تمكّنت وحدات الحماية المدنية بعنابة، بالتنسيق مع محافظة الغابات و وحدات الجيش والدرك الوطني، من إخماد الحريقين المندلعين بجبال الإيدوغ، وكذا المناطق الغابية والرعوية على مستوى بلديتي الشرفة والعلمة.
واستمرت جهود الإطفاء إلى غاية الخميس، حسب محافظة الغابات، بعد يومين من التركيز على الحرائق المندلعة بمنطقة بوزيزي بسرايدي يومي الثلاثاء والأربعاء، كما بلغت ألسنة اللهب القادمة من ولاية قالمة لعين الباردة ثم إلى الشرفة والعلمة التي ثأرت كثيرا، بسبب توسع رقعة الحريق في ظرف وجيز، مما أسفر عن إتلاف 800 هكتار من الأشجار الغابية والأحراش.
و تضررت مزارع وبساتين، حيث أتت ألسنة اللهب على الآلاف من أشجار الزيتون بالعلمة، كونها منطقة ذات طابع فلاحي، بالإضافة إلى هلاك رؤوس أغنام واحتراق مستودعات لتربية الدواجن، إذ حولت النيران مزارع إلى أرض جرداء قاحلة بعد سنوات من الاستثمار الفلاحي، حيث قام والي عنابة بزيارة لضحايا الحرائق، وقدم لهم وعودا بتعويضهم عن الخسائر.
منطقة بوزيزي كانت أكثر النقاط التي شهدت الحرائق في جبال الايدوغ، تضررا، حيث زادت شدتها زوال يوم الأربعاء الماضي، وقد استطاعت مصالح الغابات حصرها في بوزيزي ومنعها من الانتقال إلى المناطق المحيطة، وذلك عن طريق شق المسالك الترابية بالاستعانة بآليات الجيش و الأشغال العمومية.
وفيما لم تحدد التقديرات النهائية للخسائر الغابية، ألحقت الحرائق خسائر بالغة في أشجار البلوط الذي يحقق سنويا محصولا معتبرا من مادة الفلين، بالإضافة أشجار الزان التي يعود عمرها لعشرات السنين، والتي تستخدم جذوعها في إنتاج خشب النجارة والأواني.   
وبخصوص التحقيقات الجارية حول الأشخاص المشتبه فيهم بإضرام الحرائق بعنابة، تم توقيف 4 أشخاص و هو ما أكده رئيس الجمهورية أول أمس. واستنادا لمصادرنا فإن المشتبه فيه الأول، تم توقيفه يوم الثلاثاء الماضي من قبل فرق الدرك الوطني بسرايدي ويتعلق الأمر بمزارع يمارس النشاط الفلاحي المعيشي، قام بنزع حشائش داخل بستانه وحرقها،  و هذا الفعل يعاقب عليه القانون، حيث تمنع مصالح الغابات إشعال النار في الوسط الغابي للقيام بالنشاط الفلاحي إلا في فترة معينة، تبدأ نهاية شهر أكتوبر عن انخفاض درجة الحرارة.
 أما المشتبه فيهم الثلاثة الآخرون، فقدموا من ولاية مجاورة للتخييم وكانوا يستعملون النار للطهي وغيرها من الاستخدامات، وتجري التحريات للتأكد من الأقوال التي صرح بها الموقوفون، حيث سيتم الفصل في الوقائع أمام العدالة في جلسات المثول الفوري.   ومع اندلاع الحرائق في الساعات الأولى بولاية عنابة، وقفت النصر ميدانيا على إقدام شباب متطوع وكذا مواطنين عبر سياراتهم، على نقل المساعدات لرجال الإطفاء والمتواجدين في الصفوف الأولى، خاصة المياه المعدنية الباردة والحليب ومختلف المواد الغذائية الضرورية، والأدوية المستخدمة في معالجة الحروق.
وفي هذا الشأن نظمت مصالح الدرك الوطني عملية تقديم المساعدات، و منعت المواطنين من التقدم إلى مواقع ألسنة اللهب، حيث وضعت حاجزا ونقطة متقدمة لتقديم المساعدات على مستوى مفترق الطرق المؤدي لمنطقة بوزيزي، لتنقل بعدها على متن السيارات الرباعية الدفع التابعة لمصالح محافظة الغابات إلى الأشخاص المعنيين.
وشاهدنا بموقع تسليم المساعدات، عشرات السيارات وهي تتوقف بعدما تم تحميلها بالمياه المعدنية الباردة ومواد أخرى، كما جلبت نحو 4 جمعيات خيرية مساعدات منحت للعائلات التي تضررت بمنطقة بوزيزي بعد إجلائها من مواقع سكنها. وصرح بعض المحسنين الذين تحدتنا إليهم بأنهم قاموا بواجبهم في هذه الظروف العصيبة، ليكونوا سندا لرجال الإطفاء ودعمهم معنويا وماديا.      
من جهتها أرسلت، أمس، مصالح ولاية عنابة قافلة تضامنية باتجاه ولاية بجاية تتكون من 15 شاحنة تحمل 250 طنا من المواد الغذائية والأدوية والأفرشة والأغطية، للتخفيف من معاناة العائلات التي احترقت بيوتها وتلبية احتياجاتها الضرورية. كما أشرف والي عنابة جمال الدين بريمي على انطلاق القافلة من مستودعات ما قبل الميناء، إذ تم جمع المساعدات من تبرعات المحسنين والمؤسسات بعد أن وجهت مصالح الولاية نداء للراغبين في التبرع يوم الثلاثاء الماضي، فكانت الاستجابة سريعة، إلى جانب المبادرات الأخرى التي قامت بها الجمعيات وكذا الأفراد وتم توجيهها إلى ولاية تيزي وزو في الساعات الأولى من وقوع الحرائق هناك.                        حسين دريدح

الرجوع إلى الأعلى