أسعى لتطوير تحليات جزائرية وإدخالها  العالمية  
أكد مصطفى بهلول،  أحد أعضاء الفريق الجزائري الذي شارك في أولمبياد الحلويات بفرنسا قبل أشهر، و احتل المرتبة الأولى إفريقيا و 14 عالميا، بأن النجاح المحقق في الأولمبياد ، أتاح فرصة كبيرة للعمل على إبراز التراث الجزائري بلمسات عصرية، وكذا ترقية القدرات الفردية والجماعية للمختصين في مجال الحلويات و التحليات العصرية، ومن جانب آخر إعادة النظر في منظومة التحضير للمشاركة في مثل هذه المواعيد العالمية الهامة، التي تتطلب مرافقة خاصة من طرف مختصين، لأفراد الفريق والتدرب على المنافسة لمدة أطول قد تصل لسنتين.
و بهذا الخصوص أشار مصطفى بهلول إلى أن  الفريق الجزائري لم يتعد تربصه المغلق ثلاثة أشهر فقط، ورغم ذلك حقق نتائج إيجابية جدا، مضيفا أنه يطمح لتطوير تحليات جزائرية على طريقته، ليدخلها العالمية مثل «الشامية» أو «قلب اللوز» الذي حضر له وصفة مميزة بنكهة مختلفة تماما، لكنه لم يستطع تجسيدها في رمضان الجاري بسبب قلة الإمكانيات وخشية عدم الإقبال عليها لأن ثمنها سيكون مرتفعا، بالنظر لمكوناتها وطريقة تحضيرها التي قال عنها، أنها صحية جدا.
سرد مصطفى بهلول للنصر، مراحل تأهل الجزائر للأولمبياد العالمي للحلويات والتحليات الذي يقام في فرنسا كل سنتين، حيث أبرز أن التصفيات الأولى  التي بدأت سنة 2015 كانت وطنية، في مركز التكوين المتخصص في عين البنيان بالعاصمة، وأشرف على التصفيات خبراء أجانب و جزائريون و استوقفنا مصطفى ليقول «الخبراء الأجانب كنت أشاهدهم فقط عبر القنوات التلفزيونية، وشاءت الأقدار أن يكونوا حكاما في التصفيات ويتوجوني بالمرتبة الأولى في صنف الشوكولاطة»، حيث اختار مصطفى أن ينحت كتلة الشوكولاطة لتصبح تحفة فنية وهذا التخصص، مثلما يضيف محدثنا، لا يتم تدريسه في الجزائر، لأنه يتطلب إمكانيات كبيرة ومعارف علمية دقيقة.
 و قال مصطفى  أنه تحصل على المرتبة الأولى بفضل إبداعه في صنع تحلية تسمى «تحلية كافيارالقهوة» وهي إبتكار خاص به نال إعجاب لجنة التحكيم الدولية، علما أن التصفيات شملت ثلاثة أصناف وهي الشوكولاطة، السكريات و تحلية الطبقات، و مر الفائزون الثلاثة في هذه الأصناف مباشرة إلى مرحلة التصفيات القارية التي جرت في مراكش المغربية وفشلت دول القارة السمراء في الوصول إليها، واقتصرت المنافسة على دول المغرب العربي «الجزائر، تونس والمغرب»، حيث فاز المغرب بالمرتبة الأولى والجزائر في المرتبة الثانية وتونس الثالثة.

وجاءت بعدها مرحلة الحسم وهي المشاركة في الأولمبياد والتي كانت في نهاية 2016، وهناك اختار الفريق الجزائري موضوع «بينوكيو» وهو بطل أقدم سلسلة رسوم متحركة لوالت ديزني، وكان مصطفى مكلفا بنحت هذه الشخصية الكارتونية على الشوكولاطة، بينما تفرغ البقية لباقي أجزاء السلسلة، بالإضافة إلى التحليات التي نالت إعجاب لجنة التحكيم، وبهذا كانت الجزائر في المرتبة الأولى افريقيا.
