خمس سنوات سجنا لإرهابيين اثنين انضما إلى القاعدة  
برأت محكمة الجنايات بقسنطينة، أمس الأول، إرهابيين اثنين التحقا بالجماعات المسلحة، وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، المتمركز في جبال ثلاث ولايات شرقية من تهم القتل والاختطاف والاغتصاب، لكنها عاقبتهما بخمس سنوات سجنا عن تهمة الانخراط وحيازة السلاح والذخيرة الحربية.
المحاكمة دامت أزيد من 6 ساعات و نصف ، حيث استمع فيها القاضي للعشرات من الشهود  وضحايا الإرهاب خلال العشرية السوداء بمنطقة عزابة بولاية سكيكدة والأرياف المحيطة بها، حيث روى أفراد عائلة كيفية اختطاف ابنهم  ليلا بعدما لبى نداء الواجب الوطني وعاد من أداء الخدمة العسكرية، ليتم  ذبحه وفصل رأسه عن جسده وترك جثته وهي تسبح في الدماء عند شجرة أمام منزلهم الواقع بتجمع ريفي ببلدية بوشطاطة بولاية سكيكدة، فيما تحدثت عائلتان عن اختطاف فتاتتين ليلا، كما روى عناصر من الحرس البلدي كيفية تعرضهم لإصابات و عاهات إثر انفجار الألغام.    
وقد بدأ القاضي في استجواب المتهم الأول، ويتعلق الأمر بالمسمى  “ب ع» الذي يقطن بالمدينة الجديدة علي منجلي بقسنطينة، حيث جاء في تقرير الضبطية القضائية ، أنه قد تم القبض عليه من طرف عناصر الأمن العسكري وبالتنسيق مع أفراد الجيش ليلا بمنزل ببلدية عزابة بسكيكدة، لكن المتهم نفى ذلك وأكد أنه سلم نفسه طواعية ، كما أنه ساعد عناصر الجيش وتعاون معها في العثور على أسلحة وذخيرة بجميع المناطق، التي نشط بها كما كشف لهم عن مخابئ ومخازن عديدة.
وجاء في ملف القضية، أن المتهم كان أميرا في منطقة جبل الوحش بقسنطينة، حيث التحق بالتنظيمات الإرهابية منذ أزيد من 14  سنة وتم توقيفه في عام 2015، كما انضم لكتيبة الموت وغيرها من المجموعات الأخرى، كما وجهت له تهم قتل عسكري في حاجز مزيف ، فضلا عن المشاركة في عملية لقتل عناصر الحرس البلدي،  وكذا اختطاف نساء  و أشخاص  بغرض طلب الفدية والسرقة، فضلا عن الاشتباك مع عناصر الجيش بمنطقة جبل الوحش بقسنطينة.
وقد صرح المتهم أنه التحق بالتنظيمات الإرهابية في بداية الأمر بمنطقة الميلية بجيجل ثم منطقة سكيكدة، التي تعرض فيها لقطع رجله إثر انفجار لغم ثم انتقل بعدها إلى جبل الوحش في سنواته الأخيرة ، ونفى أن يكون قد عين أميرا بحكم أنه كان معاقا، لكن القاضي واجهه بتصريحاته في الملف ، والتي قال فيها أنه ومكافأة له على مدة خدمته وعاهته المستديمة  تم تنصيبه أميرا ، كما قال إنه نشط برفقة الارهابي «الهمام» المقضي عليه من طرف عناصر الأمن بقسنطينة قبل عام، وكان ينضوي تحت لواء القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، لكن انشقاقا حدث بعد التحاق الكثيرين بتنظيم داعش قبل أن يقرر التوبة رفقه صديقه المتهم الثاني، وتسليم نفسيهما لمصالح الأمن للاستفادة من العفو والمصالحة الوطنية، بحسب تصريحاته أمام القاضي.
