الجمعة 22 أوت 2025 الموافق لـ 27 صفر 1447
Accueil Top Pub

فضح أعداء الإنسانية واستحق دكتوراه فخرية ثانية: بيـب غوارديــولا.. صوت الحــق في غابــة الباطــــل

بيب غوارديولا.. إنسان أكثر من كونه مدربا في كرة القدم، لقبوه بـ «الفيلسوف»، ولكنه نال شهادة دكتوراه فخرية من جامعة مانشستر الإنجليزية، استغل حفل تسليمها للتنديد بالإبادة الجماعية الحاصلة في غزة العزة وفلسطين المحتلة، وسمحت له بتوجيه رسائل قوية لعالم أصبح يسوده «قانون الغاب»، ولا تحترم فيه حقوق الإنسان والروح البشرية. غوارديولا أكثر من مجرد مدرب، لقد استخدم اللعبة لتغيير قواعد اللعبة، وتمرير رسائل لقوى الشر والاستكبار وأعداء الإنسانية في العالم.

تقرير: صالح بوتعريشت

ارتقاء أكثر من 50 ألف شهيد ومعاناة عشرات آلاف الجرحى واليتامى والأرامل في حرب الإبادة التي يرتكبها الكيان الصهيوني في غزة منذ 7 أكتوبر 2023، كلها أحداث ومآسي لم تدفع غوارديولا للوقوف على الحياد. المدرب الإسباني أو الكتالوني نسبة لمكان مولده، استغل فرصة حصوله على دكتوراه فخرية من جامعة مانشستر، وصعد إلى المنصة لإلقاء كلمة فاجأ بها المنظمين، وراح يدافع فيها عن كرامة وإنسانية المستضعفين، حيث قال :»ما نراه في غزة مؤلم للغاية، إنه يؤلم كل جسدي، واسمحوا لي أن أكون واضحا، الأمر لا يتعلق بالإيديولوجيا، ولا يتعلق بأنني على حق وأنت مخطئ، الأمر يتعلق فقط بحب الحياة»، هكذا بدأ غوارديولا التعبير عن ألمه وحزنه تجاه ما يمر بأهل غزة الذين يواجهون آلة القتل الوحشية بصدور عارية، مع تجويع وعملية تهجير يريد «الكيان السرطاني» القيام بها، لكي يطرد أبناء الشعب الفلسطيني من الأرض التي عاشوا فيها آلاف السنين.
وبدا المدرب الإسباني خلال إلقائه لكلمته في جامعة مانشستر، منكسرا بسبب عمليات القتل والترويع التي يتعرض لها أطفال غزة من طرف «مغول العصر»، حيث قال: «نرى الأولاد والبنات بعمر 4 سنوات يتم قتلهم بقنبلة، مع استهداف المستشفيات، ولو أنه لم يبق مستشفى، هذا ليس من شأننا، حسنا، يمكننا التفكير أنه ليس من شأننا، ولكن التالي سيكون نحن، سيكون الأطفال القادمون بعمر 4 و5 سنوات أطفالنا».
وأكد بيب أنه يشعر بالخوف بسبب ما يتعرض له أطفال غزة منذ بداية الحرب البربرية، التي يشنها الكيان الصهيوني على القطاع، وعلق على الوضع المأساوي هناك قائلا: «عندما أرى كل صباح الأطفال في غزة منذ بداية هذا الكابوس، وأنا خائف للغاية، من الممكن أن تبدو هذه الصورة بعيدة عن المكان الذي نعيش فيه، ولكن سأتذكر قصة»، وهنا ذهب غوارديولا ليسرد قصة غابة تشتعل فيها النيران، وعصفور يطير فيها ذهابا وإيابا حاملا الماء بمنقاره، لأنه بواجبه هذا يسهم في إطفاء النار مهما كان حجمه –على حد تعبيره-.