موسوعة في فن الحلويات
وقال مصطفى أن مشاركته في الأولمبياد أحيت فيه روح البحث والتعلم من أجل تطوير قدراته ومعارفه في مجال صنع الحلويات، حيث أصبح يصول ويجول في مختلف دول العالم، كلما توفرت له الظروف، وفي كل محطة ينهل من آخر الإبتكارات ويقتني أبرز مكون تتميز به تلك الدولة في إضفاء نكهة خاصة على الحلويات أو التحليات، و يبرز في هذا الصدد «في كل دولة أتعلم عدة أمور، لكنني أركز على خصوصياتها، منها التي جلبت منها بهارات ومنها التي أشتري منها نباتات لا توجد في مكان آخر، ومنها التي أتعلم فيها بعض العادات في تحضير الوصفات وهكذا ، أريد الحصول على موسوعة في هذا المجال». يسرد مصطفى بهلول قصته مع صناعة الحلويات والتحليات، التي بدأت معه في سن مبكرة، فقد كان عمره 6 سنوات عندما كان يراقب والدته كلما دخلت إلى المطبخ لصنع الحلويات، فيركز على ما تفعله ويساعدها أحيانا، ليكتشف بعد ذلك أنه يميل لهذا  المجال أكثر من ميله للدراسة التي غادرها في المتوسط، ليجسد هوايته المفضلة التي تحولت بعدها إلى مهنة.بعد فترة تكوينية في مركز التكوين المهني، التحق بعدة فنادق في وهران، وبما أنه كان بارعا في العمل ومبدعا أيضا، تهافتت عليه فنادق من صنف خمسة نجوم، مثلما قال، فتنقل بينها لسنوات، تمكن خلالها من تطوير قدراته وتكوينه، لأن أغلب المشرفين على المطابخ كانوا فرنسيين أو من دول أوروبية، فنهل منهم العديد من المعارف رغم صغر سنه. ومن هنا بدأ طموحه يكبر وإبداعاته تبرز، ففضل صقلها أكثر، حيث انتقل إلى المغرب، حيث خضع لتكوين متخصص في الحلويات والتحليات، و خلال هذا المسار أدرك مصطفى بأنه مضطر للعودة للدراسة، خاصة دراسة اللغات، لأنه يتعامل مع أجانب من جهة ومعظم التكوينات في هذا المجال تتم باللغة الفرنسية أو الإنجليزية، خاصة خارج الوطن، حيث عمل في بعض دول الخليج وأجرى هناك تربصات لتعميق معارفه وتقوية إمكانياته.
نقص الإمكانيات يحد من طموحات المتربصين
رغم أن مصطفى لا يزال يسعى لتطوير قدراته ومهاراته وأفكاره في مجال صناعة الحلويات العصرية والتحليات، إلا أن له من الخبرة ما سمح له بإستقبال المتربصين من مراكز التكوين المهني بوهران، ففي كل مرة يستقبل مجموعة من الشباب الذين يتكونون في مجال الطبخ والحلويات ويدربهم على آخر المستجدات وعلى عدة أمور لا يمكنهم الحصول عليها إلا من عند مختص مثله.ويستقبل مصطفى المتربصين في مقهى «موسكوفادو»  بحي قمبيطة في وهران،  وهو مقهى راق لصاحبه «أكرم بن علال» من أبرز خبراء صناعة الحلويات والتحليات في أوروبا ، حيث حاز على 3 نجوم من المصنف العالمي  «دليل ميشلان» الخاص بأحسن الفنادق والمطاعم والمقاهي الراقية، و يعتبر هو «مناجير» مصطفى وداعمه الأساسي في مسيرته، و مصطفى اليوم مسؤول صناعة الحلويات بمقهى «موسكوفادو» في وهران، أين يقدم دروسا لهؤلاء المتربصين الذين يبرز منهم في كل مرة عنصر،  يتفوق في التكوين لحرصه على التعلم و استغلال الفرصة، مثلما يشير مصطفى، ففي كل مرة يجد أن  أحد المتربصين مهتم بصناعة الحلويات، فيساعده على ذلك وغالبا ما يتصدر دفعته  في المركز. و لا يتكفل مصطفى بمتربصي المركز فحسب، بل من حين لآخر يقدم دروسا نظرية وتطبيقية مباشرة لنزلاء مراكز الأحداث، سواء بنات أو ذكور، لتمكينهم من الحصول على حرفة تقيهم شر الانحراف أو العودة للمركز ، ونفس التكوين يقدمه للمقيمات بمركز البنات المسعفات بمسرغين، أين يوجد مشروع خيري يشرف عليه صديقه رفيق بوريش من أجل تكوين مجموعة بنات في حرفة صناعة الحلويات لتأمين مستقبلهن وتمكينهن من الإستقلال المادي وحماية أنفسهن من أخطار الشارع.       
هوارية ب

الرجوع إلى الأعلى