
يرى خبراء في البيئة والجيوفيزياء، أن ما تشهده دول عدة في آسيا من عواصف وفيضانات يأتي ضمن نمط عالمي يشير إلى اشتداد متطرف للمناخ وتخطيط عمراني هش، مؤكدين أن احترار مياه البحار والمحيطات يؤثر بشكل مباشر ويجعل العديد من الدول والمناطق بما فيها شمال إفريقيا وحتى الجزائر عرضة لعواصف مماثلة قد يصعب التنبؤ بها.
إيمان زياري
وتشير تقارير مناخية حديثة، إلى أن آسيا أصبحت من أكثر القارات تعرضا للأمطار الغزيرة المفاجئة، إلى جانب ظاهرة «النينيو» وتأثيرها على الطقس، أين شهدت المنطقة هذا العام نشاطا ملحوظا للظاهرة التي تؤدي إلى اضطرابات مناخية تشمل زيادة الأمطار في بعض المناطق، مقابل الجفاف في مناطق أخرى، بحيث ساهمت هذه الظاهرة في تعزيز قوة العواصف الآسيوية.
من جانب آخر، تؤكد الدراسات على أن تغييرات استعمال الأراضي والتوسع العمراني غير المنظم خاصة على المناطق الرطبة، وردم الأودية ومجاري المياه الطبيعية، كلها عوامل تضاعف آثار الفيضان ففي عديد المدن الآسيوية الكبرى، تتحول الأمطار الغزيرة إلى فيضانات فورية بسبب انسداد شبكات الصرف أو افتقارها للقدرة الاستيعابية، كما يؤدي تدهور الغاباب، وإزالة الغطاء النباتي، وقطع الأشجار وتسريع إزالة الغابات، إلى قلة قدرة التربة على امتصاص المياه، ما يتسبب في انزلاقات أرضية كارثية كما حدث في بعض المناطق الجبلية بالهند والفلبين.
الباحثة في الجيوفيزياء الدكتورة ليلى عليوان
سخونة البحار والمحيطات وراء العواصف
وأكدت الباحثة في الجيوفيزياء ومديرة مخبر فيزياء الأرض بكلية المحروقات والكيمياء ببومرداس، الدكتورة ليلى عليوان، أن العواصف والأعاصير التي شهدتها عديد الدول الآسيوية وخلفت مئات القتلى والمفقودين وشردت الآلاف، مردها بالدرجة الأولى للتغيرات المناخية التي يشهدها الكوكب خلال السنوات الأخيرة، بفعل الارتفاع الكبير في درجات الحرارة التي عانت منها مناطق عدة من العالم، مفسرة ذلك بحجم التبخر الذي ينتج عن هذه الحرارة وبالتالي تسجيل نسب أمطار أكبر قد تصعب مراقبتها.
وأرجعت الباحثة الظواهر المتطرفة من جانب آخر، إلى العامل البشري الذي حملته جزءا كبيرا من المسؤولية، متحدثة عن التوسع العمراني غير المدروس وانسداد الوديان وحتى قطع الغابات.
وأوضحت، أن إفريقيا وحتى الجزائر معرضة للفيضانات كباقي الدول، خاصة المتعلقة منها بارتفاع درجات الحرارة المسببة للتبخر والأعاصير والأمطار المفاجئة العنيفة، كما سجلت خلال المواسم السابقة بالجزائر وبعض الدول الإفريقية مثل ليبيا، مضيفة أن التضاريس أيضا قد تعيق سيولة المياه الناتجة عن الأمطار.
وقالت، بأن منطقة شمال إفريقيا والجزائر بشكل خاص، ليست بمنأى عن هذه الأخطار، أوضحت أن سطح البحر الأبيض المتوسط قد سجل ارتفاعا قياسيا في درجة حرارة سطحه، وهو ما من شأنه أن يؤثر على معدلات الهطول. كما قد يسبب أمطارا قوية وحتى أعاصير.
ويمكنه أيضا حسبها، أن يخلف تأثيرا وصفته بالخطير على البيئة البحرية، أما فيما يتعلق باحتمال تسجيل تسونامي بمنطقة شمال إفريقيا والجزائر، فقد استبعدت محدثتنا ذلك، وأكدت أن الظاهرة تحدث في مناطق معينة من العالم مثل اليابان.
