سيدة أخرجت 8800 إمرأة من الأمية وأخذت بيد 600 فتاة  
 تمكنت السيدة مريم سالمي حسناوي ،من إعلان الحرب على الأمية و الجهل و التهميش، فقادت 8870 امرأة  إلى نور العلم و أشرفت على تعليم 600 فتاة و ربة بيت حرفا و صناعات تقليدية، من أجل المساهمة في إعالة ذويهن و تحقيق استقلاليتهن المادية و الحفاظ على كرامتهن، إلى جانب إتاحة الفرصة لهن من أجل المشاركة في المعارض و مختلف النشاطات الثقافية و الرياضية.
الانطلاقة كانت فكرة، تحد، فنجاح،  بالنسبة للسيدة سالمي، التي كانت في طفولتها تشارك في النشاط الكشفي و تمارس الرياضة و تعشق الثقافة، و عندما أصبحت زوجة و ربة بيت كان هدفها الأساسي في الحياة تربية و تنشئة أبنائها نشأة صالحة، فتكبدت الكثير من المتاعب، خاصة عندما اكتشفت أن أربعة من أبنائها مصابون بمرض الهيموفيليا، هي التي كانت تقطن بمنطقة نائية تفتقر لأدنى الوسائل و التجهيزات في تلك الفترة، لكنها لم تستسلم و صارعت الظروف بمساندة زوجها المربي.
 و رغم كل هذه المشاغل والمسؤوليات ،إلا أنها انخرطت في الاتحاد النسائي ببئر العاتر، من أجل توعية المرأة و تكوينها و تعليمها مختلف الحرف ونقل تجربتها لسيدات المنطقة، لكن واجبها كأم دفعها لانتظار حصول أصغر أبنائها السبعة على شهادة البكالوريا، على غرار أشقائه، لتتفرغ لنشاطاتها الاجتماعية و التكوينية.
في البداية نظمت لقاء مع قريباتها وجاراتها في منزلها، و اتفقت معهن على أن تزور كل مساء واحدة منهن للتحدث عن انشغالات المرأة و تربية الأبناء و الجديد في مجالات الخياطة، الطرز و الطبخ وغيرها .و تم طرح   خلال هذه اللقاءات موضوع انتشار الأميّة في منطقة بئر العاتر، على اعتبار أن هناك سيدات لم يستطعن قط الذهاب إلى المدرسة، وكانت السيدة سالمي الوحيدة من بينهن التي دخلت المدرسة و درست إلى غاية السادسة ابتدائي منذ سنة 1967 ، حيث اقترحت عليهن أن تعلمهن كل ما تعلمته ليتمكن من القراءة و الكتابة، فقوبلت الفكرة بالترحيب والإعجاب و دلها زوجها على الجمعية الوطنية "إقرأ "من أجل  إيجاد إطار رسمي لممارسة النشاط ،وهكذا بدأت بتعليم 8 سيدات بفصل واحد لمحو الأمية في متوسطة عمارة إبراهيم  التي كان زوجها مديرا لها وذلك في سنة 1997 ، حيث قدم لها كل التسهيلات اللازمة.
 في سنة 1998 قررت السيدة سالمي أن تؤسس جمعية نسائية مستقلة  من أجل ترقية المرأة في المنطقة وتوعيتها ، فوجهها زوجها و ساندها من أجل تجسيد المشروع ، فقامت باستدعاء نخبة من سيدات المجتمع على اختلاف مستوياتهن فمنهن الطبيبة والمهندسة والموظفة وربة المنزل ،و تم اختيار مكتب الجمعية و تم التصويت بالأغلبية لتنصيب السيدة سالمي رئيسة للجمعية ، بعد ذلك تم اختيار تسمية "جمعية النّور النسائية لترقية المرأة ومحو الأميّة "، ووضعت بعد ذلك  الأهداف وحرر قانونها الداخلي الذي يعزز احترام خصوصية المرأة، وفق ديننا الحنيف وترسيخ فكرة الجدية والعمل وتعزيز المواطنة.                        
 الهدف الأساسي للجمعية كان محاربة الجهل والأميّة في الوسط النسوي، بالإضافة إلى تفعيل دور المرأة في المجتمع، من خلال نشر الوعي بحقوقها والالتزام بواجباتها في شتى المجالات، لذا وجهت الجمعية نداء لفتيات المنطقة المتعلمات من أجل الانخراط في الجمعية و تعليم و توعية بقية الفتيات و النساء الأميات فكن في الموعد، رغم علمهن بأن هذا العمل في إطار التطوع.  
هكذا بدأت فصول محو الأمية تنتشر بأرجاء المنطقة وما جاورها في أغلب المؤسسات التربوية ،و تفاجأ الكثيرون بالسيدات وهن حاملات المحافظ المدرسية و الكراريس و يتوجهن إلى المؤسسات. كانت رئيسة الجمعية تشرف على كل صغيرة وكبيرة  و تقوم بزيارة كل فصل من أجل رفع معنويات السيدات وتشجيعهن على الدراسة وعدم  الاكتراث بحديث ونظرات الناس، خاصة المقولة المشهورة " بعدما شاب داوه للكتّاب " .
كانت تحارب كل أشكال الإحباط الممارس من طرف الشارع، وشيئا فشيئا بدأ المجتمع يتقبل الواقع المفروض والتغيير الصحيح، وتحقيقا للأهداف المرجوة بلغ عدد المحررات من الأميّة  4270 سيدة خلال الفترة الممتدة من 1997 إلى سنة 2000 ، ومن 2006 إلى 2010 بلغ عدد المحررات من الأمية 2800 امرأة، فيما بلغ 1800امرأة بين 2011 و 2014.  والملاحظ  من خلال هذه الأرقام هو تناقص عدد المحررات من قيد الأمية نظرا لعدم توفر الحجرات المسخرة لدروس دعم التلاميذ ، وتستفيد معلمات محو الأمية بدورات تكوينية تحت إشراف ملحقة الديوان الوطني لمحو الأمية بتبسة.
 ، ولم يقتصر دور الجمعية على الاهتمام بمحو الأمية بل اهتمت بتعليم مختلف الحرف للفتيات و النساء، حيث استفادت 600 منهن من تكوين في مجال الخياطة ، و 170 في تحضير الحلويات والطبخ ، و 12 مؤهلة في الحلاقة والتجميل، و 80 مؤهلة في الإعلام الآلي، فضلا عن 10 مؤهلات في الإسعافات الأولية و 15 في حياكة الصوف، ناهيك عن الأشغال اليدوية الأخرى كالطرز، حيث استفادت من هذا التكوين 25 سيدة، كما استطاعت الجمعية تنظيم 7 معارض و أيام مفتوحة، ويتوج كل معرض بتكريم الماهرات في ممارسة حرفهن.
 امتدت نشاطات الجمعية إلى مجالات عديدة في الثقافة والترفيه ، مع تنظيم مسابقة سنوية بين أقسام محو الأمية وتكريم الفائزات، و الاحتفاء بعيد العلم كل سنة و تكريم السيدات المتفوقات في الدراسة، إلى جانب تنظيم رحلات ترفيهية لأرياف البلدية وتكوين فريق نسوي لكرة اليد ، وإجراء عدة منافسات من بينها مقابلتين مع موظفات شركة سوناطراك وفاز فريق الجمعية مرتين بالكأس.
 ع.نصيب

الرجوع إلى الأعلى