تأبى الأقدار إلاّ أن يلقي عصا ترحاله، وهو في عزّ مناوراته العسكرية والإبداعية، عن عمر لم يتجاوز التاسعة والأربعين، قضى نصفه جنديا في سلاح البحرية الوطنية، وما يعادل ذلك أو يتجاوزه قليلا قضاه طائرا في سماء الكتابة الإبداعية الصافية.
يوسف وغليسي
كان في الحاليْن أشبه ما يكون بالجندي المجهول... لقد ظلّ زاهدا في (النشر والتوزيع)، إلا ما كان من قصائد وقصص وخواطر قليلة نشرها في أسبوعية (أضواء)، ويومية (النصر) منذ ما يقارب ثلاثين سنة.
كانت مقدّمتي لديوانه المخطوط (سنة 1988) أوّل مقدمة أكتبها في حياتي، ولم أنتبه إلى أنّ مقدمتي قد ضاعت، وأنّ ديوانه لم ينشر، إلاّ يوم ضاع عمّار، أو “العيدي وَلْدْ سي احْمد” كما كان يناديه سكان القرية، ومن المصادفات القدرية أن نفتقد “العيدي” في هذا العيد، الذي لن يكون -بعده- سعيدا...
كنا، أنا وهو، والراحل مالك بوذيبة، ومحمد كعوان، وعمر بوذيبة، وأسماء أدبية أخرى من آل بوذيبة بالخصوص، تجمعنا الأحلام الإبداعية العريضة والحياة الريفية الجميلة (على قساوتها وضراوتها) بين تاغراس وبين الويدان.
ثمّ حال موج الأزرق الجيجلي الكبير بيننا وبينه، حين انخرط في سلك البحرية، وحين لفظه البحر، ولا عاصم، كان له القبرُ والقلب مثوى أخيرا.
وقبل البحرية، كنّا لا نراه -عادة- إلاّ عابر سبيل في قريتنا تاغراس، وحين نلتقي لا نلتقي تقريبا إلا في حدود المستطيل الرملي الأصفر/الملعب الرياضي، حيث كان الراحل نجم منتخب القرية لكرة القدم، أو نلتقي حين نأوي إلى جهاز (البوسط كاسيت) الذي كان رفيقه الدائم في تنقلاته اليومية المتكرّرة بين الدار والمقهى، كان مجنونا بعبد الحليم حافظ، يحفظ جلّ أغانيه وسيرة حياته؛ كلّ شاردة أو واردة تخصّ العندليب الأسمر كان علمُها عنده، معه تفلسفنا في أحزان عبد الحليم، وتعلّقنا بذلك الجهاز العزيز الغالي الذي كنّا ندفع دمَنا ثمنا لبطارياته، يوم لم يكن متاحا أمامنا أن نرى التلفزيون (في المناسبات الرياضية الكبيرة عادة) إلاّ في المقاهي البرجوازية النائية، ويوم لم يكن في القرية كهرباء، ولا طرقات صالحة للمشي، ولا مياه إلا ما يجري منذ الأزل في وديان القرية وشعابها، ولا غاز، ولا هم يفرحون! ...
وحين تمدّنتْ قريتنا، وزحف الإسمنت على غاباتها، عاد الابن الضال محمولا على أكتاف أهلها، ليصعد نحو أسفل ترابها، وإليه المصير! تاركا أرملة في عزّ شبابها، وثلاثةً من زغب الحواصل؛ هم جميعا دون سنّ التمدرس!لك الله أيها الراحل المقيم، تغمّدك الله بشآبيب رحمته، وألهم أسرتك اليافعة جميل الصبر وعذْب السُّلوان!
الـمـلاّح البحـريّ الـتائـه عمـار شـريـدي يـعـود إلـى تربتـه الأولــى
- التفاصيل
-
طقس موغل في الثقافة الأمازيغية: الوشم ..احتفالية الخصوبة ولغة التمرد والألم
تغنى الجزائريون في تراثهم " بزرقة الوشام" كوصف للمرأة الجميلة التي تميزها علامة على الوجه أو منطقة من الجسيد وذكره الرجال كعلامة للوفاء والألم، فالوشم عند الأمازيع...
الكاتب والروائي عبد الوهاب بن منصور للنصر: الرواية تكتب التاريخ غير الرسمي والشفوي
uالكثير من الروائيين حاولوا اِستلهام التراث الصوفي رغم مخاطرهيعتقد الكاتب والروائي عبد الوهاب بن منصور، أنّه مهما قِيل عن الرواية التي اِعتمدت أو اِستندت على...
المكتبات الرقمية.. هل أصبحت بديلا للمكتبات التقليدية؟
يحتفلُ العالم اليوم (23 أفريل)، باليوم العالمي للكِتاب وحقوق المؤلف والملكية الفكرية، ففي مثل هذا اليوم من كلّ عام، تحتفل منظمة الأُمم المتحدة للتربية...
أي دور للجامعة في الفضاء الاجتماعي؟
ما مدى اِرتباط الجامعة بالفضاء الاِجتماعي وبالواقع الفعلي للمواطن الجزائري، وما مدى أهمية وضرورة إدراك الجميع بمدى أهمية هذا الشريك الحيوي والجوهري «الجامعة»...
رؤية حداثية أساسها التنوير: الوجــه الآخــر لنضـال بن باديــس
إيناس كبير خص العلامة عبد الحميد بن باديس النشء باهتمام بالغ، فقد اقترب من مشاغل الجيل الجديد وأصغى لاهتماماته، حيث كان يرى فيه البذرة التي يجب أن تُروى على...
قراءة في رواية « باب القنطرة» للكاتبة نجية عبير: «السّيّــدات» .. انظر ما يوافق تربة قلبك وانثره فيها
إلهام بورابة معابر مفاتيح: الترجمة خلق جديد/ حزن الكاتب وحزن المترجم متشابهان ، لكن الفرح يكسبه القارئ./الرواية انتهت لكن الإطناب في إعادة التدوين لوضع كل شيء...
"نوافـــذ علـى الآخــر" كتابٌ جديـد للدكتور أزراج عمـــر
صدر منذ أيّام، عن دار «اسكرايب» في مصر، كتاب جديد للشاعر والمترجم والأكاديمي الدكتور أزراج عمر، وحمل عنوان «نوافذ على الآخر»، وهو عبارة عن مجموعة...
هــل يمكــن للمثقـــف أن يكــــون صانــــع محتـــــوى؟
هل بإمكان المُثقف أن يكون من صُنّاع المحتوى المؤثرين؟ وهل يمكن أن يكون مُبدعاً لمحتوىً مُؤثر هادف ومسؤول، خاصةً وأنّه من الضروري أن يحدث هذا في زمن...
الكاتب والإعلامي الدكتور محمّد بغداد للنصر
ما تمّ اِنجازه في مشهد الإعلام الثقافي مشاريع أفراديعتقد الكاتب والإعلامي محمّد بغداد، أنّ الإعلام الثقافي يتجاوز المستوى الأدبي، ليشمل كلّ معاني ونشاطات الإنسان في الحياة، بدايةً من الأسماء التي نطلقها على أبنائنا، مروراً...
قصائد لعبد الحميد شكيل
#عبور.. سأعبر الغابة..دون أن تراني الأشجار..سأعبر النهر..دون أن تعاندني طيور الماء..سأعبر البحر..دون أن يراني القراصنة،وهم يغتصبون نساء الزبد..سأعبر الوقت..ممهورا بنمش...
<< < 1 2 3 4 5 > >> (5)