الثلاثاء 30 سبتمبر 2025 الموافق لـ 7 ربيع الثاني 1447
Accueil Top Pub

تسعى لحماية الطبيعة والمحافظة على التوازن البيئي: جمعيــات تنظـم النشــاط و تواجـه الصيــد الجائــر بقسنطينــــة

لا يعد الصيد في قسنطينة مجرد هواية موسمية بقدر ما هو تقليد قديم متجدد يجمع بين الشغف بالطبيعة، ومتعة المطاردة، والانضباط بالقوانين التي تحمي الثروة الحيوانية وتحافظ على التوازن البيئي، فالصياد هنا لا يكتفي بحمل سلاحه وتتبع الطريدة، بل يسير عشرات الكيلومترات عبر الجبال والسهول، ليجعل من هذه الممارسة رياضة بدنية ذات أبعاد صحية وترفيهية في آن واحد، ومع أن الصيد يرتبط بمتعة الفرد، إلا أن تنظيمه في قسنطينة يخضع إلى إطار مؤسسي صارم، تتولاه الفيدرالية الولائية للصيادين وبالتنسيق المباشر مع محافظة الغابات، من خلال جمع ملفات الصيادين و تأطيرهم وتكوينهم قبل منحهم الرخص القانونية.

رضا حلاس

تكوين إلزامي و إجراءات صارمة للحصول على رخصة الصيد

وعن شروط الحصول على رخصة الصيد في الجزائر عموما، أوضح معاذ بن مقورة، مفتش رئيس للغابات ورئيس مصلحة الحماية بمحافظة الغابات بقسنطينة، في تصريح لـ»النصر»، أن العملية تخضع لجملة من الشروط الدقيقة والإجراءات الإلزامية، وذلك وفقا للمرسوم التنفيذي رقم 06-386 الصادر بتاريخ 31 أكتوبر 2006، والذي يحدد شروط وكيفيات منح رخصة الصيد.
ويشترط في المترشح أن يكون جزائري الجنسية، لا يقل سنه عن 18 سنة، ومنخرطا في جمعية للصيد، على أن يجتاز تكوينا خاصا بعد إيداع ملف أولي يضم طلب التكوين، شهادة إقامة، شهادة ميلاد وشهادة طبية وبعد اجتياز التكوين بنجاح يتحصل المترشح على شهادة تخوله طلب رخصة الصيد، ليودع ملفا ثانيا يتضمن شهادة إثبات القدرة العقلية، رخصة حمل السلاح، إضافة إلى حقوق التسجيل، قبل أن تمنح له الرخصة بشكل رسمي.
وأضاف معاذ بن مقورة، أن التكوين يستمر ثلاثة أيام كاملة بموجب اتفاقية بين إدارة الغابات وإحدى المؤسسات العمومية، مقابل حقوق مالية تقدر بـ 10 آلاف دينار جزائري، تشمل تكاليف الإيجار والإطعام، والوثائق القانونية و التأطير.
ويتوزع البرنامج بين يومين نظريين ويوم تطبيقي، يتلقى المترشح في اليوم الأول تكوينا في خمس مواد، أبرزها التعرف على الطرائد والأمراض التي قد تصيبها أو تصيب مرافق الصياد مثل الكلب ويؤطرها مفتش بيطري تابع للمصالح الفلاحية.
أما اليوم الثاني، فيتضمن ثلاث مواد أهمها أخلاقيات الصيد، القوانين المنظمة، والعقوبات الخاصة بالمخالفات، ويخصص اليوم الثالث للتكوين التطبيقي حول الإسعافات الأولية بالتعاون مع الحماية المدنية، إضافة إلى احتياطات استعمال السلاح.
وحسبه، فإن هذا التكوين مفتوح على مدار السنة، ويمكن تنظيمه حتى 12 مرة سنويا، حسب عدد الطلبات المسجلة، بينما يُجرى الامتحان أربع مرات في السنة، خلال أشهر مارس، جوان، سبتمبر وديسمبر، ليمنح الناجحون رخصة الصيد الرسمية التي تخولهم ممارسة النشاط في إطار قانوني ومنظم.
قانون 04-07.. المرجع الأساسي لتنظيم الصيد
وقال المتحدث، إن القانون 04-07 الصادر في 14 أوت 2004 يُعد المرجع الأساسي لتنظيم نشاط الصيد في الجزائر، إذ يتضمن التعاريف والمصطلحات المرتبطة به، ويضبط النصوص التطبيقية المتعلقة بكيفيات الممارسة وشروطها.وأوضح معاذ بن مقورة، أن هذا القانون يبرز الأثر الحقيقي للصيد وينظم توزيع المسؤوليات بين مختلف المتدخلين في القطاع، مشيرا إلى أن إدارة الصيد وفق ما ينص عليه التشريع تتطلب فهما دقيقا للأنظمة المعمول بها، إلى جانب الالتزام بالممارسات الجيدة التي لا يمكن اكتسابها إلا عبر تكوين ملائم يضمن ممارسة واعية ومسؤولة.
كراء أراضي الصيد.. تنظيم صارم و إجراءات دقيقة
وأكد المتحدث، أن ممارسة الصيد بولاية قسنطينة تخضع إلى تنظيم دقيق يراعي خصوصية كل منطقة، حيث تحدد حصص الصيد داخل المناطق المخصصة لذلك، فيما يتولى رئيس الفيدرالية طلب المصادقة على رخص الصيد الخاصة بالموسم المقبل، الذي يمتد على عشرة مواسم ويجدد سنويا.
وتشمل الرخص التأمين والغرامات إلى جانب تصريح يسمح للصياد بممارسة نشاطه عبر مختلف ولايات الوطن بشكل عادي، وتقوم جمعيات الصيد بكراء الأراضي المخصصة للنشاط، وذلك طبقا للمرسوم التنفيذي رقم 06-398 المؤرخ في نوفمبر 2006، والذي يحدد قواعد تأجير مناطق الصيد بالمزارعة في الأملاك العمومية والخاصة التابعة للدولة وكذا كيفيات وشروط إيجار مساحات الصيد التابعة للخواص، والتي لا تقل مساحتها عن 250 هكتارا. ويتم حسبه، فتح استشارات لتحديد حصص الصيد، مع أولوية تمنح للجمعيات الناشطة داخل حدود المنطقة المستأجرة أو بحسب أقدميتها، ويحدد سعر الكراء بـ 500 دينار للهكتار الواحد، وبعد الكراء يُستخرج ملف إجازة الصيد الذي يتضمن الطلب الرسمي، وعدد الصيادين وأسمائهم، لتُبرم الاتفاقية بعد دفع المستحقات لدى مديرية أملاك الدولة. وتمتد مدة الإجازة ما بين ستة (06) أشهر وثلاث (03) سنوات أو خمس (05) سنوات وأكثر، وتُصدر الرخص النهائية نحو كل الولايات كما تُحدد الإجازات بحسب نوع الطريدة وعددها وأيام الصيد المسموحة. ويمكن مثلا أن يُسمح لكل صياد باصطياد أربع(04) طرائد في اليوم خلال فترات محددة بنهاية الأسبوع والعطل الرسمية. وفي السياق ذاته، يمكن للصياد أن يمتلك رخصة واحدة وثلاث إجازات في ولايات مختلفة، وفق القوانين المنظمة.
تحديد حصص الصيد يخضع لإحصاء ميداني دقيق للطرائد