الخبيرة البيئية والتنمية المستدامة صليحة زردوم
على إفريقيا والجزائر التكيف مع احتمالات الكوارث
قالت الخبيرة في البيئة والتنمية المستدامة صليحة زردوم، بأن العالم يشهد اضطرابات جيولوجية ومناخية متزايدة، منها ثورات بركانية وفيضانات، مع ارتفاع في درجات الحرارة، وأحداث قطبية غير مألوفة، مؤكدة أهمية مواصلة البحث والاستعداد لضرورة فهم دينامية كوكب الأرض التي أصبحت تتغير بسرعة.
وأوضحت زردوم، أن دولا كثيرة شهدت فيضانات مدمرة، وبراكين وزلازل امتدت من باكستان إلى اليونان، إلى اليابان، والفيتنام خلال النصف الأول من شهر نوفمبر، أين تعرضت العديد من دول العالم إلى كوارث مناخية صنفت ضمن ظاهرة المناخ المتطرف.
وأكدت، أن المعطيات العلمية تبرز أن التأثيرات ستكون عالمية، وقد تشمل منطقة شمال إفريقيا وحتى الجزائر، منذرة بشتاء غير مستقر بناء على تحليل البيانات الصادرة عن الجهات المختصة، التي أظهرت أن ضعف الدوامة القطبية أدى إلى تقلبات مناخية عنيفة وأحيانا موجات حر غير عادية، تليها موجات برد غير عادية، تليها عواصف.
وقالت، إن التغيرات المتتالية والمتسارعة تؤثر على المحاصيل الفلاحية، الصحة، الأنظمة البيئية، كما قد ينتج عن ذلك أحد أكثر فصول الشتاء تطرفا في التاريخ الحديث لكوكب الأرض في نصف الكرة الشمالي.
تأثيرات مباشرة ودعوة لوضع خطط فعالة للتكيف
وحذرت الخبيرة، من خطر التهاون مع مثل هذه الأخبار والتعاطي معها بشكل خاطئ، خاصة موجات البرد غير المتوقعة، وأكدت أن إفريقيا ليست بمنأى عن هذه التغيرات بحكم أنها ضمن الدول التي تدفع ثمن الأضرار المناخية بالرغم من أنها ليست المسؤولة عن الأسباب بشكل مباشر.
مشيرة، إلى موجات الحر التي اجتاحت الدول ومن بينها الجزائر فضلا عن حالات الجفاف، وتسجيل تجاوز 50 درجة مئوية، بينما شهدت الجزائر تراجعا في نسب هطول الأمطار في عز فصل الشتاء، بما يعرض الغطاء النباتي للتدهور.
وتحدثت الخبيرة، عن العواصف الرملية والتربة التي أصبحت تؤثر على الحالة الصحية، التنفس، التنقل الجوي، كما تؤثر على المواسم الزراعية خاصة إنتاج بعض الأنواع مثل القمح والمحاصيل الإستراتيجية والحساسة للظروف المناخية كالتمور.
وأكدت، أن البيانات المتاحة حاليا تشير إلى تسجيل ارتفاع نسبي في درجات الحرارة على مستوى المحيطات والبحار حول إفريقيا، كما أصبحت التيارات الجوية أكثر اضطرابا، وصارت مياه المحيطات دافئة بسبب الدوامة القطبية في الشمال.
موضحة، أن الدوامة أثرت على التيارات الهوائية المتجهة إلى إفريقيا، مما تسبب في تذبذب فصلي غير مألوف، بما يجعل إفريقيا والجزائر عرضة للتطرف المناخي، بسبب ارتفاع درجات الحرارة غير المألوف في الشتاء، إلى جانب الجفاف والفيضانات ومواسم فلاحية ومنتوجات مضطربة.
وفي ظل تسارع الظواهر المناخية المتطرفة، دعت إلى ضرورة الاستعداد الاستباقي لكونها ضرورة ملحة لإفريقيا عموما والجزائر بشكل خاص، بهدف تحسين قدرة المجتمعات على الصمود، من خلال تعزيز أنظمة الإنذار المبكر، وتطوير شبكة الرصد الجوي، وتوفير البيانات والتنبيهات حول الأمطار والحرائق والعواصف الرملية وخاصة إشراك السكان في عمليات التبليغ وإصلاح شبكات المياه.