أما  المتهم الثاني المسمى «م- ر»، الساكن ببليدة عزابة، فقد ذكر عند استجوابه من طرف القاضي، أنه التحق بالجماعات الإرهابية بداية 1994 ، بعد تعرضه لمضايقات أمنية شديدة بسبب انتمائه السياسي، ليقرر التوقف عن دراسته الجامعية  ويلتحق رفقة أصدقائه بالجماعات الإرهابية المسلحة المعروفة بسرية المرابطين، التي تنشط بمنطقة كركرة، حيث نفى أن يكون قد شارك في  أعمال إجرامية، بعد أن واجهه القاضي بنفس التهم التي وجهت إلى صديقه، إذ صرح أنه كان مسؤولا بخلية الاعلام ، ويشرف على التصحيح و التحرير بجريدة «الأنصار» لسان حال القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي، وأكد  أنه التحق بالجبل مصابا في يديه ثم بترت رجله إثر انفجار لغم في عام 2006، وهو ما صرح به أحد الشهود وهو إرهابي تائب ، كما أكد المتهم تصريحات صديقه التي قال فيها إنهما لم يبايعا تنظيم داعش بالجزائر،  وبقيا تابعين للقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.
وقد صرح المتهم، أنه لم يتم القبض عليه مثلما ورد في تقرير الضبطية القضائية، حيث صرح أن هروبه رفقة زميله ، لم يمكن بالأمر الهين وحاول في أكثر من مرة تسليم نفسه لكنه لم يستطع نتيجة الرقابة الشديدة، حيث كان يقتل   كل من تسول له نفسه الانشقاق عن الجماعة، وأكد أنه اتصل بخاله ليلة 25 أكتوبر من عام 2015 ، بعد أن استأجر سيارة فرود من قسنطينة أوصلته إلى عزابة، ليستقبله خاله ويخبر شقيقه الذي أبلغ  مصالح الأمن ، ثم تم نقله إلى البيت العائلي ومكث هناك،  وكان من المنتظر، مثلما قال، أن يسلم صباحا وفق الاتفاق المبرم مع المخابرات لكنهم قدموا في ساعة متأخرة من الليل رفقة عناصر من الجيش وأخذوه رفقة صديقه، كما حجزا المسدسين اللذين كانا بحوزتهما، مبرزا أنه تعاون مع مصالح الأمن وكشف لهم عن أماكن الإيواء وتخزين الأسلحة بجل المناطق التي عمل بها.
ولم يتعرف جل ضحايا الاعتداءات الإرهابية بمنطقة عزابة وبوشطاطة بسكيكدة على المتهمين،  ونفوا معرفتهم بهما، كما أكدوا بأنهم لم يسمعوا بإسميهما من قبل، فيما تطابقت أقوال جميع الشهود حول صحة رواية التسليم،  وأكد أخوال المتهم وشقيقه سعيهم بالتنسيق مع عناصر الأمن العسكري ، منذ أزيد من عقد من الزمن،   على إقناعه بتسليم نفسه، وقالوا إنه كان يريد في أكثر من مرة تسليم نفسه لكن الأقدار جاءت مخالفة لرغبته الملحة.
والتمس النائب العام مباشرة تسليط عقوبة  الإعدام في حق المتهمين، باعتبار أن جميع الأدلة والقرائن تثبت ارتكابهما لجميع الجرائم الواردة في ملف الحال ، لكن الدفاع أكد أن  المحاضر تحمل تناقضات كبيرة وتحمل مثلما قال  بذور فنائها في نفس الوقت ، فلا يوجد بحسبه أي دليل مادي ملموس على ارتكابهما تلك الجرائم سوى التصريحات والأقوال التي كتبت في المحاضر.
وأكد الدفاع، أن المتهمين سلما نفسيهما طواعية وطالب بانقضاء الدعوى العمومية، وذلك تطبيقا لتدابير المصالحة الوطنية ، التي أقرها رئيس الجمهورية وكفلها الدستور ، كما استدل بعدم تعرف جل الضحايا على المتهمين ، فضلا عن تصريحات الشهود المتطابقة ، حول وقائع التسليم مطالبا بالبراءة ، قبل أن يدينهما القاضي بعد المداولات بتهم الانخراط وحيازة السلاح ، ويبرئهما من جرائم القتل والاغتصاب والاختطاف والابتزاز.
لقمان/ق

الرجوع إلى الأعلى