وأوضح رئيس مصلحة الحماية بمحافظة الغابات بالولاية، أن تحديد حصص الصيد بقسنطينة، يتم وفق عملية إحصاء دقيقة للطرائد قبل انطلاق كل موسم وخلال فترة التكاثر، حيث يشارك أعوان الغابات وأعضاء فيدرالية الصيادين، إلى جانب الصيادين أنفسهم في هذه العملية الميدانية.
ويتم تقسيم المساحات إلى وحدات صغيرة لا تتجاوز 10 هكتارات لإحصاء الطرائد المتواجدة بها، وتشمل الأنواع الأكثر انتشارا في المنطقة الحجلة والأرنب، إضافة إلى الطرائد الغابية والمائية مثل السمان، الزرزور، وحمام الغابة. واعتمادا على نتائج هذا الإحصاء، يتم تحديد الحصة المسموح بها، إذ قد يُمنع الصيد تماما في حال كان المخزون ضعيفا أو منعدما، ما يجعل الحصة مرتبطة مباشرة بالحالة الحقيقية للثروة الحيوانية.
إطلاق طيور البط لتعزيز التوازن البيئي
هذا وشهدت ولاية قسنطينة خلال الشهر المنصرم، عملية بيئية هامة تمثلت في إطلاق 700 طائر من «البط ذي العنق الأخضر» عبر أربع محميات مائية طبيعية، وذلك في إطار اتفاقية تعاون بين محافظة الغابات ومركز الصيد بالرغاية وبمشاركة الفيدرالية الولائية للصيادين.
وتهدف المبادرة إلى دعم الثروة الحيوانية بالمناطق الرطبة واستعادة التوازن البيئي، مع تكريس نموذج الصيد المسؤول القائم على الاستدامة والحفاظ على التنوع البيولوجي.
عقوبات رادعة لضبط النشاط
ووفقا للقانون رقم 04-07 المؤرخ في 14 أوت 2004، يتم فرض عقوبات مختلفة عن الصيادين، كل من يمارس الصيد خارج المناطق الصيد الأخرى والفترات المنصوص عليها في أحكام هذا القانون، ويتضمن قانون العقوبات 15 مخالفة وجنحة، وتختلف كل عقوبة على حسب طبيعة المخالفة المرتكبة.
فممارسة الصيد خارج الفترات القانونية أو باستعمال وسائل ممنوعة تعد جنحة يعاقب عليها بالحبس من شهرين إلى ثلاث سنوات، إضافة إلى غرامات مالية قد تصل إلى 50 ألف دينار، كما يُعاقب الصيد دون رخصة أو بترخيص غير صالح بالسجن من شهرين إلى ستة أشهر مع غرامات تتراوح بين 10 آلاف و50 ألف دينار.
أما الاعتداء على الأصناف المحمية أو حيازتها أو بيعها، فيواجه مرتكبها عقوبات أشد، تصل إلى ستة (06) أشهر حبسا وغرامة قد تبلغ 100 ألف دينار، مع مصادرة الطرائد أو الأسلحة المستعملة، كما يجرم القانون المتاجرة بالطرائد خارج موسمها أو تجاوز العدد المسموح بصيده، حيث تُفرض غرامات عن كل طريدة مخالفة، قد تصل إلى 10 آلاف دينار ويشدد النص أيضاً على معاقبة الصيد داخل الأراضي الزراعية أو المحميات الطبيعية دون ترخيص، بعقوبات تشمل السجن والغرامات، فيما قد تصل العقوبة إلى 5 سنوات حبسا في حال استعمال العنف أو تهديد أعوان الرقابة.
12 جمعية بقسنطينة تحت لواء الفيدرالية في إطار منظم وجهود تطوعية

