الأفلام السينمائية الثورية ليست وثائقيات  لا تحتمل الخطأ
انتقد المخرج الجزائري بلقاسم حجاج، الهجوم الذي يتعرض له مخرجو الأفلام السينمائية الثورية، و بالأخص تلك التي تروي قصص نضال قادة الثورة كالعربي بن مهيدي، و زبانة و العقيد لطفي و كريم بقاسم، و حتى فاطمة نسومر، بسبب ما يعتبره البعض أخطاء تاريخية في الأعمال، مؤكدا بأن تعامل السينما مع القصة و السيناريو لا يمكن أن يتسم بالموضوعية ،لأن الفيلم السينمائي ليس عملا وثائقيا لا يحتمل الخطأ.
 وقال حجاج للنصر، على هامش مشاركته في فعاليات ملتقى حول تاريخ النضال التحرري، نظم مؤخرا بقسنطينة، بأنه يتعين على النقاد و المتتبعين للشأن السينمائي في الجزائر، فهم الفرق بين السينما التصويرية و بين العمل الوثائقي المبني على أسس علمية تهدف للتوثيق و تسجيل الأحداث بأدق التفاصيل، لأن السينما تحاول تقديم صورة عامة عن الأحداث، لأنها عمل فني تطغى عليه الذاتية، فحتى المخرج يعجز أحيانا عن التحكم في الصورة و الحوار، و مثل هذه الأفلام لا تهدف لسرد قصة حياة الشخصية الثورية و كل من حولها دون مغالطات، بقدر ما ترمي لتصوير الإنسان و محيطه و تفاصيل تلك المرحلة من حياته و حياة باقي الأفراد، لأن الفيلم السينمائي لا يخلو من الخيال و الرومانسية و هو خلاصة لمجموعة من التجارب الإنسانية.و أضاف المخرج، بأن مسؤولية أي أخطاء تاريخية أو مغالطات قد يتضمنها أي فيلم سينمائي ثوري جزائري، لا تقع على عاتق المخرج بقدر ما يتحملها المؤرخون، لأن توثيق الأحداث التاريخية و كتابة وقائع الثورة التحريرية، بما في ذلك الأحداث المتعلقة بحياة و مقتل قادتها، هي مهمة المؤرخين و الأكاديميين، لأنهم وحدهم مطالبون بتوفير المادة التاريخية التي قد يستند عليها أي عمل سينمائي لسرد واحدة من قصص أبطال حرب الجزائر.
 محدثنا أكد  بأن مشكل غياب أرشيف منظم يؤرخ لمختلف الأحداث التاريخية، كثيرا ما يعيق العمل السينمائي، لأن المخرج يضطر لأداء دور الباحث و يقوم بالتنقيب عن المصادر التي من شأنها أن تفيده بمعلومات حول شخصية فيلمه و ما يدور حولها، فضلا عن أن بعض ما يعتبره النقاد أخطاء في منظورهم، هو عمل تقني تفرضه متطلبات العمل في منظور السينمائيين الذين يلجأون إلى الأخذ بخلاصة العديد من القراءات للأحداث التاريخية، في ظل غياب مرجع ثابت ، مستشهدا في ذلك بالقول بأن المخرج قد يجمع أكثر من شخصية ثانوية في فرد واحد، وقد يتجاوز أحداثا و يعطي لأحداث أخرى أبعادا مختلفة نزولا عند سطوة الصورة.
المخرج بين من ناحية ثانية بأن صناعة سينما ثورية بالمقاييس المطلوبة، قد يكون ممكنا في الجزائر لكن إذا ما اهتم المسؤولون و القائمون على قطاع الثقافة أكثر بالصورة و منحوها حقها، لأنها في وضعها الحالي لا تزال  بعيدة عن المستوى المنوط بها، وذلك راجع ،حسبه ،لأن الصورة  كانت و لا تزال آخر اهتمامات المسؤولين منذ الاستقلال، بالرغم من أهميتها الكبيرة كسلاح إعلامي مؤثر .
و اعتبر بأن المخرجين الجزائريين أكفاء بالقدر المطلوب، و الدليل هو الإنتاج السينمائي الثوري الهام الذي قدموه طيلة سنوات عملوا خلالها بإمكانيات جد محدودة، ومع ذلك استمر العطاء السينمائي المحلي لأن صناعه يدركون جيدا بأن جزءا هاما من الثورة لا يزال بحاجة إلى تصوير، فالثورة ليست فقط قتالا و سياسة، بل هي أيضا قصص إنسانية متشعبة لها عناوين أخرى.
نور الهدى طابي

الرجوع إلى الأعلى