أكد محللون سياسيون، أمس، أن ارتفاع حدة الخطاب العنصري و التمييزي الفرنسي ضد الجزائر، نابع من عدة أسباب ومنها عجز الحكومة الفرنسية عن مسايرة الملفات الداخلية الفرنسية و إلهاء الرأي العام وإبعاده عن أمهات القضايا في هذا البلد ومحاولة تصدير الأزمة إلى الملف الجزائري من خلال هذه التصريحات والهجمات و التصعيد في الخطاب، و كذا عدم تحمل باريس للندية الجزائرية ولدبلوماسية التجاهل والردع الدبلوماسي، كما أشاروا إلى أن القرارات السيادية التي اتخذتها الجزائر، أزعجت باريس، سيما مع عقد الجزائر للعديد من الشراكات الاستراتيجية الجديدة مع العديد من الدول ، أضف إلى ذلك انحسار فرنسا على مستوى القارة الإفريقية .
وأوضح أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية الدكتور رضوان بوهيدل في تصريح للنصر، أمس، أن هناك حالة من التخبط في الداخل الفرنسي ومحاولة تصدير الأزمة إلى الملف الجزائري من خلال عدد من التصريحات و التهجمات العشوائية، بداية من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وصولا إلى أصغر مسؤول في فرنسا.
وأضاف في هذا السياق، أن الجميع في قالب واحد وعلى موقف رجل واحد ضد الجزائر، وهو ما ترفضه الجزائر جملة وتفصيلا، كونها اتخذت قرارات سيادية أزعجت فرنسا مع فتح المجال لشراكات استراتيجية جديدة مع العديد من الدول ، سواء في الشرق أو الغرب ومنها روسيا ، الصين، تركيا ، الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها بالإضافة إلى عدد من الدول الأوروبية ومنها إيطاليا وألمانيا والبرتغال وهو ما أفقد فرنسا تواجدها الاقتصادي.
وأشار أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، في هذا الإطار إلى اتخاذ فرنسا قرارات عن طريق وزير الداخلية ووزير الخارجية والرئيس ماكرون بضرب الشرعية الدولية واتفاقية فيينا المنظمة للعلاقات الدبلوماسية والقنصلية و المساس بحصانة الحقائب الدبلوماسية وجواز السفر الدبلوماسي.
واعتبر أن ما قامت به الجزائر ما هو إلا ردة فعل عن هذا التصعيد الذي بدأ من طرف فرنسا، حتى تحافظ الجزائر على هيبة الدولة وصورتها وسيادتها، لافتا إلى أن الجزائر لم تتهجم يوما على فرنسا ، سواء من خلال تصريحات المسؤولين أو اتخاذ قرارات ضد باريس ولكن ما قامت به هي ردود فعل منطقية وعقلانية وشرعية و تدخل في إطار المعاملة بالمثل.ويرى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، أن فرنسا ومن خلال هذا القرارات العشوائية، أعادت العلاقات إلى المربع الأول ومن الصعب اليوم تحسين الأوضاع مع وجود هذه الطغمة الحاكمة في فرنسا والتي تسعى إلى تأجيج الأزمة بين البلدين والتي كانت متوترة أصلا ومحاولة الابتزاز والمساومة بعدد من الملفات والتدخل في الشؤون الداخلية. واعتبر الدكتور رضوان بوهيدل، أن هذا التصعيد من المتوقع أن يستمر في ظل وجود نفس الأشخاص في الحكم في فرنسا والتي تعيش منذ سنوات أزمات سوسيو اقتصادية كثيرة ، حيث فشلت الحكومات المتعاقبة منذ وصول ايمانويل ماكرون إلى الحكم في احتوائها.من جانبه، أوضح المحلل السياسي الدكتور حكيم بوغرارة في تصريح للنصر، أمس، أن ارتفاع حدة الخطاب العنصري والتمييزي الفرنسي ضد الجزائر نابع من عدة أسباب، أهمها عجز الحكومة الفرنسية التي استولى عليها اليمين واليمين المتطرف عن مسايرة الملفات الداخلية كمحاربة الإجرام وتوفير مناصب العمل والاستجابة لدعوات الفرنسيين للتقليص من حدة التضخم وارتفاع أسعار الطاقة ومختلف المواد الاستهلاكية، ما ينبئ بثورة اجتماعية.