يمثل جمال حمودة، رئيس الفيدرالية الولائية للصيادين بقسنطينة والأمين العام للفيدرالية الوطنية، صوتا أساسيا في تنظيم وتأطير نشاط الصيد على المستويين المحلي والوطني.
ويكشف المتحدث، أن ولاية قسنطينة تحتضن 12 جمعية للصيادين موزعة على مختلف البلديات، بحيث تتكفل كل جمعية بتنظيم منخرطيها وتسيير نشاطهم في إطار قانوني ومنظم، ما يجعل مجموع الصيادين المنخرطين يناهز 825 صيادا، من أصل ما يقارب ثلاثة آلاف صياد ينشطون عبر الولاية.
ولم يقتصر هذا التنظيم على تأطير ممارسة الصيد فحسب، بل امتد ليأخذ بعدا تطوعيا وخدماتيا، حيث يساهم الصيادون في مساعدة البلديات للتقليل من خطر الكلاب الضالة وحماية السكان، كما ينخرطون في مبادرات بيئية بالتعاون مع محافظة الغابات، على غرار عمليات غرس الأشجار، ما يعكس صورة الصياد المسؤول الذي يتجاوز حدود هوايته ليكون فاعلا في خدمة المجتمع والبيئة.
10 مناطق مرخصة تخضع لرقابة صارمة ومعايير دقيقة للاختيار
تتوفر حاليا عشر مناطق بولاية قسنطينة، مرخصة لممارسة الصيد، تتوزع بين أرضية الملعب ببلدية زيغود يوسف، والشطابة بعين السمارة، إضافة إلى عين برناز، والمعزولة 1 و2، والدوامس 1 و2، ومسطاس 1 و2 بعين عبيد، فضلا عن ذراع الناقة بالخروب.
ويؤكد جمال حمودة رئيس الفيدرالية الولائية للصيادين، أن اختيار هذه الأراضي يخضع لإجراءات دقيقة، تبدأ بإرسال المقترحات إلى مديرية أملاك الدولة لتحديد طبيعتها القانونية، بين ملكيات خاصة أو عامة، قبل أن تُرفع إلى مديرية الغابات في حال تجاوزت مساحتها 250 هكتارا وبعد مرورها على اللجنة الأمنية المختصة، ففي السنة الأولى من إطلاق العملية.
ويضيف المتحدث، أنه تم اقتراح 65 قطعة أرض، أبقت اللجنة الأمنية منها على 28، ليتم اختيار 12 قطعة فقط تفوق مساحتها 250 هكتارا ولم تبق في النهاية سوى قطعة واحدة تابعة للأملاك الوطنية الغابية وهي أرض الملعب بزيغود يوسف، التي تم كراؤها لفيدرالية الصيد.
أما في السنة الثانية، فقد تقلص عدد المساحات المعتمدة إلى سبع فقط، قبل أن يرتفع هذا العام إلى عشر فضاءات، بعد تقسيم ثلاث أراضٍ ببلدية عين عبيد، كما أكد على أن الطرائد المتواجدة فوق الأراضي الخاصة لا تعتبر ملكا لأصحابها ولا يجوز صيدها إلا وفق القوانين المنظمة.
تفعيل القانون لإنهاء الفوضى و تنظيم الهواية في إطار بيئي مسؤول
الصيد البري في جوهره ليس مجرد مطاردة للطريدة كما قال المتحدث، بل نشاط رياضي وترفيهي يجمع بين المتعة والبعد الصحي، إذ يقطع الصياد خلال رحلته عشرات الكيلومترات في تضاريس متنوعة. وفي قسنطينة تشرف الفيدرالية الولائية للصيادين التي تعمل بتنسيق مباشر مع محافظة الغابات، من خلال استقبال ملفات الراغبين في ممارسة الصيد بشكل قانوني، مرورا بمرحلة التكوين التي تعد شرطاً أساسياً للحصول على الرخصة.
