المجاز لم يعد يخدم الشعر لأننا في عصر الصورة الواضحة
اعتبرت الشاعرة الفلسطينية مايا أبو الحيات بأن الشعر الحديث هو شعر الصورة الواضحة ولم يعد يتقبل كثيرا المجاز الذي ميّز الشعر العربي التقليدي وذلك أثناء مشاركتها في ليالي الشعر العربي الذي خصص لفلسطين ضمن تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية.
الشاعرة والروائية مايا أبو الحيات التي تكتب عن التفاصيل الصغيرة في قصائدها، عن مدينتها القدس وتكتب أفراح الأطفال الصغار في قصص أسطورية تسرد الأمل الفلسطيني  و تخبر عن الحق في الأرض، تحدثت  للنصر عن تطوّر الشعر الفلسطيني الذي كان في مراحل سابقة يركز كثيرا على القضايا السياسية لينتقل في السنوات الأخيرة إلى الكتابة عن الإنسان.

* النصر:الشعر الفلسطيني يعتبر إضافة للشعر العربي بشكل عام خاصة إذا ما تحدثنا عن محمود درويش، ما هي السمات التي تميزه؟

- مايا أو الحيات: هناك طفرة ظهرت في السنوات الأخيرة في الشعر الفلسطيني الحديث، أين أضحى يقترب من لمس الحياة اليومية والتفاصيل الصغيرة التي كانت تكاد تكون غائبة، نظرا لاهتمام الشعراء بالقضية السياسية لفلسطين، فالطفرة الجديدة التي أتحدث عنها هي توجه الشعر الفلسطيني نحو الإنسانية بشكل عام، انطلاقا من الفلسفة الوجودية التي تبحث عن سبب لما يحدث، وهو البحث الذي يفيد كل الناس مهما كانت اختلافاتهم أو انتمائهم.

*ألا يساهم تخلي الشعر عن القضية الفلسطينية وانتقاله إلى الكتابة عن اليوميات في التخلي عن نصرة الحق الفلسطيني؟

-أنا أعتقد أن الفلسطيني يستطيع أن يستمر في وجوده من خلال هذه اليوميات و التقاط الصور الشعرية تحت الاحتلال، هذا ما أقصده باليوميات التي لا يمكن لها أن تنفصل عن الوضع الواقع فعلا ويتحتم على الفلسطيني معايشته.فأنا كشاعرة أعيش في مدينة القدس وأضطر لقطع مسافات طويلة مليئة بالحواجز إلى رام الله ، فيومياتي التي أكتبها لا يمكنها أن تكون بعيدة عني كإنسانة تعاني من احتلال ظالم..أحيانا أنسى أنني تحت الاحتلال بهدف الاستمرار في الحياة، لكن حين أبدأ في الكتابة، أشعر أني محتلة، لذلك تظهر القضية دون شعور في الغالب.

*كثيرا ما نقرأ الشعر الذي يتناول الحياة الروتينية فيكاد يكون قريبا من الكلام العادي، ألا يؤثر ذلك على جودة الشعر؟

-الشعر لا ينقل أخبار اليوميات بل هو يصبغ اليوميات بالفن والأدب، فأحيانا أكتب نصوصا تتحدث عن يوميات لكن فيها سخرية ومتعة، فالكاتب لا يجب أن ينسى أنه فنان في البداية وأن عليه الابتعاد عن التوثيق التاريخي، و الشاعر يكتب الضعف الإنساني وهشاشة اللحظة وينقلها بلغة جميلة تخلق في الأخير ما يعرف بالأدب.

*تحدثتِ سابقا عن الحداثة في الشعر ألا يكون ذلك تقليدا للغرب وابتعادا عن خصائص القصيدة العربية؟

- أعتقد أن الشعر الحديث هو شعر الصورة الفجة والمؤلمة التي لا يكون فيها المجال مفتوحا على المجاز هذا الأخير الذي ارتبط بالقصيدة العربية التقليدية فلا يمكن الاستمرار في المجاز لأن الصور تلاحقنا في كل مكان فيجب أن يكون الأدب مواز لهذا الوضع، ليس تنكرا للقصيدة العربية وإنما بحثا عن طرق تعبيرية مواكبة للمرحلة.

*لماذا لم يعد للشعر ذلك الدور الذي كان يملكه سابقا ؟

- المشكلة في الوطن العربي، لا تتعلق بالشعر بل تتعلّق في الدرجة الأولى بالقراء الذين لم يستوعبوا تطوّر القصيدة العربية، فأصبحوا يطالبون بشعر مفهوم و ذلك راجع لتدني مستوى المقروئية في الوطن العربي و الكسل المنتشر، الذي منع البحث الجاد الكفيل بتطوير مجال الشعر العربي.

*عُرفت بروايتك الأدبية على غرار “لا أحد يعرف زمرة دمه” ما هو السبب الذي يدفع بالشعراء إلى كتابة الرواية ؟

- لا أعرف السبب الحقيقي لذلك، لكن يمكن أن أتحدث عن نفسي باعتبار أن الرواية تعني لي مشروعا حقيقيا، فأنا أتعب في كتابتها، لأن ذلك يستغرق سنوات عديدة، نظرا لطبيعة البناء الروائي أما الشعر فهو ابن اللحظة.     
حاورها حمزة دايلي

الرجوع إلى الأعلى