يتخوف الفلسطينيون في غزة من دخول مسلسل الإبادة الجماعية والتهجير القسري فصلًا جديدًا مع مصادقة حكومة الكيان الصهيوني على مخطط احتلال مدينة غزة، ورغم الآلام والمآسي جراء الجرائم المكشوفة التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي يوميًا أمام أنظار العالم، سواء بالقصف على المنازل والخيام، أو القتل رميًا بالرصاص أثناء البحث عن لقمة العيش، أو القتل جوعًا، يقر الكيان الصهيوني مخططًا جديدًا لاحتلال مدينة غزة، والذي لن يكون سوى استكمال لسياسة الإبادة الجماعية والتهجير التي وقف العالم متفرجًا عليها دون أن يحرك ساكنًا لوقف الحرب أو كسر المجاعة.
وفي هذا الإطار، أكدت حركة حماس أمس أن مصادقة حكومة الكيان الصهيوني على خطط احتلال مدينة غزة وإجلاء سكانها جريمة حرب جديدة يعتزم جيش الاحتلال الصهيوني ارتكابها بحق قرابة مليون فلسطيني من سكانها. وأضافت في بيان صحفي أمس أن ما أقره المجلس الوزاري الصهيوني من خطط لاحتلال مدينة غزة وإجلاء جميع سكانها هو استمرار لسياسة الإبادة الجماعية والتهجير القسري، والممارسات الوحشية التي ترقى إلى التطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني.
وأشار بيان الحركة إلى أن تلاعب الاحتلال الإسرائيلي بالألفاظ واستبداله مصطلح «احتلال» بـ»سيطرة» ليس سوى التفاف مفضوح للتهرب من مسؤوليته القانونية عن تبعات جريمته الوحشية ضد المدنيين، ويمثل في الوقت ذاته اعترافًا ضمنيًا بأن مخططه يمثل انتهاكًا لاتفاقيات جنيف، وتهديدًا مباشرًا لحياة نحو مليون فلسطيني في المدينة، كما أوضحت الحركة أن إقرار احتلال غزة يؤكد أن مجرم الحرب نتنياهو وحكومته النازية لا يكترثون بمصير أسراهم، وهم يدركون أن توسيع العدوان يعني التضحية بهم، مما يفضح، حسب البيان ذاته، عقلية الاستهتار بحياة الأسرى لتحقيق أوهام سياسية فاشلة.
وأكدت حماس أن هذا القرار يفسر بوضوح سبب انسحاب الاحتلال المفاجئ من جولة التفاوض الأخيرة، التي كانت على وشك التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، وطالبت الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية والجنائية الدولية بتحمل مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية، والتحرك العاجل لوقف هذا المخطط، والعمل على محاسبة قادة الاحتلال على جرائمهم بحق الشعب الفلسطيني.
من جانب آخر، حذرت حماس الاحتلال الإسرائيلي من أن هذه المغامرة الإجرامية ستكلفه ثمنًا باهظًا، ولن تكون نزهة، وأكدت أن الشعب الفلسطيني ومقاومته عصيّان على الانكسار أو الاستسلام، وستُنهي خطط المحتل وأطماعه وأوهامه بالفشل الذريع.
في سياق متصل، أطلقت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية حملة دولية مكثفة للتحذير من مخاطر قرارات حكومة الاحتلال بشأن احتلال قطاع غزة بالكامل وفرض السيطرة عليه، وحذرت الخارجية الفلسطينية في بيان صحفي أمس من المخاطر الحقيقية لهذا القرار على فرص نجاة المدنيين الفلسطينيين في القطاع من دائرة موت مؤكدة، سواء جراء تصعيد القتل الجماعي بالقصف، أو تعميق المجاعة، أو فرض النزوح الجماعي القسري على أكثر من مليون فلسطيني، وطالبت الخارجية بتدخل دولي حقيقي لوقف إطلاق النار وحماية المدنيين.
وفي ردود الفعل على قرار الكيان الصهيوني احتلال مدينة غزة، أعلنت ألمانيا أمس تعليق صادرات عتاد عسكري إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى إشعار آخر، كما أكدت بريطانيا أن تصعيد الاحتلال لهجومه على غزة غير مقبول، فيما ألغت هولندا ثلاثة تصاريح لتصدير مكونات سفن حربية للاحتلال، و استدعت وزارة الخارجية البلجيكية سفيرة الكيان الصهيوني على خلفية خطة احتلال قطاع غزة، وأدانت بلجيكا هذا القرار واعتبرته غير مقبول ومخالفًا للقانون الدولي.
وعلى صعيد تطورات الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، أعلنت وزارة الصحة عن تسجيل 4 حالات وفاة جديدة نتيجة المجاعة وسوء التغذية، من بينهم طفلان، ليرتفع العدد الإجمالي إلى 201 حالة وفاة، من بينهم 98 طفلًا، وفي السياق ذاته، كشف التقرير الإحصائي اليومي لعدد الشهداء والجرحى جراء العدوان الإسرائيلي عن إحصاء 100 شهيد و603 إصابات خلال 24 ساعة ، من بينهم 51 شهيدًا و230 إصابة سقطوا أثناء البحث عن لقمة العيش في محيط ما يُعرف بـ»مؤسسة غزة الإنسانية» كما ارتفعت حصيلة العدوان الصهيوني إلى 61258 شهيدًا و152045 مصابًا منذ بداية العدوان في أكتوبر 2023.
وبخصوص ما يتعرض له الفلسطينيون من تقتيل منذ إنشاء ما يُعرف بـ»مؤسسة غزة الإنسانية» قال أمس المفوض العام للأونروا «فيليب لازاريني» في تصريحات صحفية إن ما تقوم به هذه المؤسسة ليس إغاثة بل قتل منظم، وترخيص بقتل الجائعين في ظل إفلات تام من العقاب، وأشار إلى أن هذه المشاهد القاسية الكابوسية هي الواقع الجديد في غزة، حيث يجري الانتقاص من قيمة الإنسان وتجريده من إنسانيته، وفي الوقت نفسه تنتشر المجاعة وتقتل عددًا كبيرًا جدًا من الأطفال، ودعا لازاريني إلى رفع الحصار عن غزة واستعادة الاستجابة الإنسانية الكاملة الآمنة التي تحفظ الكرامة، دون أي عوائق، تحت تنسيق الأمم المتحدة بما في ذلك الأونروا. نورالدين ع