قبل 68 عاما ارتكب العدو الفرنسي مجزرة مروعة بمنطقة البسباسة الجبلية الواقعة ببلدية الدهوارة شرقي قالمة أودت بحياة 356 جزائريا أعزلا يوم 6 مارس 1956 عندما تم تجميعهم و إعدامهم رميا بالرصاص انتقاما من عملية باسلة نفذتها وحدات جيش التحرير بإحدى الثكنات الفرنسية بمنطقة سوق أهراس المجاورة، و هي واحدة من أبشع الجرائم التي طالت السكان العزل بعد مجازر ماي الأسود قبل 79 عاما، التي كانت منطلقا لثورة تحرير خالدة دحرت المحتل و حررت الأرض و الإنسان.       
و قد أحيا سكان قالمة و معهم السلطات المدنية و العسكرية أمس الأربعاء ذكرى أخرى من الذكريات المؤلمة التي لا تنسى، حيث يقول سكان المنطقة بأن ما حدث كان انتقاما داميا و مخزيا لقادة الاحتلال الفرنسي المقيت في ذلك اليوم الحزين الذي بقي خالدا في ذاكرة الأجيال المتعاقبة التي قررت بأن لا تنسى و تبقى تتذكر المجزرة بالتجمع كل عام أمام نصب تذكاري و مقبرة للشهداء بمشتة البسباسة للترحم على أرواح الضحايا من نساء و رجال و أطفال رضع أعدمهم الغزاة دون محاكمة و بلا إنسانية في انتهاك صارخ لقانون حماية المدنيين العزل أثناء الحروب و النزاعات المسلحة، كما يقول مؤرخون و حقوقيون.   
و حسب المصادر المهتمة بتاريخ الثورة بالمنطقة فإن المجزرة حدثت بعد معركة نفذها جيش التحرير ضد قاعدة عسكرية فرنسية بمنطقة خميسة الواقعة بولاية سوق أهراس اليوم، حيث غنموا أسلحة و معدات هامة و فروا باتجاه جبال حمام النبائل و الدهوارة، أين استقبلهم السكان و ساعدوهم بتقديم المؤن و فتح البيوت أمامهم للاستراحة و التخفي و الهروب من الملاحقة، قبل أن تصل إليهم قوات العدو التي واصلت مطاردتهم و اتهمت السكان المحليين بالتستر على هؤلاء المجاهدين منفذي العملية الموجعة التي أخلطت حسابات قادة العدو بالولاية التاريخية الثانية و في مقدمتهم الجنرال بيجار الذي أمر بجمع الرجال و النساء و الأطفال من مشاتي المنطقة الجبلية، و من السوق الأسبوعي بحمام النبائل الذي صادف ذلك اليوم، و صدر القرار الفرنسي بقتل كل المعتقلين من المدنيين العزل، و إضرام النار في المنازل و مصادرة كل الممتلكات من مؤن و مواشي، في واحدة من أبشع المجازر التي ارتكبها الغزاة في حق المدنيين الجزائريين خلال حرب التحرير.
و يعتبر أستاذ التاريخ المتقاعد و الباحث في شؤون الحركة الوطنية و حرب التحرير محمد شرقي بأن ما وقع في البسباسة مجزرة في حق المدنيين العزل، و جريمة حرب لا تسقط بالتقادم، و إبادة عرقية ضد السكان المحليين العزل، و ليست معركة كما يعتقد البعض، موضحا بأن المعركة تكون بين فصلين مسلحين، و ما وقع في البسباسة يوم 6 مارس 1956 كان تصفية انتقامية قام بها عساكر العدو الفرنسي ضد هؤلاء الضحايا انتقاما من العملية الشجاعة التي نفذها جيش التحرير ضد القاعدة العسكرية بمنطقة لحنانشة بسوق أهراس.   
و في كل مناسبة تحرص سلطات قالمة على إطلاق مشاريع تنموية بالإقليم الجبلي الذي ظل حصنا منيعا لثورة التحرير، لتحسين معيشة السكان هناك، و مساعدتهم على إعمار المنطقة التي يعتمد اقتصادها على تربية المواشي و الدواجن و الأشجار المثمرة، حيث تحرز مشاريع فك العزلة و المياه و الربط بالغاز و الكهرباء و الصحة و التعليم تطورا مستمرا بالإقليم الجبلي الذي يضم بلديات حمام النبائل، الدهوارة، وادي الشحم  و مجاز الصفاء المتاخمة لجبال بني صالح معقل القاعدة الشرقية الحصينة.  
فريد.غ 

الرجوع إلى الأعلى