كما دعت الخبيرة إلى تخزين مياه الأمطار عبر الحواجز، وتعميم الزراعات الذكية، وتبني أصناف زراعية تتحمل الحرارة والجفاف ومواجهة الحرائق والعواصف، وتنظيف الغابات وتعزيز الوعي المجتمعي، وتدريب المدارس على مخططات الطوارئ بشكل استباقي.
وأكدت على أهمية التخطيط المبكر، والتكنولوجيات الحديثة، وإشراك السكان وتوعيتهم لمواجهة هذه التحديات وتحويلها إلى فرص وبناء مجتمعات أكثر صمودا في التغيرات المناخية.

الباحثة في بيولوجيا النبات أسماء نويشي
تغيرات المناخ وراء ظهور نباتات غازية وحشرات بقسنطينة
تعتبر التغيرات المناخية وما تخلفه من ارتفاع في الحرارة وقلة المياه من أهم العوامل التي تؤثر على النباتات وتهدد بتراجع أنواع كما تتسبّب في ظهور أخرى غازية بقسنطينة، ما قد يشكّل تهديدا للتنوع النباتي الأصيل، كما تؤثر على كم ونوع المادة الفعالة في النباتات الطبية والعطرية، وتؤدي كذلك إلى بروز حشرات لم تكن موجودة وتسرّع من تطوّرها.
إسلام. ق
ترى الدكتورة المختصة في بيولوجيا النباتات بجامعة قسنطينة 1، أسماء نويشي، أنّ قسنطينة تتميّز بتنوع نباتي خاصة في الغابات والمناطق الجبلية، مثل جبل الوحش أين تنتشر أشجار البلوط الأخضر والبلوط الفليني وبعض أنواع الأوركيد. بالإضافة إلى النباتات المائية المتواجدة في محيط الوديان والمجاري المائية، والتي تتأثر كذلك بحدة الجفاف وتغير نوعية المياه، محذرة من أن هذه الأصناف مهددة بالاندثار والتراجع.
تهديد لوجود النبات وظهور أخرى غازية
وأضافت المتحدّثة، أنّ هذا التراجع يعود إلى الجفاف والإجهاد المائي الذي ينتج عنه ما يعرف بتغير مواسم النمو، فالإجهاد المائي بالأخص قلة الأمطار وارتفاع درجات الحرارة يؤديان إلى انخفاض رطوبة التربة أو المحتوى المائي ما يضعف قدرة النباتات، خاصة قدرة الأشجار المعمرة على امتصاص الماء والعناصر الغذائية، فتتعرض للأمراض والآفات.
وأشارت أيضا، إلى التصحر وتعرية التربة نتيجة الجفاف وإزالة الغطاء النباتي، وكيف يقللان من قدرة التربة على الاحتفاظ بالماء والمواد العضوية الضرورية لنمو النبات.
وتطرقت الباحثة إلى معضلة التوسع العمراني والنشاط البشري الذي أدى إلى تقليل المساحة المتاحة للنمو ما يمنع التبادل الجيني بين مجموعات النباتات ويضعف قدرة التكيف، إذ يؤدي الأمر إلى تقسيم الوسط الطبيعي من مساحة شاسعة متصلة إلى مناطق أصغر معزولة فيقلل ذلك من المساحات المتاحة للنباتات والحيوانات ويعزل مجموعات النباتات عن بعضها.
وأردفت نويشي، أنّ أصنافا نباتية غازية لم تكن موجودة أو كانت قليلة الانتشار ظهرت بشكل ملحوظ مؤخرا، كالأكاسيا وبعض أنواعها، إذ باتت تُزرع وتنتشر بسرعة، وكذلك الزفزاف أو حشيشة الدينار.
وأوضحت الباحثة، أنّ شجرة الأكاسيا تتميّز بسرعة نموها وقدرتها على تحمل ظروف صعبة مثل الجفاف والملوحة، ما يسمح لها بالتفوق على النباتات المحلية والتنافس معها على الموارد. وحسبها فإن الأصناف الغازية تشكل تهديدا للتنوع النباتي الأصيل لأسباب عدة كالمنافسة الشديدة، وإطلاق مواد كيميائية سامة في التربة تمنع نمو البذور والنباتات الأخرى.
