الضاية .. بحيرة معلقة تلامس السحاب في الأطلس البليدي
لحظة وقوفك ببحيرة الضاية المعلقة بتمزقيدة بالمدية التي تعانق سلسلة  الأطلس البليدي على علو يتجاوز 1500 متر ،تدرك معنى جمال الطبيعة التي تلامس السحاب في أبهى صورها و تنساب مع خرير المياه التي تشق مسارها نحو شعاب و أودية سهول متيجة وواد الشلف.   
يفتخر سكان المدية بوجود بحيرة نادرة معلقة بين جبال تمزقيدة التي استرجعت عافيتها باتجاه الشمال الشرقي لعاصمة الولاية ، على بعد 15 كلم، لكن الوصول إليها يتطلب قوة و لياقة بدنية، نظرا لتواجدها بين المرتفعات وصعوبة الالتواءات على طريق غير معبد، فتجد أصحاب السيارات يسيرون ببطء شديد، بغية اكتشاف جمال وسحر المكان الذي لا يختلف اثنان بكون البحيرة معلقة على مساحة هكتارين، تلفها الجبال من كل جهة، فتلامس السحاب في منظر قل نظيره ،وعند اعتلاء أية قمة منها يتراءى  لك البحر شمالا ،والعاصمة باتجاه الشرق وسهل متيجة، إلى غاية بومدفع وعين البنيان، التابعتين إقليميا إلى ولاية عين الدفلى غربا ، وأهم ما يميز البحيرة، حسب مرافقي «علي «46 سنة ،صمت الطبيعة الذي يتقاطع من حين لآخر مع زقزقة العصافير، أو رجع صدى الجبال لأصوات الزائرين و السياح الذين يطلقون العنان لحناجرهم في فضاء مفتوح .
تزامن وصولنا الى البحيرة مع وصول فوج من الرياضيين العاشقين لهواية تسلق الجبال، قادمين من طريق آخر يسمى الرمانة، على ضريح سيدي براهيم باتجاه البليدة ،حيث يعد المكان ملائم جدا لأي رياضي، وفضاء مهم للمتعة واستنشاق الهواء النقي المطعم برائحة أشجار الخروب والصنوبر الحلبي والتوت والبلوط وغيرها من الأشجار الباسقة التي تحاول بلوغ عنان السماء. و تجد بعض الطيور في أغصانها أمكنة ملائمة لبناء أعشاشها الكبيرة، كاللقالق البيضاء والبجع والصقور، و هذه الأخيرة تحلق  من حين لأخر فوق البحيرة التي اخترقها أزيز المركبات و أصوات الزوار .
بحيرة الضاية أو تمزقيدة، كما يحلو للبعض تسميتها، تستقر فيها عدة أنواع من الحيوانات، كقرد الماغو الذي يتعايش مع الانسان، وغيرها من الحيوانات المحمية، باعتبار المنطقة ، كما أشار أحد الرياضيين ، امتداد لمنطقة الشريعة المصنفة و المحمية ضمن 10 حظائر وطنية ولعل ما يبين ذلك، يضيف محدثنا، وجود لوحة إشهارية باتجاه الرمانة، تشير بأن المكان محمية طبيعية ، فأي تجاوز يعرض صاحبه للمساءلة القانونية، خصوصا و  أن أعوان مصالح الغابات يقومون في إطار مهمات دورية بالاطلاع على المكان من حين لآخر ،مؤكدا على أهمية  إدراك و وعي كل مواطن غيور لمثل هذه المكتسبات الطبيعية التي لابد من حمايتها وتثمينها ، مناشدا السلطات المحلية لتفعيل المجال السياحي بها ، باعتبارها استثمار مربح ولا يليق إهمال منتجع بمعنى الكلمة، يقول ذات الرياضي .
ارتبطت بحيرة الضاية، حسب سكان المدية، بسلسلة من الأساطير، ضمن السرد الشعبي ،من بينها قيام أهل المنطقة، مع بداية موسم الحرث و البذر، بملأ 500 جرة أو «قلة» من الماء، من أجل الاحتفاء بموسم ناجح والسقاية  بهدف الشفاء و التداوي من مختلف الامراض، يقول الحاج محمد غافور، أحد أعيان المدينة ،ويعود الفضل في ذلك إلى الولي الصالح سيدي  محمد بوشاقور الذي قام بشق بئر ، ففاضت المنطقة وشعاب متيجة ووديانها في أواخر القرن ال12 بالمياه المتدفقة .ويعتقدون بأنه فعلا ولي صالح، باعتباره الشخص الذي تمكن من إخماد الفتن و النزاعات العائلية، و ينشر  الخير ،كلما حل أو أرتحل .
هشام ج

الرجوع إلى الأعلى