الحديث عن الحياة الذكية بالكواكب المكتشفة خارج المجموعة الشمسية لن يكون غدا
اعتبر مدير البحث بالمركز الوطني للبحث العلمي بفرنسا و رئيس المهمة الفضائية الفرانكو- أوروبية “كورو “لاستكشاف الكواكب خارج المجموعة الشمسية» دانييل روون، الضجة الإعلامية المرافقة لسلسلة الاكتشافات الخاصة بالإيكزو بلانيت» و الكواكب الشبيهة بالأرض، سابقة لأوانها، لأن الأمر لا يتعلّق بفيلم سينمائي مثل «انترستيلر» الذي يجعل الحياة خارج المجموعة الشمسية أمرا سهلا، على حد تعبيره، و إنما بعمل استكشافي و تقصي و تقفي أثر الحياة بهذه الكواكب التي تبعد بآلاف السنوات الضوئية.
المختص في الفيزياء الفلكية دانييل روون و هو مدير سابق لمدرسة الدكتوراه لعلم الفلك و الفيزياء الفلكية، و عضو أكاديمية العلوم بفرنسا و رئيس مؤسسة «أيدي في العجين»التي تعنى بتعليم العلوم للصغار بالمدارس الابتدائية، أشاد خلال مشاركته مؤخرا  بالطبعة 14 للمهرجان الوطني لعلم الفلك الجماهيري بقسنطينة، بشغف الأطفال و الشباب الجزائري بعالم الفضاء و الفلك و الذي اعتبره عاملا مشجعا لتطوير هذا المجال.   
- النصر:كثـر الاهتمام و الحديث عن الكواكب خارج المجموعة الشمسية في الآونة الأخيرة، فلماذا كل هذا الصخب الإعلامي بهذا الخصوص؟
- دانييل روون :هناك اهتمام الجمهور أولا، فاكتشاف كواكب خارج المجموعة الشمسية، تدور  حول نجوم أخرى غير الشمس تجعل الجميع يفكرون في احتمال وجود عوالم أخرى فيها حياة، و يمكن العيش فيها، أمر خارق و هو ما يزيد من شغف الكثيرين لمعرفة المزيد عن الكواكب التي تم اكتشافها خارج النظام المعروف. أما من وجهة نظر علمية فهو حدث طالما انتظرناه، لأننا كنا نعلم بأن كواكب أخرى خارج نظامنا الشمسي موجودة دو التمكن من تأكيد ذلك بسبب الإمكانيات.
-لماذا أخذ العلماء كل هذا الوقت لاكتشاف «اكزوبلانيت»رغم اهتمامهم بها منذ القدم؟
- عملية الاستكشاف ليست سهلة و تتطلّب إمكانيات هائلة،  و لو قارننا بين النور الذي يأتي من الأرض مع ذلك القادم من الشمس، فإننا سنقف على اختلافات ضخمة بمعدل 10ملايير مرة على ما هو عليه بالأرض، لذا لقد تم إيجاد طرق و تقنيات تكنولوجية عالية و غير مباشرة لفهم ذلك.
-هل يمكننا الحديث اليوم عن شكل من أشكال الحياة المتوّقع وجودها في مثل هذه الكواكب»إيكزو بلانيت»؟
- الحديث عن هذا الجانب سابق لأوانه، لكن كل ما يمكننا قوله الآن، هو أنه في حال تمكننا من كشف حياة في مثل هذه الكواكب، سنستعمل المنطق و الموضوعية و سنفكر حتما في الذرة و السلسلة الكربونية، و أمور أخرى يطول شرحها، لكن حاليا لا يمكن الحديث عن حياة ذكية هناك، و انطلاقا من هذه الفرضية القاعدية ، يمكننا أن نستنتج العناصر التي يجب الكشف عنها للتأكد و القول بأن ثمة فعلا سلسلات كربونية.
- و كم سيستغرق كل هذا من وقت للوصول إلى مثل هذه الاستنتاجات الفعالة؟
- قد يستغرق ذلك عقودا من الزمن،  فمنذ 95سنة اكتشاف أول كوكب خارج المجموعة الشمسية، من طرف ميشال مايور و ديديي كويلوز، من جامعة جينيف اقترحنا مع زملاء لنا مشروع فضائية لوكالة الفضاء الأوروبية للبحث عن كواكب  و الكشف عن الحياة فيها، أنظروا كم مدة استغرق ذلك بسبب الإمكانيات،   لكن هذا ليس مستحيلا لتأكيد بأن ثمة حياة لأننا نلاحظ الأوكسجين و الماء و غيرها من العناصر الأساسية للحياة.
-كم سنة على أبعد تقدير ؟
- أكثر من 30سنة لأن المشاريع الكبرى في هذا الصدد، لا تلتزم حتى بعد سنوات طويلة من البحث و الاستنتاج قبل أخذ أي قرار.