وأضاف أنه أمام كل هذا الفشل، لم يجد وزير الداخلية ووزير الخارجية ووزير العدل ، إلا التصعيد في الخطابات بما يعرف في الأزمات بإلهاء الرأي العام وإبعاده عن أمهات القضايا في فرنسا، رغم أن الدستور الفرنسي يمنع التمييز وخطاب الكراهية، كما أن قانون الإعلام الفرنسي يمنع التشهير بالأفراد والسب والشتم والاعتداء على خصوصيات الآخرين.
كما أشار إلى أن الخطاب التمييزي المتصاعد تجاه الجزائر ، نابع من أحقاد ورثة» OAS» والسياسة الديغولية للجمهورية الخامسة، سياسة الجزرة والعصا والتي اعتمدها ديغول .
واعتبر الدكتور حكيم بوغرارة ، أن الخسائر التي تكبدتها فرنسا في أزمتها مع الجزائر ، خاصة في المجال الاقتصادي مع انحسار تواجد المؤسسات الفرنسية في المشاريع والصفقات الجزائرية، جعلها تنتقم وتجند العصابات السياسية من اليمين واليمين المتطرف وبعض الشخصيات المتطرفة على غرار السفير الأسبق في الجزائر كزافيي دريانكور ووسائل الإعلام التابعة لبولوري والكثير من المؤسسات الناقمة على الجزائر، أضف إلى ذلك انحسار فرنسا في إفريقيا، لافتا إلى أن هذا الخطاب العنصري الفرنسي نابع من عدم تحمل باريس للندية الجزائرية ولدبلوماسية التجاهل التي اتخذتها والردع الدبلوماسي. وأوضح في السياق ذاته، أن الاستفزازات الفرنسية من خلال خرق المعاهدات والاتفاقيات الخاصة بالتعاون القنصلي والدبلوماسي وسياسة التأشيرات، كنوع من محاولة الضغط على الجزائر وكل هذا يدخل في سياق التآمر من قبل هذه التيارات المتطرفة ضد الجزائر التي تحاول تحميل الجزائر كل الفشل الذي تعرفه فرنسا في الداخل.من جانب آخر أكد، المحلل السياسي بخصوص تعامل الجزائر مع أزمة العلاقات ، أنها كانت محترمة للتشريعات والاتفاقيات التي تجمع الطرفين ولم تبادر بخطوات استفزازية أو استعداء أو خرق للقوانين والتشريعات من باب احترامها للمواثيق الدولية والاتفاقيات الثنائية وتفضيلها دائما الحوار عبر القنوات المتاحة دبلوماسيا بين الدول لحل مختلف الاشكالات بين الدول، لافتا إلى أن فرنسا حاولت فرض الأمر الواقع مع خرق فاضح للقوانين والتشريعات وهو ما لم تتقبله الجزائر وردت بالمثل في الكثير من المرات وخاصة فيما يتعلق بنقض اتفاقية 2013 الخاصة بالإعفاء المتبادل من التأشيرات لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية وجوازات السفر لمهمة. وبخصوص اتجاهات الازمة يرى المتدخل، إن هناك الكثير من الاحتمالات ففي العرف الدبلوماسي الأزمات كلها تنتهي بحوار ومفاوضات ولكن على أسس ندية واحترام سيادة الجزائر وعدم العودة الى هذه الممارسات غير السوية من الفرنسيين، معتبرا أن فرنسا هي الخاسرة و أنها مطالبة بالخطوات الأولى لترميم العلاقات.
مراد-ح