أكد وزير العدل حافظ الأختام، لطفي بوجمعة، أول أمس الخميس، أن استقلالية القاضي لا تُمنح بل تنبع من ضميره المهني، مشددا على أن العدالة النزيهة والمتجردة تشكل حجر الأساس في بناء دولة القانون وترسيخ الثقة في مؤسسات الجمهورية.
وفي كلمة ألقاها خلال إشرافه، على مراسم تخرج الدفعة 28 من الطلبة القضاة بالمدرسة العليا للقضاء بالقليعة، ولاية تيبازة، أبرز السيد بوجمعة، أن هذا التخرج يأتي ثمرة للعناية التي ما فتئ يوليها رئيس الجمهورية لقطاع العدالة، سواء من حيث تحديث المنظومة التشريعية، أو تحسين الظروف المهنية والاجتماعية للقضاة، في إطار مسار شامل لإصلاح العدالة يندرج ضمن تعهدات رئيس الجمهورية وتجسيدا لمقتضيات دستور 2020.
وأشار إلى أن الدفعة التي تتشكل من 198 قاضيا تلقوا «تكوينا نظريا وتطبيقيا عالي المستوى يترجم المكانة المرموقة التي يحتلها القضاء في الجزائر».
وفي هذا السياق، أكد وزير العدل أن الإصلاح القضائي لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال قضاة متمكنين من أدواتهم المهنية، متشبعين بالقيم الأخلاقية، ومحصنين بالعلم والضمير، موضحا أن استقلالية القاضي لا ترتبط فقط بالإطار المؤسساتي، بل تنطلق من التزامه الشخصي وتمسكه بروح العدالة.
وأضاف أن المنظومة القضائية الجزائرية شهدت خلال السنوات الأخيرة ديناميكية تشريعية قوية، تمثلت في مراجعة معمقة لعدد من القوانين الأساسية، على غرار قانون الإجراءات الجزائية الذي صدر مؤخرا بصيغة جديدة تعزز التوازن بين حماية المجتمع وضمان شروط المحاكمة العادلة. كما كشف الوزير عن قرب صدور تعديلات على قانون الإجراءات المدنية والإدارية، تهدف إلى تبسيط مسار التقاضي ومواكبة التحولات الرقمية.
واغتنم وزير العدل المناسبة للتأكيد على أهمية تحديث النصوص القانونية وفقا لمتطلبات الواقع الاجتماعي والاقتصادي، في ظل التحديات المستجدة، مشيرا إلى اعتماد قانونين جديدين يتعلقان بمكافحة تبييض الأموال وحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، وهما نصّان يندرجان في إطار تعزيز الحوكمة القضائية وحماية حقوق الأفراد.
وتوقف الوزير عند دلالة تسمية الدفعة باسم القاضي الراحل يلس مولود، الذي وافته المنية إثر حادث مرور أثناء توجهه إلى مقر عمله، معتبرا أن هذه المبادرة تكرّس ثقافة الوفاء والاعتراف بالتضحيات داخل قطاع العدالة. ووصف الفقيد بأنه «رمز للقاضي الملتزم، النزيه والمتفاني»، داعيا القضاة الجدد إلى جعل سيرته مثالا يحتذى به في الالتزام المهني والاستقامة.
من جهة أخرى عبّر وزير العدل عن ثقته في قدرة الخريجين الجدد على أداء مهامهم بكفاءة وروح مسؤولية في خدمة العدالة والمواطن، ضمن مسار متواصل لتحديث العدالة وترسيخ دولة القانون، مبرزا أن رهانات المرحلة المقبلة تفرض الاستمرار في التكوين والتفتح على التكنولوجيا القانونية والممارسات القضائية الفضلى.
وشهدت مراسم التخرج تنظيم عروض رمزية من الطلبة القضاة وتوزيع شهادات التخرج، في أجواء احتفالية طبعتها روح الانضباط والاعتزاز بالانتماء إلى أحد أهم أسلاك الدولة.
ع.أسابع
