قال البروفيسور أمحند برقوق مدير المدرسة العليا للعلوم السياسية بالجزائر العاصمة، أن الجزائر مطالبة بالاستثمار في إنشاء منظومة مراكز البحث والتفكير لما لها من أهمية كبيرة في رسم السياسة الأمنية واستشراف التهديدات الإرهابية تواجه الدول، وذلك في ظل توفر الجزائر على الطاقات العلمية الشابة الواعية والوطنية التي بإمكانها إن تلعب دورا هاما في استشراف هذه التهديدات التي استطاعت بلادنا أن تكتسب مناعة ضدها بفضل الاستقرار المؤسساتي.
و أشار الأستاذ برقوق في ندوة علمية بجامعة محمد بوضياف بالمسيلة أول أمس الخميس، إلى أن التقارير الدولية الصادرة مؤخرا بما فيها تقرير البنتاغون الأمريكي لسنة 2014، صنفت الجزائر ضمن الدول المستقرة، مضيفا « و أصبحنا في أحسن حال مقارنة بالدول المصنفة مصدرة للإرهاب بعدما رتبت الجزائر وفق نفس التقرير في المرتبة 21 عالميا وهي قائمة تصدرتها تونس التي سجلت تصدير 3300 إرهابي أغلبهم يقاتلون في سوريا وليبيا».
وأوضح البروفيسور برقوق في محاضرة ألقاها خلال ندوة علمية نظمتها نقابة الأساتذة الجامعيين بالمسيلة حول «دور مراكز البحث والتفكير في استشراف التحولات الأمنية الجديدة « أن أهمية وجود مراكز البحث والتفكير التي تتوفر الجزائر على 12 منها من بين 6618 مركز تم رصدها عبر 120 دولة .وكشف بأن 10 دولة تحمل تصنيف وترتيب هذه المراكز منها 06 دول فاعلة مثل أمريكا والصين وفرنسا و04 دول طموحة على غرار الأرجنتين وتركيا وإندونيسيا وكذا المغرب التي باتت منذ حوالي سنتين تستثمر في إنشاء تلك المراكز.
ودعا برقوق صناع القرار في البلاد إلى وجوب الاستثمار في هذه المراكز، و ضرب مثالا بالولايات المتحدة الأمريكية التي لها إستراتيجية كل 05 سنوات، تقوم على بناء تصور من طرف الباحثين لتحضير توجه سياسي آخرها التصور الأخير الذي جاء في تقرير سنة 2011 والذي أخذ التقرير بعين الاعتبار التقارب الأمريكي الصيني وبروز أقطاب جديدة.
وأشار المتحدث إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية ولأول مرة منذ سنة 1947، قررت تغيير القوة من أوروبا إلى آسيا بسبب النمو المتطور للصين كقوة اقتصادية ثانية وامتلاكها لأكبر قوة إنتاجية في العالم، حيث استطاعت الصين في ظرف قصير من امتلاك 07 أساطيل ليرتفع عددها إلى 12 أسطولا بحريا وهي متجهة إلى بناء أكبر قاعدة برمائية. وأضاف بأن التحاليل والتقارير تشير إلى أن أمريكا ستصل إلى حالة عدم القدرة على إنتاج قرارات في حالة نمو الصين.
ولدى تطرقه إلى بروز التنظيم الإرهابي داعش والذي بات يشكل تهديدا لدول عديدة، قال أن ظاهرة الإرهاب في نمو ولن تتراجع في ظل تجنيد واتساع المجموعات الإرهابية في عدد كبير من الدول، خاصة بعد بروز تنظيم الدولة الإسلامية والذي بات شبكة عالمية وعقيدة إرهابية تهدد المنظومة الأمنية، بعد أن استقطبت 21 مجموعة إرهابية عبر الدول الإفريقية والأسيوية والتي أعلنت ولائها لهذا التنظيم.
وفي هذا الصدد، أشار إلى تقارير سابقة صدرت سنة 2011 في إطار التأكيد على أهمية هذه المراكز في استشراف التحولات الأمنية، ويكشف أحد هذه التقارير أن 26 دولة إفريقية من بين 54 دولة بالقارة، ستكون في مسار الدولة الفاشلة مثل الصومال ومالي وليبيا التي أنهكتها الصراعات مما أدى إلى نمو التنظيمات الإرهابية.
وعرج مدير المدرسة العليا للعلوم السياسية بجامعة الجزائر على المنطقة المغاربية حيث وصف التحول الديمقراطي في تونس بالممتاز ولو أنها تعتبر أول دولة في العالم وفق الترتيب العالمي في تصدير الإرهابيين والذين يقدر عددهم بـ3300 إرهابي منهم 500 إرهابي ينشطون في ليبيا.
و ذكر المحاضر، أن عودة الهدوء للمنطقة المغاربية مرتبط تماما بحل أزمة مالي التي أشار إلى أنها باتت قريبة من الانفراج في ظل المفاوضات الجارية، كما يرتبط أيضا بالحل السياسي للأزمة في ليبيا

فارس قريشي

الرجوع إلى الأعلى