ويبلغ عدد الصيادين المنظمين بالولاية نحو 825 صياداً، ضمن حوالي 50 ألف صياد مرخص على المستوى الوطني، في وقت تسعى فيه الفيدرالية الوطنية إلى إدماج باقي الهواة ضمن الأطر القانونية استناداً إلى القانون 04-07 الذي أعيد تفعيله بعد سنوات من الجمود، ويؤكد جمال حمودة، أن هذا القانون جاء لضبط النشاط وإنهاء الفوضى التي ميزت الصيد لسنوات طويلة، مع ضمان التوازن بين حماية الثروة الحيوانية ومتعة الهواية، وفي المقابل تواصل محافظة الغابات بالتنسيق مع الدرك الوطني جهودها لمكافحة الصيد العشوائي الذي يعد أبرز تهديد للتنوع البيولوجي، غير أن غياب مرسوم تنفيذي يحدد آليات الرقابة يجعل هذه الجهود محدودة، في انتظار تعزيزها بنصوص أكثر صرامة.
إشكالية كراء الأراضي تهدد تنظيم الصيد بقسنطينة
وفيما يخص الفضاءات المخصصة لممارسة الصيد، تعتمد الجمعيات الولائية على صيغة «كراء الأراضي بالمزارعة»، حيث تحدد الدولة مساحات معينة يمكن استغلالها مقابل مبلغ 500 دج للهكتار الواحد، لمدة سنة قابلة للتجديد، غير أن هذا المبلغ وفق ما أوضح رئيس الفيدرالية جمال حمودة، يبقى مرتفعا مقارنة بحقيقة النشاط، إذ أن كراء مساحة تقدر بـ 250 هكتارا يكلف الجمعية ما يقارب 150 ألف دج سنويا، رغم أن الأرض تستعمل فقط كمجال للمشي وممارسة الهواية، دون أي مردود مادي.
وقد رفعت الفيدرالية انشغالاتها بهذا الخصوص إلى وزارة الفلاحة، مطالبة بمراجعة هذا السعر وتخفيضه بما يتناسب مع إمكانيات الجمعيات، حتى تتمكن من ضمان استمرارية نشاطها، وتلتزم كل جمعية ولائية بكراء أرض داخل إقليمها لممارسة الصيد بشكل قانوني. أما في حال عدم توفر فضاءات مناسبة، فإنها تلجأ إلى عقد شراكات مع جمعيات أخرى في بلديات مجاورة لاستغلال قطعة أرض واحدة بشكل مشترك، تحت إشراف الفيدرالية الولائية وبالتنسيق الدائم مع محافظة الغابات، بما يضمن ممارسة منظمة تراعي القوانين وتحافظ على البيئة.
المجلس الأعلى للصيد يضبط المواعيد والكميات المسموح بها
يخضع الصيد البري في الجزائر إلى تنظيم دقيق تشرف عليه الفيدراليات الولائية بالتنسيق مع محافظات الغابات، حيث ترفع تقارير ميدانية إلى الفيدرالية الوطنية ومنها إلى المحافظة الوطنية للغابات، ليعرض تقريرا شاملا على المجلس الأعلى للصيد برئاسة وزير الفلاحة، الذي يحدد تاريخ فتح الموسم والكميات المسموح بها.
وأوضح رئيس الفيدرالية الولائية جمال حمودة، أن الموسم الماضي استوفى كل الإجراءات القانونية، من تأجير الأراضي إلى المصادقة الوزارية، غير أن غياب الذخيرة حال دون انطلاق فعلي للنشاط، رغم التزامات الصيادين المادية.
وحسب التنظيم، يُوزع عدد محدد من الخراطيش لكل صياد بما يتناسب مع الموسم. ففي قسنطينة، التي تضم جوالي 825 صيادا منظما، يُسمح لكل صياد بـ 150 خرطوشة شهريا، أي 600 خرطوشة طيلة الأشهر الأربعة، هذا النظام يهدف إلى ضمان استعمال رشيد للذخيرة وتفادي تجاوزات قد تهدد التوازن البيئي، ليبقى الصيد هواية مؤطرة بالقانون ووسيلة للحفاظ على التنوع الطبيعي.
تنوع الطرائد بين المسموح و الممنوع في مواسم الصيد

