زراعـــة الأسطـــح...ثقافـــة جديـــدة تدخــــل بــــيوت الجزائرييـــــن
تحولت أسطح بيوت عدد لا بأس به من الجزائريين ،في الفترة الأخيرة، بمنطقة الوسط إلى حدائق تجلب انتباه المارين، و إن كانت مرفوعة فوق أسطح بيوت لم يجد أصحابها متسعا فوق الأرض، فقرروا استثمار مساحات لطالما كانت مستودعا لكل ما لا تحتاجه العائلة من أدوات و تجهيزات أو أثاث قديم إلى جانب نشر الغسيل. زراعة الأسطح، أو إنشاء حدائق عالية، مهما تغيرت التسمية، إلا أن النتيجة واحدة، فهذه المبادرة التي تعتبر جديدة بالنسبة لمجتمعنا الذي طالما كانت الأرض مستقرا لحدائق يتفنن محبو النباتات في العناية بها و تزيينها، قد أعطت ميزة جديدة، حيث برزت للسطح حالات و إن كانت نادرة، إلا أنها أعطت ميزة خاصة للمناطق التي تتمركز بها. الكثيرون من محبي العيش وسط المساحات الخضراء، و إن كان ضيق المسكن و عدم توفر مساحات كافية قد حرمه من انشاء حديقة صغيرة للهروب إليها من ضيق البيت أو الاستمتاع بالجلوس في فصل الصيف أو الربيع، فإن كثيرين قد هربوا من ذلك إلى شرفات الغرف التي حولوها إلى حدائق مصغرة زينت بشتى أنواع نباتات الزينة التي يعتنون بها أكثر من أي شئ آخر بالبيت.
ظاهرة فريدة من نوعها، و جميلة في آن واحد، هي تلك الحدائق التي تلفت إنتباه كل من يزور بلديتي بومرداس و الرويبة بالعاصمة،مشكلة لوحة فنية طبيعية تصنعها نباتات تتنوع بألوانها، و أحجامها في أعالي بيوت لا يملك أصحابها مساحة على الأرض، فنقلوا حبهم للطبيعة إلى السطح الذي تحول إلى جنة خضراء تجعل كل من يمر عبرها يتوقف ليعبر عن إعجابه الكبير بالظاهرة.
تقربنا من أحد أصحاب البيوت التي تميزها حدائق الأسطح ببومرداس ،و هو السيد كمال لأجل التعرف على المبادرة و كيفية بروز الفكرة التي تحولت إلى مشروع، فأكد بأنه و نظرا لضيق مسكنه و عشقه الكبير للنباتات، و هما عاملين مشتركين بالنسبة لسكان الوسط الجزائري الذين لا تكاد  تخلو بيوتهم من نباتات الزينة التي يساعدهم الطقس في العناية بها، بدأ منذ نحو 4 سنوات في تجميع نباتاته المفضلة على السطح، الذي خصه هو الآخر بديكور مميز جعله يتلاءم و مختلف النباتات التي يحتويها، قبل أن يدخل تقنيات حديثة يقول بأنها لا تزال صعبة التجسيد في بلادنا. السيد كمال أضاف  بأنه يحلم بمدينة خضراء من السماء ،على حد تعبيره، مؤكدا بأن زراعة الأسطح التي تعتبر حديثة في الجزائر، ليست مستحيلة و ناجحة بشكل كبير، خاصة إذا ما تمت مراعاة كل الشروط في ذلك و المتمثلة في حماية البناية من تسربات المياه بالدرجة الأولى، علما أنه و كما قال لنا يعتمد بشكل كبير على المياه في الزراعة للتقليل من الثقل الذي تسببه التربة.
و استطرد السيد كمال قائلا بأن المبادرة الذي كان أول من بدأها ببومرداس، قد لقيت إعجاب الكثيرين من الذين قرروا تطبيقها على الأسطح التي بدأت تتحول إلى حدائق جميلة تمتزج بها الصخور بالتراب و الخضرة، مع تخصيص مساحات حتى لوضع نافورات و طاولات الحدائق التي تجذب الجميع للتخلص من ضجيج الشارع و ضيق الطرقات و المنازل، حيث يؤكد محدثنا بأن ضيوفه باتوا يفضلون جلسة حديقة السطح ،عوضا عن غرف الاستقبال الفخمة داخل البيوت.
و تبقى مبادرة كمال و آخرين ،نقطة بداية لحلم كبير في تحويل المدن الجزائرية إلى حدائق خضراء، يسعون إلى تعميمها عبر كافة البيوت و نشر الثقافة البيئية و المحافظة على المحيط عبر نباتات و أشجار تمد جذورها فوق بنايات أشخاص لم يستسلموا لضيق الأمكنة و راحوا يطلقون العنان لأفكارهم ،عبر تجسيد تجارب، لطالما أتت ثمارها في دول كثيرة كالدول المتقدمة التي اعتمدتها فوق أسطح الإدارات و الفنادق، و حتى دولة مصر العربية التي نجح الكثير من مواطنيها في انشاء زراعة منتجة للخضر و الفواكه فوق الأسطح.
إ.زياري

الرجوع إلى الأعلى