المركبات دون نية إعادة بيعها، كما أشار محدثونا إلى أن بعض الأشخاص قاموا ببيع سياراتهم من قبل وتكبدوا خسائر مالية كبيرة تجاوزت الثلاثين مليون سنتيم، بسبب عدم الاطلاع على الأسعار في السوق بالشكل الكافي، حيث حذروا من الشراء من الزيارة الأولى وقالوا إنهم يرون بأنه من الأفضل الانتظار إلى غاية انقضاء موسم الصيف، الذي يعرف ارتفاعا لعدد المقبلين على شراء المركبات من أجل استعمالها خلال العطلة.  
ولم نلاحظ عددا كبيرا من المركبات الفاخرة بالسوق، في حين قارب سعر سيارة «إيبيزا» و»ليون» المصنعة خلال السنوات الثلاثة الماضية، المائتي مليون سنتيم ونصف، رغم أنه يمكن الحصول على سيارة «باسات سي سي» بنفس المبلغ، بحسب ما أفاد به لنا أحد البائعين بالسوق. وقد أضاف محدثنا بأن الارتفاع يعود إلى تقليص رخص استيراد السيارات وانهيار أسعار الدينار، لكن المضاربة لعبت أيضا دورا كبيرا في رفع أسعار المركبات بهذا الشكل الكبير، على حد قوله، كما توقع بأن تتراجع الأسعار نسبيا خلال المواسم القادمة، لكنه لن يكون تراجعا كبيرا جدا.
«سوزوكي ألتو» بمئة مليون سنتيم
وتوجهنا إلى السيارات الأقل قيمة في السوق، حيث تقربنا من صاحب «سوزوكي آلتو»، وسألناه عن السعر الذي عُرض عليه مقابل سيارته المصنعة سنة 2012، فأوضح لنا بأنه وصل إلى 102 مليون سنتيم، وما زال ينتظر اقتراحات أكبر، وهو نفس السعر الذي عرض على صاحب سيارة سيمبول ترقيم سنة 2011، في حين قال مالك سيارة «سوزوكي 800» ذات ترقيم سنة 2011، إنهم عرضوا عليه 43 مليون سنتيم وما زال ينتظر عروضا أفضل لبيعها، في وقت نبه فيه أحد المتواجدين في السوق، بأنه اشترى مركبة جديدة من نفس النوع والسنة، قبل عامين، و بسعر أقل مما عُرض على صاحبها.
ويُسجل أيضا بأن السيارات الموجودة بالسوق تحمل أرقاما لعدة ولايات شرقية، وخصوصا من ولايتي ميلة وسكيكدة، فضلا عن مركبات ولاية قسنطينة، التي تمثل الجزء الأكبر من المركبات المعروضة للبيع في السوق، في حين تعرف المركبات القديمة جدا تضاؤلا كبيرا، باستثناء بعض السيارات والشاحنات المستعملة في أغلب الأحيان من طرف بائعي الخضر والفواكه، إلى جانب عدد قليل من الشاحنات الجديدة. وتشهد السوق دخول بائعي الدراجات النارية والهوائية إليها، حيث يعرضون ما لديهم بأسعار مختلفة، كما تسجل على مستوى المكان حركية كبيرة، إلا أننا لم نصادف الكثير من الأشخاص الذين تمكنوا من بيع مركباتهم إلا في حالات قليلة.

استطلاع: سامي حباطي

الرجوع إلى الأعلى