أحيى أول أمس، أطباء الصحة العقلية بمستشفى البليدة، مئوية ميلاد المفكر والطبيب فرانز فانون، وأجمعوا في يوم دراسي نظمته جمعية أحباب متحف فانون، على أن الرجل كان أول من وضع أسس الطب العقلي في الجزائر من خلال ابتكاره لطرق علاج جديدة للمرضى وربطه للعلاج بتحرر الفرد، حين تيقن أن تحقيق العلاج في الطب العقلي لن يكون إلا بتحرر الفرد.
وأوضح، أخصائي الطب العقلي للأطفال الدكتور إدريس تيرانتي، أن فانون أشرف على المستشفى الوحيد المختص في الطب العقلي بالجزائر الكائن بالبليدة، مشيرا إلى أنه كان منفتحا وتعلّم نوعية العلاج النفسي وأدمج معه الجانب السيوسيولوجي بعد تعلمه في فرنسا، أنه حاول تطبيقه في الجزائر بعد الإبداع فيه.مضيفا، بأن فانون يري أن الإنسان لا يمكن أن يكون إلا حراً، وفي وسط اجتماعي متلائم معه، ومعترف به ويعطيه قيمته، في حين أن المجتمع الاستعماري إبان الاحتلال الفرنسي للجزائر لم يمنح قيمة للإنسان الجزائري بل جعله معزولًا، بل ولم يكن النظام الاستعماري ينظر إليه كإنسان وإنما كأداة وكان ينفي إنسانية وبشرية هذا الفرد كليا، لهذا ربط فانون وسائل العلاج بالحالة الاجتماعية والسياسية التي كان الجزائري يعيشها ودعا إلى التحرر في كل الميادين. وفي السياق ذاته، قال الدكتور محمد شكالي، بأن فانون الذي عمل في مستشفى البليدة لمدة 03 سنوات، تيقّن أنه لا يستطيع معالجة مريض جزائري في تلك الفترة بدون معالجة الجزائر المستعمَرة وتحريرها ولهذا أخذ خيار ومنحى الثورة، مشيرا إلى أن جمعية أحباب متحف فانون، تفكر في استحداث قطب علمي وثقافي للمفكر والطبيب فرانز فانون، للتعريف به ودراسة أفكاره ونهجه التحرري والعلاجي.
من جانبه، أوضح الطبيب والكاتب ميلود يبرير، أن راهنية فانون لا تكتسي أهميتها برؤيته فقط، بل أيضًا ببقاء الهيمنة وتغيّر بعض أشكالها إلى اليوم، مشيرا إلى أن فانون كان سفيرًا متنقلًا للثورة الجزائرية في إفريقيا، كما ظل سفيرًا لمستقبل الشعوب ومجتمعات كثيرة. وأضاف، أنه حاول التصدي لمشكلتين أساسيتين، وهما حجم المعرفة القليل المنتج حول المجتمع الجزائري، وقصور مناهج البحث المطوّرة في مجتمعات أخرى، والتي تحمل منطلقات وافتراضات وشبكة قراءة قد لا تتناسب كلها مع المجتمع الجزائري، وقد جعله هذا في الأخير يبتعد عن المنهج الصلب، ويقترب أكثر من قراءة الواقع وتفكيكه ودراسة مخرجاته بحرية أكثر. نورالدين ع