الأفامــي يوصـي بإصـلاح سـوق العمــل وبيئــة الأعمــال
كشف تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي، أن الجزائر زادت من حجم إنفاقها خلال العام الحالي، كما ارتفع معدل الاستثمار إلى 22 بالمائة من الناتج الداخلي الهام، بالاعتماد أساسا على التمويل غير التقليدي في ظل شح الموارد المالية الأخرى، وتوقع تقرير العودة إلى سياسة الضبط المالي بداية من العام المقبل، وأشار التقرير بأن نسبة النمو ستكون في حدود 2,5 بالمائة هذا العام و 2,7 بالمائة العام المقبل
استعرض آخر عدد من تقرير الصندوق عن آفاق الاقتصاد الإقليمي أهم التطورات الاقتصادية التي تؤثر على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ، بما في ذلك تأثير ارتفاع أسعار النفط وتشديد الأوضاع المالية في الأسواق الصاعدة. ويبحث التقرير أيضا في كيفية مضي البلدان قدما على أفضل وجه في بيئة عالمية تكتنفها تحديات متزايدة.
وتوقع تقرير «الافامي» أن يؤدي ارتفاع الإنفاق العام، في الجزائر، إلى زيادة النمو في عام2018 ، ولكن الانكماش المقرر في حجم المالية العامة سيؤدي على الأرجح إلى تباطؤ حاد في النمو غير النفطي على المدى المتوسط. وتوقع التقرير أن يبلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للجزائر 2,5 بالمائة في 2018، في حين سيكون في حدود 2,7 بالمائة سنة 2019.
وبخصوص معدل التضخم، فيتوقع التقرير أن يكون 6.5 بالمائة سنة 2018، ليرتفع إلى حدود 6,7 بالمائة العام القادم، كما يتوقع «الافامي» تسجيل عجز الموازنة بناقص 6.9 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2018 ثم عند ناقص 5.6 بالمائة في عام 2019، أما ميزان المدفوعات فيتوقع التقرير تسجيل عجز بـ 8,8 بالمائة في 2018 قبل أن يتراجع إلى 7.9 بالمائة في 2019. .
زيادة الإنفاق في 2018
ويقول الافامي إن الجزائر زادت من إنفاقها لتعزيز النشاط الاقتصادي ، معتمدة بشكل كبير على التمويل النقدي في ظل احتياطيات محدودة في الميزانية، وعكس سياسات الضبط المالي التي أقرتها بعض الدول، ازداد الإنفاق في الجزائر مؤخرا لدعم النشاط الاقتصادي، واعتمد جزء كبير من هذا الإنفاق على التمويل النقدي بسبب قلة وفورات المالية العامة، وتوقع «الافامي» العودة إلى خطة الضبط المالي المقرر البدء في تنفيذها اعتبارا من عام 2019 وما بعده.
ارتفعت نسبة الاستثمار الخاص الكلية إلى إجمالي الناتج المحلي في البلدان المستوردة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان ولكن هذه النتيجة تعزى إلى الجزائر حيث ارتفع متوسط نسبة الاستثمار من 14 بالمائة إلى 22 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي.ويعكس ذلك على الأرجح الاستثمارات الكبيرة التي نفذتها الشركات العمومية أو المملوكة للدولة والتي يصعب فصلها عن الاستثمارات الخاصة على مستوى البيانات.  وباستبعاد الجزائر، ظلت نسب الاستثمار ثابتة عموما.
وسجل التقرير تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر بمقدار النصف تقريبا منذ الأزمة المالية العالمية، ونظرا لتركز تلك الاستثمارات المباشرة تتركز بدرجة كبيرة في قطاع السلع الأولية، فإن ذلك يعكس على الأرجح تراجع أسعار النفط، وبالرغم من أن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر تراجعت بوجه عام، فإنها أصبحت أيضا أكثر تركزا في قطاعي النفط والتعدين، دون أن يكون لذلك دور كبير في توفير فرص عمل جديدة.