إشادة عربية ودولية بموقف غوارديولا

هذه الكلمات القوية من غوارديولا في جامعة مانشستر سيتي لدى منحه شهادة الدكتوراه الفخرية، وموقفه التاريخي الداعم لغزة والرافض لسياسات القتل والإبادة الجماعية المنتهجة من طرف الكيان الصهيوني زلزلت أركان قاعة الجامعة، ولقيت إشادة وتأييدا كبيرا وواسعا من طرف الكثيرين سواء في المنطقة العربية وحتى في أوروبا وأمريكا.
بيب المعروف بولائه في الوسط الكروي لإقليم كتالونيا ونادي برشلونة الذي تألق فيه لاعبا ومدربا، لم يتلق عبارات المدح من مشجعي وعشاق «البارصا» فقط، بل أن موقفه الإنساني والرجولي جعله يحظى باحترام عشاق الغريم التقليدي ريال مدريد، وبقية الفرق الأخرى.
«احترامنا لك زاد يا بيب، ولكل الشرفاء الذين يقولون كلمة حق في وجه عالم حائر»، بهذه العبارات والكلمات، علق المعلق الرياضي الجزائري الشهير حفيظ دراجي عبر صفحته في «الفايسبوك» على مساندة غوارديولا لغزة، ومثله فعل الكثيرون من الصحفيين في الوطن العربي.
ومن جهته، وصف عمرو الذي يعد واحدا من المدونين الرياضيين العرب الأكثر نشاطا في موقع التواصل الاجتماعي «إكس»، وقوف ودعم المدرب الإسباني لغزة الجريحة بالموقف العظيم، وقال: «أعظم مقطع ستشاهده، بيب غوارديولا أفضل مدرب في تاريخ كرة القدم يتحدث عما يحدث في فلسطين وغزة».
ولم تتوقف الإشادة بكلمة غوارديولا الداعمة لغزة عند حدود الوطن العربي، وتجاوزته إلى الأوروبيين وغيرهم من الأجناس المتضامنين مع القضية الأكثر عدلا في العالم، وهذا التضامن المستمر من طرفهم يتجلى كل أسبوع وكل يوم أحيانا في المظاهرات التي تخرج بالعواصم والمدن الغربية، بالإضافة إلى الفعاليات والمبادرات التي تساند الشعب الفلسطيني المضطهد والمقهور، وآخرها إبحار سفينة «مادلين» في عرض البحر الأبيض المتوسط، وعلى متنها الكثير من الناشطين من مختلف بقاع العالم، لكسر الحصار المفروض منذ ما يقارب العشريتين من الزمن على غزة، ليتم قرصنتها بعد ذلك من طرف مجرمي الكيان الصهيوني في المياه الدولية، وذلك في تصرف ينافي كل المواثيق الدولية.

دعم بيب لفلسطين وغزة ليس بالجديد

دعم المدرب غوارديولا لغزة ليس بالجديد، ولكنه كان مختلفا وأكثر صراحة ووضوحا هذه المرة، بفعل ما يتعرض له القطاع الجريح من أبشع عمليات القتل والتنكيل منذ 7 أكتوبر 2023، وقبل ذلك منذ حصاره من طرف الكيان الهمجي عام 2007.
بيب كان له أيضا موقف قوي ولافت بعد أشهر قليلة من بداية العدوان على غزة، ولكنه عبر عنه بطريقة غير مباشرة، عندما أدلى بتصريحات في إحدى المؤتمرات الصحفية لناديه مانشستر سيتي، قال فيه: «الجميع ينظر إلى منزله، أما الجار فلا يهمه، انظر ما يحدث حاليا حول العالم، ونحن نجلس هنا دون أن نفعل أي شيء على الإطلاق».
وأكد المدرب الإسباني حينها أن ما يحدث في قطاع غزة، المثقل بالجراح والآلام ظلم واضح، بقوله: «إن ما يحدث، إنه هنا بجوارنا، ويوما ما سيأتي إلينا وسيصيبنا، هنالك الكثير من الظلم حول العالم، ونحن جالسون، كل شخص يهتم بنفسه فقط».
وأجمع قطاع واسع من متابعي الشأن الكروي والرياضي وحتى السياسي العالمي، أن الكلام الذي قاله غوارديولا في ذلك الوقت كان يقصد به حرب الإبادة الجماعية التي تتعرض لها غزة، وإذا كان قد عبر عن رأيه وموقفه في المرة الأولى بطريقة غير مباشرة، فإنه كان واضحا ومباشرا في كلمته القوية والتاريخية بجامعة مانشستر.

