تلاميذ أقسام البكالوريا يتهافتون على الدروس الخصوصية قبل انطلاق السنة الدراسية
استهل تلاميذ الأقسام النهائية السنة الدراسية قبل أسبوع عن انطلاقها الرسمي، بالشروع في تلقي الدروس الخصوصية، وانهماك الأولياء بانتقاء أحسن الأساتذة الذين لهم «صيت» في تقديم هذا النوع من الدروس، في ظل صمت الوزارة، واستياء النقابات التي حملت الوصاية المسؤولية بسبب عدم اعتمادها البطاقة التركيبية.
انقضت العطلة الصيفية بالنسبة لغالبية تلاميذ السنة الثالثة ثانوي في أواخر شهر أوت المنصرم، بعد أن توجّه معظمهم إلى المقرات التي تحتضن الدروس الخصوصية عبر مختلف الولايات، بغرض المراجعة، في انتظار الشروع في تنفيذ البرنامج الرسمي على مستوى المؤسسات التعليمية، كما استغنى الأولياء بدورهم عن جزء من عطلتهم السنوية، لمساعدة أبنائهم في انتقاء الأساتذة الذين يحوزون على خبرة في تقديم هذا النوع من الدروس، رغم مساع بذلتها الوصاية للحدّ من الظاهرة، من خلال التفكير في وضع آليات تلزم تلاميذ النهائي بالحضور إلى الاقسام وإنهاء البرنامج، إلى غاية آخر أيام الموسم الدراسي.
وساهم هذا الوضع الذي يتكرر سنويا في ترسيخ مشهد لدى العامة، يتمثل في وجود موسمين دراسيين، الأول موازٍ ويستقطب أغلب تلاميذ البكالوريا، الذين يتهافتون على تلقي الدروس الخصوصية أو الخاصة طيلة السنة مهما غلا ثمنها، والثاني وهو الموسم الدراسي الرسمي الذي يخضع لبرنامج تحدده وزارة التربية الوطنية، ويطبقه أساتذة تابعون لها، يتقاضون رواتبهم مقابل ضمان التأطير الملائم للتلاميذ، وإعدادهم لإجراء امتحانات نهاية السنة، في مقدمتها شهادة البكالوريا، التي أضحت تؤرق الأولياء، في ظل استياء من قبل نقابات التربية التي تصر على تحميل الوصاية مسؤولية هذا الوضع، بدعوى تماطلها في تطبيق البطاقة التركيبية.
ويعتقد المسؤول بنقابة الكنابست مسعود بوديبة، بأن ظاهرة الدروس الخصوصية تجاوزت المدرسة والوزارة، وهي تبيّن بأن التلميذ أضحى يشعر بأنه غير مرتبط بالمدرسة، مصرا على تطبيق البطاقة التركيبية، لأنها تجبر التلميذ وفق اعتقاده على اتمام البرنامج الدراسي، وتعلمه الانضباط وحسن السلوك، متأسفا لكون الوصاية لم تأتِ بأي جديد فيما يتعلق بهذا الموضوع الذي طرح عليها من قبل التنظيمات النقابية، متهما المسؤولين عن القطاع بالتهرّب، بدعوى عدم إدراج موضوع البطاقة التركيبية في الندوة الوطنية لتقييم إصلاح المنظومة التربوية، في حين كان من المفروض مناقشته، بغرض تمكين المدرسة من استرجاع هيبتها.
ورفض بوديبة تحميل ولو جزء من مسؤولية تفشي ظاهرة الدروس الخصوصية للأساتذة، بحجة أنه في ظل غياب القوانين التي تسمح للأستاذ بضبط التلميذ، فإنه لا يمكن مطالبته بإلزام التلاميذ بالحضور إلى القسم، وكل ما يستطيع فعله هو تبليغ الإدارة التي لم تحرك يوما ساكنا.
وبرأ ممثل الكنابست الأساتذة التابعين لوزارة التربية من المساهمة في نشر ظاهرة الدروس الخصوصية، مؤكدا بأن من يمارسون هذا النشاط ليسوا أبدا أساتذة بل خريجو الجامعات، منهم مهندسون وأطباء، وأن الأساتذة يتلقون ضغوطات وإغراءات من طرف الأولياء لتلقين أبنائهم الدروس الخصوصية، التي لا تخدم التلميذ من الناحية البيداغوجية، مشددا على أهمية التدريس الأكاديمي، لأن المعارف التي يتلقاها التلميذ في القسم ليست نفسها التي يتلقاها في الدروس الخصوصية، معلنا عن الشروع في حملة تحسيسية تستهدف التلاميذ لإقناعهم بالإقلاع عن الدروس الخصوصية.
واستهجن رئيس نقابة «الكلا» عاشور إيدير المنافسة التي قامت هذه الأيام بين الأساتذة لاستقطاب أقسام النهائي، متخوفا من أن تأخذ الدروس الخاصة مكانة الدروس التي تقدمها المدرسة العمومية، بعد أن أصبحت تنطلق قبل بداية الموسم الدراسي، في حين أنها كانت في السنوات السابقة تبدأ في شهر أكتوبر، بل إن هناك من التلاميذ من شرع في متابعة الدروس الخصوصية خلال العطلة الصيفية، معتقدا بأن الإشكالية تكمن لدى الأولياء، معربا في ذات الوقت، عن خشيته من أن يكون السكوت عن تفشي الظاهرة تمهيدا لخوصصة المدرسة الجزائرية.
ويصرّ من جانبهم الأولياء على الرمي بكامل المسؤولية على نقابات الأساتذة، بدعوى أن معظم المنخرطين فيها هم من فتحوا مقرات لتلقين الدروس الخصوصية، وفق تأكيد علي بن زينة رئيس المنظمة الوطنية لأولياء التلاميذ، مبررا مرافقة الأولياء لأبنائهم وتشجيعهم على الإقبال على هذا النوع من الدروس، بخوفهم وقلقهم على مستقبلهم، لكنه دعاهم إلى ضرورة التعقل، والعمل على حثّ أبنائهم بعدم التوجه إلى تلك المقرات،  مطمئنا تلاميذ البكالوريا على الظروف المريحة التي ستطبع الموسم الدراسي الحالي، بالنظر إلى الإمكانات التي وضعتها الوزارة تحت تصرفهم، والتي من بينها فتح أقسام للمراجعة وتخصيص أساتذة لتقديم دروس الدعم، ووجّه المتحدث نداء إلى الجهات المسؤولة، منها وزارة التربية، وكذا السلطات الأمنية لمراقبة تلك المراكز، ووقفها بقوة القانون، وأن تتحرك وزارة المالية لفرض ضرائب على من يقدمون الدروس الخصوصية، بغرض التضييق عليهم، ودفعهم إلى الإقلاع عنها.         لطيفة بلحاج

الرجوع إلى الأعلى