وتحدثت في مقابل ذلك، عن أن بعض النباتات تظهر قدرة أعلى على التكيف مع التغيرات المناخية بالأخص الجفاف وارتفاع الحرارة، نجد مثلا النباتات الشوكية والجفافية على غرار بعض أنواع الصبار والصباريات المحلية التي تملك آليات لتقليل فقدان الماء، وأيضا النباتات العطرية والطبية مثل إكليل الجبل، الزعتر، والريحان، والتي تملك أوراقاً جلدية أو صغيرة مغطاة بالشعيرات أو الزيوت التي تقلل من النتح وتساعد على تحمل الإجهاد، وأيضا الأصناف التي تتميز بنظام جذري عميق يمكنها من الوصول إلى المياه الجوفية.
تأثيرات كبيرة على دورة حياة الحشرات
ولفتت المتحدّثة، إلى أنّه من المحتمل جداً رصد أنواع من الحشرات لم تكن موجودة أو زاد تعدادها بشكل كبير، إذ ترجع الباحثة، ظهور هذه المعضلة على حدّ وصفها، إلى عامل بالغ الأهمية يتمثّل في ارتفاع درجات الحرارة، فالمناخ الأكثر دفئاً يسمح للحشرات التي كانت تستوطن مناطق دافئة جنوباً أو المناطق المدارية بالانتقال والاستيطان في قسنطينة.
ومن الأمثلة عن الحشرات التي قد تظهر أو يتزايد تأثيرها هي بعض أنواع النمل الأبيض، سوسة النخيل الحمراء، وأيضا حشرة حفارة أوراق الطماطم، وبعض الحشرات القشرية أو المن التي أصبحت دورة حياتها أسرع.
وأوضحت، أن حشرات المن تتميّز بدورتي تكاثر في الموسم الواحد توالد جنسي وآخر لا جنسي وهما مرتبطان بالحرارة، ففي الظروف الحارة تتكاثر المن بسرعة كبيرة بسبب التوالد اللاجنسي أو البكري، حيث تلد إناث المن صغاراً حية دون تلقيح ما يسرع زيادة أعدادها.
كما أن الحرارة تسرّع حسب ما شرحت الباحثة، من نمو الصغار وتقلل مدة الانسلاخات اللازمة للوصول إلى البلوغ، وبالتالي تتوالى أجيال عدة في فترة قصيرة. وأيضا عند ارتفاع الحرارة تظهر أعداد أكبر من المن المجنح الذي ينتقل إلى نباتات جديدة فتنتشر الآفة أكثر.
وفي الظروف الباردة تتكاثر المن جنسيًا وتبيض بيضاً يبيّت خلال الشتاء ليبدأ دورة جديدة في الربيع، ما يعني تسجيل مناطق إصابة جديدة إما مركزية أو منتشرة حسب نوع الأفراد «ولودة» أو «مجنحة». وعن تأثير الحرارة على دورة حياة الحشرات قالت نويشي، إنها تؤثر بشكل عميق، إذ تسرّع من العمليات التطورية مما يقلل من الفترة الزمنية بين الأجيال، وقد يؤدي ذلك إلى ظهور أجيال إضافية في نفس العام.
كما أن ارتفاع الحرارة شتاء يقلل معدلات موت الحشرات البالغة أو البيض واليرقات خلال مرحلة البيات الشتوي، كما تسمح للآفات الحشرية بالبقاء والتكاثر في مناطق لم تكن مناسبة لها سابقاً. وأضافت، أنّ زيادة أعداد الأجيال وظهور أخرى إضافية مع تغير مواسم ظهور الحشرات سواء كان ظهورا مبكرا أو غير متوقع، إلى جانب الاستخدام المتكرر وغير المنتظم للمبيدات بسبب زيادة أجيال الآفة، يرفع من خطر تطوير الحشرات لآليات مقاومة للمبيدات الكيميائية، فتربك هذه العوامل جداول المكافحة التقليدية وتقلل من فعاليتها.
الإجهاد المائي يؤثر على المواد الفعالة
وتشتهر قسنطينة ومحيطها، بالعديد من النباتات الطبية والعطرية وفق المتحدّثة، حيث تنمو هذه الأصناف في مناطقها الغابية وشبه القاحلة، وذكرت بعضا من أهم هذه الأنواع كالزعتر، إكليل الجبل، الخزامى أو اللافندر، الشيح، العرعار، الريحان، البابونج، الخياطة (جعيدة)، الدرياس (بونافع)، قرايص، لسان الثور وغيرها.
