أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أمس، أن خطة الاحتلال الإسرائيلي للتصعيد في غزة تعكس مستوى خطيرًا من الوحشية، وتمثل امتدادًا لحالة الإفلات من العقاب والحصانة التي يتمتع بها الاحتلال.
وأشار في تقرير نشره أمس حول الأوضاع في غزة إلى أن الاحتلال الإسرائيلي، الذي ارتكب أخطر الجرائم ضد المدنيين الفلسطينيين في غزة على مدار 22 شهرًا، وسلبهم إنسانيتهم بشكل منهجي، يتحدث اليوم عن خطة لتصعيد إضافي في القطاع. ولفت إلى أن غزة وصلت إلى مرحلة غير مسبوقة من الدمار الشامل، بدعم سياسي وعسكري أمريكي غير مشروط، وتواطؤ دولي مستمر أتاح استمرار هذه الجرائم دون مساءلة.
وأوضح المرصد أن تقييم فرقته الميدانية يظهر أن غزة تمر حاليًا بأسوأ مراحل الانهيار الإنساني منذ بدء جريمة الإبادة الجماعية في أكتوبر 2023، حيث أُجبر أكثر من 90 بالمائة من السكان على النزوح قسرًا بين مناطق مدمرة داخل القطاع في موجات تهجير متكررة فرضها القصف والدمار، وبات جميع السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي.
وأضاف التقرير أن غزة أصبحت حاليًا أكثر منطقة مأهولة كثافة على وجه الأرض، مع تكدس نحو 2.3 مليون شخص في مساحة لا تتجاوز 55 كيلومترًا مربعًا، دون بنية تحتية أو أي شكل من أشكال الحماية، وأكد أن أي هجوم بري جديد في هذا الواقع سيؤدي بالضرورة إلى خسائر بشرية غير مسبوقة، خاصة بين النساء والأطفال الذين يشكلون غالبًا 70 بالمائة من ضحايا مجازر الاحتلال.
وفي سياق متصل، أشار المرصد إلى أن الاحتلال الإسرائيلي نفذ منذ 20 يوليو الماضي مناورة تضليلية عبر الترويج الزائف لتحسين الوضع الإنساني في غزة، بينما يواصل فرض الحصار وتجويع السكان. وأوضح أن المساعدات التي دخلت القطاع لا تتجاوز 15 بالمائة من الاحتياجات الأساسية، مضيفًا أن الاحتلال يسعى من خلال هذه المناورة إلى تسكين الرأي العام العالمي وتخفيف الضغوط الدولية المرتبطة بجريمة التجويع، مع استغلالها كغطاء لتصعيد جريمة الإبادة الجماعية.
ونبه المرصد إلى أن مشاركة بعض الدول في إجراءات رمزية لتوسيع عمليات إسقاط المساعدات جواً، دون معالجة الأسباب الجذرية للتجويع والحصار، قد تسهم في إضفاء غطاء سياسي أو إنساني زائف على سياسات تهدف إلى استكمال تدمير غزة، داعيًا هذه الدول إلى مراجعة مسؤولياتها فورًا، والتأكد من عدم استخدام مساهماتها كأداة لشرعنة سياسات الإبادة أو التغطية عليها.
وبخصوص تداعيات التجويع والحصار في قطاع غزة، كشفت وزارة الصحة أمس عن تسجيل 8 حالات وفاة جديدة، بينهم طفل، ليرتفع عدد ضحايا المجاعة وسوء التغذية إلى 188 شهيدًا، منهم 94 طفلاً.
وفي الوقت ذاته، يواصل الاحتلال جرائمه ضد المدنيين الباحثين عن لقمة العيش، حيث أعلنت الوزارة عن استشهاد 52 شخصًا وإصابة 352 آخرين من «شهداء لقمة العيش»، ليرتفع عدد الضحايا إلى 1568 شهيدًا و11230 مصابًا. كما سجل التقرير الإحصائي لضحايا العدوان 87 شهيدًا و644 مصابًا خلال 24 ساعة، بينهم ضحايا لقمة العيش.
وأكد المكتب الإعلامي الحكومي أن الاحتلال يواصل خنق غزة وأطفالها بالتجويع، مشيرًا إلى أن عدد شاحنات المساعدات التي دخلت القطاع أول أمس الاثنين بلغ 95 شاحنة، غالبيتها تعرضت للنهب بفعل الفوضى الأمنية التي يزرعها الاحتلال، مذكرًا بأن القطاع يحتاج إلى 600 شاحنة إغاثة يوميًا لتلبية الحد الأدنى من المتطلبات الصحية والغذائية والخدماتية.
وفي سياق متصل، أعلنت المديرية العامة للدفاع المدني في غزة عن توقف 60 بالمائة من مركبات الدفاع المدني عن العمل في جميع محافظات القطاع بسبب نفاد الوقود وقطع الغيار اللازمة لإصلاحها، وناشدت في بيان صحفي أمس المجتمع الدولي التدخل الفوري لإدخال الوقود وقطع الغيار لمواصلة عملهم في ظل الظروف الإنسانية والصحية الصعبة.
من جانب آخر، أوضح مراسل أخبار الأمم المتحدة من غزة أن كل صباح في القطاع هو محاولة جديدة للعيش، وكل مساء تحدٍ للبقاء، مشيرًا في تقرير نشره موقع الأمم المتحدة أمس إلى أن التنوع الغذائي شبه معدوم، ومئات الآلاف من الأطفال يعانون من سوء تغذية حاد ومتفاقم في غياب نظام غذائي متوازن.
وأشار إلى انهيار النظام الصحي، مع فقدان غالبية الأدوية للأمراض المزمنة، وحالات الاكتظاظ في المناطق الغربية لمدينة غزة، حيث تنتشر الخيام بين ركام المنازل المدمرة في ظروف صعبة. و أضاف أن الأمل في رغيف خبز في القطاع أغلى من الحياة، وفي كل مرة يسقط شهداء على الطرق التي تسلكها قوافل الإغاثة أو نقاط التوزيع ذات الطابع العسكري.
نورالدين ع