ماريا.. انعكاس لموقف والدها في الواقع والمواقع

التضامن لدى آل غوارديولا مع القضية الفلسطينية وقطاع غزة لا يخص بيب حصرا، ويتعداه إلى ابنته ماريا، والتي تعد واحدة من أبنائه الثلاثة، وانعكاسا لشخصيته ومواقفه الداعمة للقضية الأكثر عدلا في العالم، ضمن الواقع وعبر مواقع التواصل الاجتماعي.
ماريا صاحبة (24 عاما) لا تفوت أي فرصة تتاح لها للوقوف مع غزة التي تطحن بآلة القتل الصهيوني، وسبق لها الخروج في مظاهرة بالعاصمة الإنجليزية، قدرت وسائل الإعلام الغربية عدد المشاركين فيها 100 ألف شخص، للتضامن مع الشعب الفلسطيني.
وتستغل ماريا كذلك وسائل التواصل الاجتماعي، ولاسيما موقع «إنستغرام»، للتعبير عن موقفها الداعم لفلسطين المحتلة سواء كان ذلك عبر منشورات أو قصص صغيرة «ستوري»، وذلك في مواقف لا تختلف كثيرا عن مواقف والدها، الذي يعد واحدا من أفضل المدربين في العالم.
الشابة الإسبانية، سجلت أيضا دعمها للقضية الفلسطينية في مناسبات أخرى، وظهورها بالكوفية الفلسطينية مع والدها بيب، لدى تتويج نادي مانشستر سيتي بلقب الدوري الإنجليزي موسم 2023-2024 لأبرز مثال على ذلك.
وسجلت عائلة غوارديولا حضورها ووقوفها إلى جانب قطاع غزة وشعب فلسطين المنكوب منذ النكبة الأولى عام 1948، -وبعدها ما يمكن وصفه بـ «النكبة الثانية» بداية من 2023-، وصاحت بصوت الحق في وجوه قاتلي الأطفال والنساء، ومرتكبي جرائم الحرب المطلوبين من طرف المحكمة الجنائية الدولية.
ومهما يكن، ومهما قد يتلقاه بيب من ضغوط في مسيرته المهنية كمدرب بسبب وقوفه ودعمه لغزة وضحايا حرب الإبادة الجماعية في القطاع المحاصر من كل جهة، فإن غوارديولا سجل موقفا مشرفا سيخلده له التاريخ، ورفض الوقوف عاجزا وصامتا أمام جرائم الكيان الصهيوني السرطاني في جسد الأمة العربية والإسلامية.
غوارديولا كان إنسانا قبل أن يكون مدربا، وعبر بكل ثقة وعفوية في جامعة مانشستر، عما يجول في خاطر الكثير من الأشخاص حول العالم، والذين تعتصر قلوبهم حزنا وألما لما يشاهدونه على المباشر من إبادة وقتل وتدمير لمقدرات شعب لا حول ولا قوة له، ولا يحلم سوى بالعيش في كنف السلم والأمان والحرية مثله مثل بقية شعوب هذا العالم الذي أصبح عبارة عن غابة يقودها الباطل، ولكن الحق سينتصر عليه ولو بعد حين.

ص/ ب

 

 

آخر الأخبار

Articles Side Pub-new
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com