 إصلاح سوق العمل ومكافحة الفساد
ويرى خبراء صندوق النقد الدولي، أن التوجه نحو الحد من الاعتماد على السلع الأولية وتشجيع التنويع يستدعيان اهتماما خاصا و إصلاحات سوق العمل وتحسين بيئة الأعمال. وقال بأن بعض الدول على غرار الجزائر وضعت إصلاحات بهدف معالجة تشوهات سوق العمل وخفض مستويات توظيف العمالة في القطاع العام حيث يعمل ما يزيد على 25 بالمائة من القوة العاملة في الجزائر، وهي نسبة مرتفعة كثيرا مقارنة باقتصادات الأسواق الصاعدة و الاقتصادات النامية حيث تبلغ هذه النسبة 9 بالمائة.
كما أشار التقرير إلى التدابير التي أقرتها الجزائر لتحسين مناخ الأعمال، منها سن قوانين جديدة لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ووضع وتعزيز أطر الشراكة بين القطاعين العام والخاص، في إشارة إلى ميثاق الشراكة الذي أقرته الحكومة منذ أشهر مع الشركاء الاقتصاديين، لفسح المجال أمام إقامة شراكات بين المؤسسات العمومية والخاصة. وشدد التقرير على ضرورة مواصلة إصلاح بيئة الأعمال، بما في ذلك زيادة الفعالية والشفافية والمساءلة في القطاع الحكومي، وتبسيط القوانين، والحد من الفساد وتقليل حواجز الدخول إلى مختلف القطاعات. ومن شأن هذه الإجراءات أن تضمن نموا طويل الأجل يتسم بمزيد من القوة والاحتواء.
 ارتفاع أسعار النفط فرصة لإعادة تشكيل الاحتياطي النقدي
وبالرغم من التطورات الأخيرة في أسعار النفط وارتفاع الأسعار المستقبلية إلى حد ما مقارنة بما جاء في تقرير مستجدات آفاق الاقتصاد الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى الصادر في ماي 2018، لا تزال الأسواق تتوقع أن تصل أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها في عام 2018 وتراجعها تدريجيا لاحقا لتصل إلى حوالي 60 دولارا للبرميل بحلول عام 2023.
واعتبر صندوق النقد الدولي، أن حالة الارتفاع المؤقت الراهنة في أسعار النفط تتيح فرصة للبلدان لإعادة بناء احتياطياتها الوقائية. موضحا ضرورة أن تواصل البلدان تعزيز أطر مالياتها العامة لخلق حيز مالي في الحالات التي ستحتاج فيها إلى الدعم من خلال سياسة المالية العامة.
 مراجعة نظام الدعم وخفض الإعفاءات الضريبية
و أوصى «الأفامي» بخفض الإعفاءات الضريبية الممنوحة للشركات، وهو ما سيجعل النظام الضريبي أبسط وأقل تعقيدا، وذلك من خلال تخفيض التكاليف الإدارية والحد من فرص التحايل الضريبي والتي تؤدي إلى خسائر في المالية العامة، وتجعل النظام أكثر تعقيدا، وتخلق تحيزا لصالح الشركات الكبرى على حساب المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تعد بالغة الأهمية للنمو وخلق الوظائف.
كما أشار التقرير إلى ضرورة النظر بعناية في مدى تأثر الإنصاف بالإعفاءات من ضريبة القيمة المضافة على السلع الاستهلاكية لضمان عدم استفادة المستهلكين الأغنياء أكثر من الفقراء، إضافة إلى ذلك، فمن شأن استكمال إصلاح الدعم أن يساعد في بناء موارد وقائية في المالية العامة والحفاظ عليها، وزيادة استمرارية التصحيح، والقضاء على التشوهات في الأسواق، وتحرير موارد الموازنة للإنفاق الاجتماعي، والحد من الاستهلاك المفرط والإنتاج المفرط، وقال التقرير أن معظم أشكال الدعم لها طابع تنازلي للغاية على غرار هياكل تعريفات المياه والكهرباء التي تفيد الأغنياء.
ع سمير

الرجوع إلى الأعلى