غنيت من أشعار الأمير عبد القادر لأكشف جانبه الإنساني المتصوف
تعتبر سفيرة الأغنية الأندلسية في الخارج، بعد النجاح الباهر الذي حققته انطلاقا من العاصمة الفرنسية باريس، ما جعل الكثيرين يعتقدون بأنها فنانة مغتربة غادرت الجزائر لتقيم في فرنسا و تشق طريقها نحو العالمية من هناك، الأمر الذي فندته الفنانة نسيمة شعبان، في حوار جمعها بالنصر، على هامش حفل فني قدمته مؤخرا في إطار فعاليات قسنطينة عاصمة الثقافة العربية، نافية عن نفسها صفة المهاجرة.

ـ النصر:  معروف أنك مقيمة بفرنسا فهل سهل تواجدك هناك تحقيقك للنجاح؟

ـ نسيمة شعبان: غير صحيح أنا لست مغتربة، لم أغادر الجزائر يوما كما يشاع عني حتى خلال العشرية السوداء، و لم أقم أبدا في فرنسا، قضيت حياتي بأكملها في البليدة حيث ولدت و درست و أعيش، كل ما في الأمر أنني أتنقل كثيرا بين البلدين بحكم طبيعة عملي، فضلا عن كوني أستاذة لغة عربية، و أقدم دروسا للجزائريين و المغاربة و حتى الأوروبيين و الصينيين المهتمين بالتعلم، مع ذلك أعود في كل مرة للجزائر لأمارس حياتي العادية.
 أما فرنسا فالتواجد فيها لا يحقق النجاح، بل العمل هو ما يصنعه، سواء في الجزائر أو خارجها، عن نفسي اعتبر الموسيقى الأندلسية جزءا من روحي وأعطيها من جهدي و وقتي الكثير، أبحث دائما عن الإبداع و أحترم فني، أعتبر نفسي سفيرة للفن الأندلسي  وموسيقى الحوزي.

ـ لماذا اخترت الأندلسي دون غيره رغم كونه طابع فني غير تجاري؟

ـ أنا لم أختر الأندلسي أو الحوزي، بل هو اختارني فقد ولدت لعائلة « بليدية» تعشق هذا الفن، وترعرعت على الموشحات الأندلسية والطرب العربي الأصيل، خامة صوتي ما كنت لتصدح طربا بغير الموشحات، لذلك دخلت معهد الموسيقى بعمر السبع سنوات، وأصبح لدي تكوين كلاسيكي ،وتدربت مع أساتذة أمثال الحاج مجبر الذي علمني تقنيات الآلات، ودحمان بن عاشور ،محمد بن قرقورة، وصادق بجاوي.
 بالنسبة لي الفن الأندلسي طابع كلاسيكي أصيل، له جمهوره الذي يعشقه حتى في أمريكا و دول آسيا، لأن الموسيقى لغة عالمية، كما أنه فن قادر على المنافسة حتى في ظل هذا المد الموسيقي الحديث، الذي يعتمد على الإيقاع السريع.
الأندلسي موروث ثقافي و حضاري، و مهمتي ليست الاتجار به بل تعريف العالم بأصالته  وجماله و تاريخه، لأنه فن المغرب العربي الذي  يتدفق نهرا من كتب كبار الشعراء و المتصوفة.

ـ رغم قدرتك على التجديد، تميلين إلى غناء الموشحات الصوفية ما السبب؟

ـ بالفعل، أنا أكتب و ألحن، و لدي أعمال فنية من إبداعي، لكنني أيضا أعشق غناء الموشحات الطربية الطويلة، لابن زيدون و ابن خفاجة و أبو مدين الغوص، و الشوشتاري ، حتى أنني غنيت من أشعار الأمير عبد القادر الجزائري.
أما سبب اختياري لها، فهو راجع لحبي للغة الراقية و الشعر الروحاني للمتصوفة، كما أنني أسعى دائما إلى توثيق التراث الأندلسي الأصيل للجزائر و المغرب العربي، و الحفاظ على اللون التقليدي في غناء الموشحات الطربية و الأندلسية، و أحاول دائما تقريب الحضارة العربية إلى حضارة الغرب من خلال الحفاظ على الطابع الكلاسيكي لهذه الموسيقى ما يصنع التقارب الثقافي .

 ـ من أين جاءتك فكرة الغناء للأمير عبد القادر وهو رجل سياسة و حرب؟

ـ أردت التعريف بالجانب، الإنساني و الروحاني و المتصوف للأمير عبد القادر، الذي يعرفه الجزائريون و العالم على أنه رجل سياسية و حرب.
 الفكرة جائتنى خلال مشاركتي في  فعاليات سنة الجزائر في فرنسا العام 2013، أردت أن أقدم للجزائر الجديد الذي يبهر العالم، فبحثت في مؤلفات و كتب الأمير عبد القادر مؤسس الدولة، وبالفعل وجدت الكثير من الأشعار الصوفية في نوع المديح، التي تعكس الجانب الروحاني و القيم الإنسانية العالمية للأمير، غنيتها في مناسبات عديدة، في فرنسا و في تلمسان، ولاهور و إسلام أباد، وعواصم أوروبية ، إضافة إلى واشنطن و مدينة آيوا الأمريكية، أين توجد بلدة « كايدر»، نسبة للأمير عبد القادر الجزائري.
 صحيح أن قراءة الأشعار و غنائها كان أمرا صعبا، لكن النتيجة كانت مذهلة، وقد حقق العمل نجاحا مبهرا،لأن الموسيقى لغة عالمية لا تعترف بالحدود، بقدر ما تهمها الأصالة و عبق التاريخ. كما أنني بالمناسبة قدمت دعوة للفنانين الجزائريين للاستثمار في تراث الأمير عبد القادر الشعري.

 ـ ما جديد أعمالك؟

لدي الكثير لأقدمه قريبا فقد انتهيت مؤخرا من تحضير ألبومات جديدة، في طابعي الحوزي و الأندلسي، غنيت أشعارا و موشحات جديدة و أخرى من التراث الجزائري و المغاربي، و أستعد لطرحها بعد العيد.
حاورتها : نور الهدى طابي

الرجوع إلى الأعلى