أكد مشاركون في ندوة تاريخية، نظمت أمس بالجزائر العاصمة، على بشاعة المجازر التي ارتكبها المستعمر الفرنسي في حق الشعب الجزائري في 8 ماي 1945 والتي شملت تقتيل الأطفال والتنكيل بجثث ضحايا المجازر وإعدام المتظاهرين رميا بالرصاص و إصدار تعليمات بعدم دفنهم واعتبروا أن هذه الأحداث الأليمة والإبادة ، دليل على همجية المستعمر الفرنسي وقد شكلت منعرجا حاسما، عجل باندلاع الثورة التحريرية المجيدة.
وذكر المدير العام للمعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية الشاملة، عبد العزيز مجاهد في كلمة له خلال افتتاح الندوة التاريخية التي نظمها المعهد، تحت عنوان «أيتام مجازر 8 ماي 1945»، أن هذه المجازر، كانت منعرجا حاسما في تاريخ الشعب الجزائري، الذي انتقل من مرحلة التفكك إلى مرحلة الترشيد و وحدة الصف في وجه الاستعمار الفرنسي البغيض.
وأضاف أن هذه الأحداث الأليمة، كانت بمثابة بركان أيقظ الضمائر الحية في الجزائر و زلزال زعزع المحتل.وأشار المتدخل، إلى المراحل التي أعقبت هذه المجازر، لافتا إلى أن المنظمة الخاصة وليدة انتفاضة 8 ماي 1945، والتي جاءت لتطوي صفحة الاحتلال، وأيقظت و وحدت وسطرت الطريق الذي جاء بالمنظمة الخاصة وثورة نوفمبر المجيدة.
من جانبه، أشار البروفيسور سفيان لوصيف، أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة سطيف 2، في مداخلته حول أرشيف مجازر 8 ماي 1945، إلى بشاعة المجازر التي ارتكبها المستعمر الفرنسي في حق الشعب الجزائري الأعزل بسطيف وقالمة و خراطة وغيرها، لافتا إلى منطقة عموشة بولاية سطيف التي تعرضت للإبادة في 8 ماي 1945.
وأوضح المتدخل، أن تاريخ الجزائر حافل بالبطولات والإنجازات، لافتا إلى أنه رغم مرور 80 سنة من هذه المجزرة، لا تزال المناطق التي عاشت المجازر، تعيش هذه الجراح، مشيرا إلى الجرائم التي ارتكبها المحتل الفرنسي والتي شملت تقتيل الأطفال والتنكيل بجثث ضحايا هذه المجازر وإعدام المتظاهرين رميا بالرصاص، مع إصدار تعليمات بعدم دفنهم وارتكاب المجازر في القرى و المداشر و التي استمرت لشهرين.
وأفاد المتحدث، أن الأرشيف الفرنسي، فيه انتقائية و لم يوثق هذه الإبادة والجرائم، بل قام بتوثيق عمليات الجيش الفرنسي ومناطق انتشارها وامتدادها.
وأضاف أن الاستعمار ارتكب جرائم في حق الشعب الجزائري وهذه الابادة التي ارتكبت في القرى و المداشر دليل على همجية المستعمر الفرنسي.من جانبه، ذكر السيد عاشور جلابي، مخرج ومعد الشريط الوثائقي الخاص بأيتام 8 ماي 1945 والذي تم عرضه خلال الندوة، أن مجازر 8 ماي 1945 تبوح بأسرار جديدة كل عام، لافتا إلى أن الشهادات التي جاءت في الشريط الوثائقي نستخلص منها العبر ورسالة تحدي.
وأوضح المتحدث، أن هذا الشريط الوثائقي الذي أعده بالإضافة إلى كتاب نشره يحمل نفس العنوان، هو مجهود دام عدة سنوات ويتضمن شهادات حية موثقة صوتا وصورة لأيتام عاشوا حدث المجازر في منطقة سطيف في بني عزيز عين الكبيرة وخراطة وعين عباسة. وأضاف أنه لا يمكن الحديث عن أيتام مجازر 8 ماي 1945 دون الحديث عن أكبر عملية تضامنية في ذلك الوقت والتي قامت بها امرأة من وهران تدعى خيرة بلقايد والتي قدمت في ماي 1945 من وهران إلى سطيف و أخذت معها 45 يتيما ونقلتهم إلى منطقة وهران بالتنسيق مع جمعية العلماء المسلمين وكذلك مع حزب الشعب الجزائري وقامت بتسليمهم إلى عائلات ميسورة الحال في وهران.
وأوضح أن هؤلاء الأيتام، عند انطلاق الثورة التحريرية ، أغلبهم انخرط في الثورة التحريرية.
وأضاف أن الكثير منهم شاهد وكان حاضرا عند قتل والديه وإحراق بيته وهي قصص مؤلمة وصادمة وتعطي رسالة تحدي و الكثير من العبر.
من جانبه، ذكر الدكتور أحمد عظيمي بالمناسبة، أن فرنسا لم تكتف بقتل الرجال والنساء فقط ، بل قامت بقتل الكثير من الأطفال، و أبادت عائلات في 8 ماي 1945 و ترك الأطفال بدون أهل.
و للإشارة، تم خلال هذه الندوة التاريخية، تقديم شهادات حية لأيتام هذه المجازر المروعة.
مراد -ح