منبّهة، إلى أنه يمكن للتغيرات المناخية أن تؤثّر على كمية ونوعية المادة الفعالة بالأخص الزيوت الأساسية في النباتات الطبية والعطرية، إذ يمكن على سبيل المثال أن يزيد الإجهاد المائي من كم ونوع بعض المواد الفعالة على غرار الزيوت الطيارة أو المركبات الفينولية، وهي مركبات تنتجها النبتة كآلية دفاع ضد الإجهاد، مما يؤثر على الخصائص العلاجية للنبتة.
وأوضحت المتحدّثة، أنّ قلة الماء أو عدم كفايته ينتج ويزيد من تركيز بعض هذه المواد، لأنه يدفع النبات إلى محاولة حماية نفسه عن طريق زيادة المواد المفيدة التي ينتجها، لكن زيادة الجفاف المائي يغير تركيز مكونات الزيوت الطيارة مثل نسب مركب «الكارفاكرول» مقابل «الثيمول» في الزعتر، مما يؤثر على خصائص العلاج.
كما أشارت إلى أنّه تم استخلاص زيوت أساسية لنباتات جمعت في فترات الجفاف وفترات عادية ولوحظ الفرق.
وترى الباحث، أنّه لحماية الأصول الوراثية لهذه النباتات ينبغي جمع البذور، الأنسجة النباتية، والأجزاء الخضرية، وتخزينها في بنوك البذور أو حدائق الحفظ النباتية، مع التركيز على الأصناف المحلية النادرة. إلى جانب حماية الموائل الطبيعية للنباتات لضمان استمرار نموها وتطورها الطبيعي، وكذلك العمل مع مراكز البحث والجامعات لتطوير برامج للتكاثر وزراعة هذه النباتات بشكل مستدام ومدروس للحد من الضغط على مجموعاتها البرية. فضلا عن إجراء دراسات مسحية ووراثية لتحديد الأصناف الأكثر مقاومة للتغيرات المناخية وتوثيق المعرفة التقليدية لاستخدامها.
كما ترى الدكتورة، أنه ينبغي سن وتطبيق قوانين صارمة لحظر القطف الجائر والاستغلال المفرط لهذه النباتات.

توج بالمركز الأول في اللقاء الوطني للنوادي الخضراء
مشـــــروع لتثميـــن النفـايـــات العضويـــة وتحويلهــــا إلى سمــاد طبيعـــــي
توّجت بوذيبة ندى، طالبة بكلية العلوم الدقيقة وعلوم الطبيعة والحياة، تخصص ميكروبيولوجيا تطبيقية بجامعة الشيخ العربي التبسي بتبسة، بالمركز الأول لأحسن مشروع بيئي في اللقاء الوطني للنوادي الخضراء المنعقد بولاية بومرداس مؤخرا، حول موضوع البيئة والتغيرات المناخية.
وأوضحت الطالبة للنصر، أن التتويج تحقق بفضل المشروع المبتكر Compovita، وهو مبتكر علمي يهدف إلى تثمين النفايات العضوية وتحويلها إلى سماد طبيعي صديق للبيئة، مؤكدة أنها ثمرة عمل فريق شاب وطموح، يضم طلبة باحثين يمتلكون مهارات أكاديمية وعلمية متكاملة، وتضم المجموعة كلا من المعنية وزميلاها في البحث زهير براح، والحمزة محمد رياض، وقد تم العمل تحت إشراف الدكتورة سوسن سماعلي.
وذكرت المتحدثة، أن المشروع انطلق من إشكالية بيئية حقيقية، تعاني منها الجزائر عامّة وولاية تبسة بشكل خاص، إذ تنتج بلادنا أكثر من 12 مليون طن سنوياً من النفايات، منها 53 في المائة نفايات عضوية بمعدل 800 غرام للفرد يوميا وفق إحصائيات الوكالة الوطنية للنفايات AND، ورغم ضخامة هذه الكميات، ما تزال حلول التثمين الفعّال محدودة حسبها، وهو ما يُضاعف الأثر السلبي على البيئة.
وقالت، إن الفكرة ولدت من هذه الإشكالية، حيث يوفر مبتكرها “ كومبوفيتا” Compovita حلولا علمية مستدامة، تقوم على إعادة رسكلة النفايات العضوية وتحويلها إلى أسمدة طبيعية خالصة.
