أكدت مجلة الجيش، في افتتاحيتها، اليوم الثلاثاء، أن الجزائر تواصل بثقلها الاقتصادي وديناميكيتها التنموية، تكريس موقعها كفاعل أساسي في مسار التنمية والاندماج الإفريقي،
وأوضحت افتتاحية مجلة الجيش في عددها الصادر، اليوم الثلاثاء، أن الجزائر باحتضانها للطبعة الرابعة لمعرض التجارة البينية الإفريقية، كموعد هام يجسد التزام لتعزيز التبادل التجاري البيني في إطار منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، بما ينعكس إيجابا على التنمية الاقتصادية والاجتماعية لدول القارة وشعوبها، تعد ثالث أكبر اقتصاد إفريقي، وتطمح لاعتلاء صدارة الاقتصادات الإفريقية خلال السنوات القليلة القادمة، ستتمكن، حسب العديد من الخبراء الاقتصاديين، من الإسهام بفعالية في تسريع وتيرة الاندماج التجاري والاقتصادي للقارة، وذلك بفضل ما تتوفر عليه من مؤهلات اقتصادية وإمكانات تنافسية، فضلا عن موقعها الإستراتيجي، حيث يشكل انتماؤها لحوض البحر المتوسط بوابة نحو أوروبا، فيما يمنحها عمقها الإفريقي منفذا مميزا إلى أسواق القارة، وهو ما يؤهلها للعب دور اقتصادي مـحوري يرسخ مكانتها كقوة اقتصادية صاعدة ومـحرك أساسي للتنمية في إفريقيا.
وتابعت المجلة "إن الجزائر، التي ساندت بالأمس العديد من دول القارة السمراء في مسيرة تحررها من نير الاستعمار وتواصل اليوم مناصرة القضايا العادلة وفي مقدمتها قضية الصحراء الغربية، تسجل دوما حضورها المؤثر في جميع آليات العمل الإفريقي المشترك، مؤكدة أنها ستظل طرفا فاعلا وجزء لا يتجزأ من الجهد الجماعي الرامي لكسب رهانات التنمية الاقتصادية والتكامل القاري وتحقيق الرؤية الطموحة التي أرسى معالمها الاتحاد الإفريقي، ولاسيما من خلال دعمها القوي والمميز لمختلف المشاريع الكبرى ذات البعد الإفريقي، وهو ما أكده رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون حينما توجه إلى القادة والمسؤولين الأفارقة المشاركين في معرض التجارة البينية الإفريقية 2025، داعيا إياهم إلى جعل هذه الطبعة “منطلقا جديدا وعهدا متجددا نضع فيه أيدينا في أيدي البعض لنسير بخطى ثابتة نحو إفريقيا قوية، متضامنة ومزدهرة”، مضيفا: “فلتصنع إفريقيا غذاءها بنفسها ولتستمر وتستثمر ثرواتها لصالح أبنائها وبناتها وتنتزع مكانتها عن جدارة واستحقاق في عالم اليوم والغد على حد سواء... نحن نناضل من أجل تنمية إفريقية حقيقية“.
وبخصوص الترابط الوثيق بين الأمن والتنمية، "تبذل الجزائر جهودا مضنية وتؤدي دورا مـحوريا لتعزيز الأمن والاستقرار بالقارة، لاسيما في ظل تعدد بؤر التوتر والأزمات والنزاعات وتفشي الإرهاب والتطرف العنيف والجريمة المنظمة بمختلف أشكالها، وذلك عبر إسهامها في مـختلف الأطر العملياتية القارية المشتركة للتعاون في مجال مكافحة الإرهاب، على غرار لجنة أجهزة الأمن والمخابرات الإفريقية وآلية الاتحاد الإفريقي للتعاون الشرطي ولجنة الأركان العملياتية المشتركة والمركز الإفريقي للدراسات والبحوث المتعلقة بالإرهاب والقوة الإفريقية الجاهزة، بما في ذلك قدرة إقليم شمال إفريقيا، وهو ما أكده السيد الفريق أول السعيد شنڤريحة، الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي شهر ماي الفارط في كلمة له وجهها للمشاركين في تمرين “سلام شمال إفريقيا 3” الذي احتضنته بلادنا مشيرا أن هذا التمرين “يأتي تفعيلا لالتزاماتنا الثابتة لدعم آليات السلم والأمن القاري، وتعزيز أواصر التعاون العسكري الإقليمي تحت راية الاتحاد الإفريقي، بهدف تحقيق الأهداف الإستراتيجية الإفريقية للسلم والأمن، خاصة ما تعلق بجعل قارتنا أكثر استقرارا وازدهارا، وهي غاية بلدي الجزائر التي تتشرف بانتخابها، مرة أخرى، عضوا في مجلس الأمن والسلم الإفريقي“.
وأضافت المجلة أن الجزائر التي طالما كانت، ولا تزال، صوتا صداحا يدافع عن إفريقيا ويرافع في مـختلف المحافل الدولية عن مصالحها وطموحات دولها وشعوبها، بقدر ما تحمل هموم القارة وهواجسها، "تحتضن أيضا تطلعاتها وآمالها لتحقيق النهضة والنماء والازدهار في كنف الأمن والاستقرار، باذلة جهودا كبرى لتوحيد صوت الأفارقة وإعلائه على الصعيد العالمي، وهي ليست مواقف مؤقتة تحكمها حسابات ظرفية، بل قناعة راسخة نابعة من الإرث النضالي والانتماء التاريخي والجغرافي لبلادنا، ما جعلها صوتا مسموعا وطرفا موثوقا من قِبل الأشقاء الأفارقة، ثقة يترجمها انتخاب الجزائر في العديد من الهياكل القارية، على غرار نيابة رئاسة مفوضية الاتحاد الإفريقي وعضوية مجلس السلم والأمن للاتحاد الإفريقي، فضلا عن دورها الهام كرئيس للآلية الإفريقية للتقييم من قبل النظراء، ومنسق للاتحاد الإفريقي لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، وهي المسؤوليات التي تؤديها بلادنا بكل التزام واقتدار وتحظى بالإشادة من قبل القادة الأفارقة ومـختلف الهيئات القارية."
وعادت الافتتاحية للحديث عن مكانة الجزائر المرموقة التي تحظى بها الجزائر في الساحة الإفريقية، مؤكدة أنها "ثمرة لمقاربتها الشاملة والمتكاملة والمتوازنة التي جعلت منها شريكا رئيسا في دعم أمن واستقرار إفريقيا وتنميتها، وهي مقاربة تجمع بين الدبلوماسية النشطة والفاعلة والتنمية المستدامة والتعاون الأمني المسؤول، وتستمد قوتها من مبادئ بلادنا الثابتة المرتكزة على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية وحسن الجوار وتغليب الحلول السلمية على منطق القوة، فضلا عن الالتزام بقيم الوحدة والتضامن والعمل المشترك من أجل قارة آمنة ومستقرة ومزدهرة."