لوحات تجريدية تبحث عن نبض الحياة في المهمل والهامشي بقسنطينة
يعرض الفنان القسنطيني حسان شرفي ثلاثين لوحة فنية من أعماله خلال الأيام الجارية، على مستوى دار الثقافة محمد العيد آل خليفة بوسط مدينة قسنطينة، حيث تعبر كثير منها عن حياة المدينة بالأشياء المهملة والأدوات المُتخلى عنها.
ويحاول الفنان حسان شرفي من خلال لوحاته إعادة النبض إلى ما يتخلص منه الإنسان لأنه لم يعد ذا قيمة بعد أن يفقد الحاجة إليه ليستخرج منه ما يحمله من جمال يستطيع بواسطته رسم تصوره الإبداعي وترجمة رؤيته الفنية، حيث أوضح لنا بأنه استخدم في الكثير من اللوحات التي قرر المشاركة بها في المعرض المذكور، ورقا مقوى مستعملا وقطعا من الكرتون وأشياء أخرى، معبرا عنها بعملية «إعادة الرسكلة بشكل إيكولوجي»، ولم يقتصر عمله على الألوان والأدوات التقليدية فحسب، كما قال إن في أعماله ذما مبطنا أيضا لمظاهر الإسراف والسلوكيات الاستهلاكية المفرطة. وأضاف الفنان بأن المعرض يشمل ثلاثين لوحة من إبداعه، منها ما هو جديد ومنها لوحات أخرى قديمة، حيث استعمل فيها التقنية التجريدية والتعبيرية، كما أوضح بأنه استخدم الجبس، الذي اعتبره تقنية جديدة وقال إنه الوحيد بين من يعرفهم من فنانين، الذي يلجأ إليها منذ ما يزيد عن العشر سنوات، فيما ذكر لنا بأن عنوان إحدى لوحاته التجريدية «قسنطينة ذات مساء»، وفيها يعبر عن تناقض المدينة التي يزيد عمرها عن 2500 سنة بين النهار الذي يعج بالبشر المتجولين في شوارعها بمبرر مفهوم أو بدونه، وعن أمسيتها الخالية التي لا يبقى من أثر حركة السكان فيها إلا ما تركوه من قطع كرتون وقارورات بلاستيكية فارغة وغيرها من أنواع القمامة المختلفة على الأرصفة والطرقات.
وعبر الفنان في حديثه إلينا عما يمكن وصفه بـ»شظايا» الانفجار البشري الناجم عن عجز شوارع المدينة العريقة عن ضم أبنائها إلى حضنها، بالقول «هي قسنطينة بعدما يمر عليها التسونامي»، مشيرا إلى أن الفنان لا يمكنه التملص من محيطه الملتصق به، فهو يملك نظرة جمالية وسوسيولوجية أيضا مع تأكيده على أنه ليس مؤرخا أو سياسيا، كما حدثنا أيضا عن لوحة أخرى يعرضها بعنوان «بدون مصير» وفيها يتطرق إلى موضوع الهجرة المتجسدة في الحراقة ولاجئي دول جنوب الصحراء وما تفرضه عليهم حياة التنقل من قسوة.  من جهة أخرى، يشدد حسان شرفي على أنه فنان جزائري لكنه لا يقدم فنا جزائريا، وإنما فنا إنسانيا، لأن الجمال ظاهرة كونية تتجاوز الحدود الجغرافية، ولا ينال المكان حيزا من العمل الفني، إلا بمقدار ما تفرضه الأصالة الإبداعية والخصوصية التي تنتجها جذور المبدع في مجتمعه، في وقت يُجيد فيه جميع فنانو العالم، بحسب محدثنا، لغة جمالية واحدة، تسمح لهم بقراءة أعمال بعضهم البعض وتبادل الرؤى حولها. وأفاد الفنان بأن التدشين الرسمي للمعرض قد تم، لكن ينتظر أن يفتتح ثقافيا خلال الأيام الأولى من شهر سبتمبر المقبل ليزوره عدد أكبر من المواطنين، مؤكدا بأنه مفتوح في الوقت الحالي من ساعات الصباح إلى غاية المساء، حيث يسعى من خلال لوحاته إلى المساهمة في جعل المواطن يستهلك الجمال مثلما يصنع ما باقي الأشياء التي يعتبرها ضرورية في حياته.
سامي .ح

 

الرجوع إلى الأعلى