وبما أنّ عملية نضج السماد تستغرق عادة من 6 أشهر إلى سنة، عمل الفريق كما أوضحت، على تطوير مسرّع حيوي طبيعي يعتمد على كائنات مجهرية محلية، يختصر مدة إنتاج السماد إلى أربعة أسابيع فقط دون التأثير على الجودة.
وأفادت، أن الحلول المطورة تسمح باختصار الزمن وتقليل التلوث البيئي، وتحسين جمالية المحيط، ودعم الفلاحين بأسمدة طبيعية خالية من المواد الكيميائية، والمساهمة في تعزيز الزراعة المستدامة. كما قام الفريق بتطوير منصة إلكترونية خاصة بالمشروع، تُعرّف بمنتجاته وخدماته، وتُعدّ جسر تواصل فعّال بين الشركة وزبائنها.
وحسب الشابة، فإن المجموعة البحثية تؤمن بأن النجاح لا يتحقق بفضل منتج واحد فقط، بل يعتمد على روح الفريق والقدرة على الابتكار المتجدد معلقة :” عزيمتنا، شغفنا، وتكامل مهاراتنا هي القوة التي تدفعنا نحو التميّز، ومع كل خطوة، نضع نصب أعيننا هدفا واحدا هو أن يكون اسم Compovita رائدا في مجال التدوير الحيوي والزراعة المستدامة في الجزائر وخارجها».
وذكرت الطلبة ندى، أنه بالاستناد إلى المعلومات التي تلقّتها من مديرية البيئة لولاية تبسة، تبيّن أن الولاية تواجه مشكلا بيئيا ملحوظا، يتمثل في الكميات الكبيرة من الفضلات العضوية الحيوانية، خصوصا مخلفات الدواجن المنتجة، وقالت بأن هذه النفايات تُعدّ أحد مصادر التلوث البيئي الخطيرة في حال عدم استغلالها بطريقة صحيحة، وبما أنّ مشروعها يعتمد على إعادة تدوير النفايات العضوية بما فيها الحيوانية وتحويلها إلى موارد ذات قيمة، فقد سعت رفقة زملائها إلى توجيه الاهتمام نحو هذا النوع من الفضلات بهدف تثمينها وتحويلها إلى عنصر مفيد للولاية.
وأضافت المتحدثة قائلة :» خلال مشاركتي في اللقاء الوطني للنوادي الخضراء حظي المشروع باهتمام خاص من السيدة وزيرة البيئة التي أعربت عن دعمها لهذه المبادرة، ووجّهت السيد مدير البيئة لولاية تبسة لمرافقتنا في هذا المسار والعمل معنا على معالجة هذه النفايات قبل استغلالها في إنتاج السماد الطبيعي”.
واعتبرت الشابة، أن تثمين هذه النفايات مساهمة فعالة في تحسين جودة الحياة البيئية، ونشر الوعي حول أهمية الفرز الأولي للنفايات وإمكان تحويلها إلى مورد طاقوي مستدام، والحد من الانتشار العشوائي للفضلات التي تشوه المحيط،، كما يساهم العمل في التقليل من ردم أو حرق النفايات و يحمي الهواء والتربة والمياه الجوفية.
وفيما يتعلق بالجانب التسويقي للمشروع، أوضحت أن المشروع اعتمد في بدايته على المنصة الإلكترونية “CompoVita” كوسيلة رئيسية للتعريف بالخدمات والمنتجات، وتقديم نصائح بيئية للمجتمع، بالإضافة إلى توفير فضاء للتواصل مع الأشخاص الراغبين في التخلص من نفاياتهم العضوية بطريقة مسؤولة.
ويتم الاعتماد كذلك على وسائل التواصل الاجتماعي لبلوغ مختلف شرائح المجتمع وعلى الحملات التحسيسية والتوعوية خصوصا للأطفال، إيمانا بأن الاستثمار في وعي الطفل هو الأساس لبناء جيل بيئي واعٍ ومثقف كما قالت.
إضافة إلى ذلك، تظل المشاركة في المعارض الوطنية وخاصة البيئية وسيلة فعّالة للتسويق حسبها، وقد شكلت نقطة انطلاق المشروع الذي وُلد من ملتقى بيئي وطني بعد أن كان مشروع تخرج في شهر اكتوبر.
عبد العزيز نصيب