تزخر الجزائر بتنوع بيولوجي غني يجعلها موطنا لمعظم الطرائد المعروفة، لكن هذا الثراء الطبيعي يقابله حرص كبير على حماية الأنواع المهددة بالانقراض، ما يفسر وجود قوانين دقيقة تحدد بدقة فترات وأنواع الصيد المسموح به. ففيما يخص الطرائد الشائعة مثل الحجل، الأرنب البري وحمامة الخشب، فإن صيدها يكون عادة ما بين منتصف سبتمبر ونهاية ديسمبر، بينما تخضع الطرائد المهاجرة كطائر السمان وحمامة القمح لجدول زمني خاص. إذ يسمح بصيدهما عادة من 15 جويلية إلى 7 أوت (موسم الحصاد)، بينما يكون صيد طائر التدرج والزرزور ممكنا من 01 نوفمبر إلى 01 فيفري.
كما توجد طرائد مسموح بصيدها نظرا لسرعة تكاثرها، على غرار الخنزير البري الذي تنظم بشأنه «حوشات» خاصة بتعليمات من والي الولاية، للحد من أعداده المتزايدة، في حين ما تزال بعض الأصناف الوافدة قيد الدراسة لتحديد وضعها.
وتعتمد ممارسة الصيد على مبادئ أخلاقية وقانونية تهدف أساساً إلى الحفاظ على التوازن الطبيعي، إذ يُمنع الصيد خلال فترات التكاثر أو باستعمال وسائل محظورة مثل السيارات والأضواء الكاشفة والفخاخ، مع السماح فقط بالسلاح التقليدي وكلب الصيد، وبهذا يبقى الصيد هواية محكومة بالضوابط، بين متعة المطاردة وواجب حماية التنوع البيولوجي.
الصيد الجائر يهدد التنوع البيولوجي

