تحافظ العديد من العائلات القاطنة بأعالي جبال جيجل، على عادة "لوزيعة" قبل حلول شهر رمضان الفضيل، أين، يجتمع أبناء القرى لشراء الأبقار قصد ذبحها و توزيع لحومها على العائلات الفقيرة و المحتاجة و لمّ الشمل من جهة أخرى، للحديث عن المستجدات التي تهم المنطقة.

 يتوجه أبناء المناطق الجبلية القاطنون بالمدن، قبل حلول الشهر الفضيل صوب أرض أجدادهم، قصد إحياء عادة "لوزيعة"، عن طريق شراء أبقار وذبحها،  على غرار ما يقوم به أهل منطقة الحوزة بأعالي بلدية جيملة الجبلية، وهو تقليد اجتماعي يأبى الاندثار قبل وخلال شهر رمضان. و»لوزيعة»، كلمة مشتقة من التوزيع، وهي عادة قديمة دأب عليها المجتمع الجزائري في بعض المناسبات الدينية، لما تجسده من قيم التكافل والتعاضد والتعاون الاجتماعي، التي ميزت المجتمع الجزائري عبر العصور، لاسيما خلال الشهر الفضيل، حيث تعتبر من العادات والتقاليد التي توارثتها عدة مناطق عبر القرى و المداشر بجيجل، ومن بينها قرية الحوزة، وتتجسد العادة في مبادرة سكان بالقرى لشراء مجموعة من العجول، تذبح يوم الجمعة بعد الصلاة، ثم توزع اللحوم على العائلات وسكان القرية بالقسط وبالتساوي بين الجميع.
 ويكون التركيز منصبا بالعموم عل العائلات الفقيرة والمعوزة، وقد وقفنا على مبادرة قام بها أحد أبناء المنطقة مؤخرا، حيث اشترى عجولا       و اجتمع مشاركون في عملية ذبحها و توزيع لحمها منذ الصباح الباكر، إذ كلف كل فرد بمهمة بين الذبح و السلخ و التقطيع، مع الحديث عن المنطقة و تاريخها و القصص و الأحداث التي شهدتها، و يتذكرون كيف كانوا يجتمعون سنويا لأجل هذه العادة.
أخبرنا رابح، بأن العادة كانت تتم بشكل كبير و مستمر مع كل مناسبة حيث يشتري الميسورون العجول و يوزع اللحم على الجميع بالتساوي، فيتوفر بذلك في كل المنازل خلال شهر رمضان، و هي عادة قد عمل هو شخصيا رفقة أبناء المنطقة، على إحيائها في بعض المرات بحسب الظروف.
 رافقنا رجال القرية المكلفين بمهمة تقطيع العجول، وبعد مرور ما يقارب ساعتين من الزمن، تم مد قطعة من الجلد و الشروع في عملية توزيع الحصص حسب عدد العائلات، قبل الانتقال إلى عملية التسليم أو التي تتم عشوائيا، و قد ذكر عبد الحكيم، أن هناك عمليات كثيرة مماثلة تمت في بلدية جيملة بصورة منظمة، حيث يبدأ النشاط عادة بجمع المال من المحسنين والتجار و رجال الأعمال قبل رمضان، يقدم المبلغ بعد ذلك إلى كبير المنطقة أو شيخ المسجد، و تُكلَّف جمعية أو عدد من الأشخاص بشراء العجول و ذبحها و توزيع اللحوم.
 وتابع قائلا: «بعد شراء العجول يتم تنظيم لقاء من أجل ضبط قائمة سكان المنطقة ومختلف العائلات، خاصة الفقراء والمحتاجين، لتوزيع حصص اللحم بالتساوي عليهم»، مشيرا إلى أن ذلك يسمح باستغلالها في تحضير الأطباق وخلق المساواة بين أفراد المجتمع، وعدم حرمان أي عائلة من تحضير ما تشتهيه خلال الشهر الفضيل، بسبب حالتها المادية المحدودة مؤكدا، بأن العملية تكرس قيم التآزر والتعاون والتراحم، عبر مشاركة جميع العائلات في القرية في «لوزيعة».
وأضاف، بأنه يتم في كل مرة تقسيم اللحم على الجميع، دون أن يعرف أحد من شارك أو من لم يشارك.في العملية ككل، كما تعمل جمعيات خلال الشهر الفضيل على إحياء المبادرة، عبر تنظيمها سنويا تقريبا، ليستفيد منها المحتاجون، أين تبادر إلى جمع الأموال من المحسنين        وتوزيع اللحوم على العائلات الفقيرة، لأجل صيام الشهر في ظروف أحسن  حتى لا يعاني أحد من الجوع أو يشعر بأنه أقل من الآخرين.
 ك. طويل

الرجوع إلى الأعلى