-أي الأمم تعتقد أنها ستكون السباقة في مغامرة محاولة العيش في هذه الكواكب «اكزو»؟
- من الصعب التخمين في الأمر، الآن، لأننا لا زلنا في مرحلة محاولة الكشف عن امكانية توّفر الحياة هناك؟ الأمر بعيدا بدا لدرجة لا يمكنني التنبؤ بأي اسم لأي دولة أو أمة، لأننا نتحدث عن أسفار تقدر بقرون، و ليس الأمر بالسهولة التي نتابعها بالأفلام السينمائية مثل «أنترستيلر»(بين النجوم)، فلا داعي للتفكير في احتلال كوكب جديد(يضحك).
-ماذا عن مهمة كورو التي ترأستها أنت؟
- عملت على هذا المشروع الفرنسي بالاشتراك مع دول أوروبية أخرى، و هدفنا الرئيسي كان الكشف عن كواكب خارج النظام الشمسي، و بشكل خاص الكواكب الصغيرة، لأننا و لمدة قريبة كنا نهتم إلا بالكواكب العملاقة، و توفقنا في اكتشاف كوروس الذي اعتبره أول كوكب مماثل لكوكب الأرض من حيث الصلابة، و لها نفس عناصر الموجودة في كوكبنا، و بعض المؤشرات الدقيقة.
-هل ستكون هناك مهمات مشابهة في المستقبل؟
- نعم ستكون هناك مشاريع في هذا الاتجاه لكنها لن تكون فرنسية لأن فرنسا لديها مشاكل مادية بعض الشيء، لذا سنشارك في مهام مع وكالة الفضاء الأوروبية، و أوروبا قررت عدة رحلات و مهمات استكشافية للكواكب خارج النظام الشمسي، منها رحلة كيوبس و مهمة ستحمل اسم «بلاتو» و المرتقبة  نحو سنة 2023.
-كم نعد من كواكب خارج النظام الشمسي حتى الآن؟
-هناك ما يقارب ال2000كوكب، يوجد ضمنها كواكب عملاقة و أخرى متوسطة بين كوكبي الأرض و نبتون و حتى إن كانت عمليات اكتشافها قليلة مقارنة بالكواكب العملاقة، باعتبار أجهزة الرصد تلتقط الأجسام الضخمة، لكننا نعلم بأن عدد الكواكب الصغيرة أكبر بكثير من الكبرى.
-رافق اكتشاف كوكب كيبلر 452بي ضجة إعلامية كبيرة، فهل ثمة اكتشافات أخرى أهم؟
-بداية أريد التوضيح بأننا لا نهتم كثيرا لما تثيره مثل هذه الاكتشافات إعلاميا، لأن الاكتشافات مستمرة، و يمكننا القول بأن ثمة على الأقل كوكبين نتوقع أن تكون فيهما حياة، لكن عدد الكواكب التي تتوّفر على خصوصيات تشبه تلك الموجد بالأرض فهي في رأيي تتجاوز العشرة.
-سنخرج قليلا من عالم الفلك و نسألك أين وصل مشروع مؤسسة «اليد في العجين» (المشاركة أو الإسهام في المهمة)؟
-هذا أمر مختلف، باعتباري عضو في أكاديمية العلوم فقد عيّنت مؤخرا على رأس مؤسسة «اليد في العجين» المنشأة عام 2011 و هي في الواقع استمرارية لمشروع أطلقت من قبل الحائز على جائزة نوبل "جورج شارباك" بالتنسيق مع أكاديمية العلوم بهدف تجديد طريقة تعليم العلوم للصغار بالمدارس الابتدائية بعد غياب ذلك من المدارس الفرنسية بسبب تخرّج معظم المدرسين من معاهد الآداب أو يتلقون تكوينا أدبيا، و هو ما اعتبره انحراف خطير في المنظومة التربوية..و اعتنى المشروع بالبحث و الكشف عن التلاميذ الذين يتمتعون باهتمامات علمية و يطرحون الكثير من الأسئلة بهذا الشأن و منحهم فرصة إجراء التجارب و مناقشة النتائج و قد نجح المشروع في تكوين الأساتذة  و قد لاحظنا تضاعف الصغار بالعلوم بنسبة 50بالمائة و هي نسبة اعتبرها مهمة جدا مقارنة بالماضي الذي لم يتجاوز فيه عدد الاهتمام نسبة 3بالمائة.. و لدينا مشاريع كثيرة منها إنشاء بيوت للعلوم بالجامعات.
-كيف وجدت اهتمام الأطفال و الشباب بقسنطينة بعالم الفضاء و الفلك؟
- رغم قصر المدة التي قضيتها بهذه المدينة، لكنني من خلال المعرض و المحاضرات التي نظمتها جمعية الشعرى، وقفت على شغف الصغار و اهتمامهم بالعلوم و أسئلتهم الفضولية عكست ذلك الاهتمام الكبير، وهذا مشجع جدا.
حاورته مريم بحشاشي

الرجوع إلى الأعلى