يطرح الصيد العشوائي في ولاية قسنطينة، تحديا حقيقيا يهدد التوازن البيئي والثروة الحيوانية، حيث تُسجل تجاوزات من طرف بعض الهواة الذين يستعملون وسائل ممنوعة مثل الأضواء الكاشفة أو الفخاخ والشباك، بل وحتى ممارسة الصيد في مواسم التكاثر أو في الفترات الليلية، وهو ما يحول الهواية من نشاط ترفيهي منظم إلى تهديد مباشر للطبيعة، ويشير رئيس الفيدرالية الولائية للصيادين جمال حمودة، إلى أن مثل هذه الممارسات تضرب جهود الجمعيات المنظمة عرض الحائط، وتفتح الباب أمام تراجع أعداد طرائد أساسية مثل الحجل والأرنب البري، فضلا عن الطيور المهاجرة التي تعبر المنطقة.
ويؤكد المتحدث أن الحل يكمن في فرض رقابة صارمة، وتكثيف التوعية والتكوين، مع ضمان توفير الذخيرة النظامية وتجديد الأسلحة في إطار قانوني، حتى يبقى الصيد نشاطاً متوازناً يحترم القوانين ويحافظ على التنوع البيولوجي.
الصيد فن تكتمل معادلته بالكلب والسلاح والطبيعة

يمثل الصيد نشاطا يتطلب دقة عالية وخبرة متراكمة، فالطريدة بطبيعتها مزودة بخاصية التمويه والقدرة على التخفي كما أوضح جمال حمودة، الأمر الذي يجعل مطاردتها تحديا صعبا، وهنا يبرز الدور المحوري لكلب الصيد، الذي يعد شريك الصياد الأساسي، إذ يقوم بما نسبته 90 بالمئة من الجهد بفضل حواسه القوية في السمع والشم والرؤية، وعند اقترابه من الطريدة، يتوقف تلقائيا في وضعية تعرف بـ»الوقف»، مانحا الصياد فرصة الاستعداد، ثم ينقض عليها فتفر هاربة، لتبدأ اللحظة الحاسمة التي لا تتجاوز ثلاث ثوانٍ، حيث يتوجب على الصياد أن يكون في قمة تركيزه لإطلاق النار، وتُعتبر الحجلة مثالا حيا على صعوبة الاستهداف، إذ يستحيل صيدها وهي على الأرض بسبب قدرتها على التخفي، ولا يمكن إصابتها إلا عند إقلاعها.
أما أدوات الصيد، فتمثل الأسلحة والذخيرة الركيزة الأساسية، حيث يعتمد الصيادون غالبًا على بنادق الصيد ذات العيار 12 و16، مع أنواع متعددة من الذخيرة بحسب الطريدة.
وتُعد البنادق الخفيفة الخيار الأمثل، لما تمنحه من سهولة في الحمل وسرعة في التعامل، سواء كانت ذات ماسورة واحدة أو مزدوجة، وهو ما يتيح مرونة أكبر أثناء المطاردة.
وبهذا يتضح أن نجاح عملية الصيد لا يقتصر على مهارة الصياد، بل يقوم على معادلة متكاملة تجمع بين الإنسان، والكلب، وأدوات الصيد، في انسجام مع الطبيعة.
الصيادون يلتزمون بممارسة الهواية ضمن الأطر القانونية
يؤكد الصيادون في ولاية قسنطينة، عبر رئيس الفيدرالية الولائية جمال حمودة، على أهمية توفير مستلزمات الصيد الضرورية وفي مقدمتها الذخيرة، إضافة إلى تجديد الأسلحة المستعملة في الصيد، من أجل ممارسة نشاطهم في إطار منظم وقانوني.
وأوضح المتحدث، أن الفيدرالية كانت قد رفعت مطالب رسمية في هذا الشأن إلى والي الولاية، كما تم مراسلة وزارة الفلاحة لمتابعة الموضوع على المستوى المركزي، وأضاف أن المراسلات السابقة لم تتوج برد رسمي بعد، رغم اقتراب موعد افتتاح موسم الصيد، وفي هذا السياق، يعبر الصيادون عن أملهم في أن يتم التكفل بهذا الانشغال في أقرب الآجال، حتى يكون الموسم المقبل فرصة حقيقية لممارسة الهواية وفق القوانين والمراسيم المنظمة، خاصة وأنهم يلتزمون بكراء الأراضي واحترام كل الضوابط، ما يستدعي بالمقابل دعما يضمن لهم ممارسة نشاطهم في ظروف مناسبة ومنظمة.

آخر الأخبار

Articles Side Pub-new
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com