lالقيمة الإجمالية للمشروع تفوق 200 مليار دينار
كشف وزير الطاقة والمناجم، محمد عرقاب،عن الشروع في إنجاز مشروع القرن المتمثل في ربط الشبكة الشمالية للطاقة الكهربائية بالجنوب الكبير بواسطة خطوط التوتر العالي على مسافة 880 كلم وبقيمة مالية إجمالية تفوق 200 مليار دينار، وتحدث عن العمل على تصميم نموذج طاقوي وطني لضمان الأمن الطاقوي مستقبلا.
وجاء إعلان الوزير عرقاب عن هذا المشروع في كلمة له أمس خلال تدخله في  الطبعة الثامنة والعشرين ليوم الطاقة التي احتضنها معهد التكوين في الكهرباء والغاز ببن عكنون بالجزائر العاصمة تحت شعار « من أجل نموذج طاقوي أكثر مرونة 2035»، بحضور أعضاء من الحكومة، ومستشارين و مسؤولي هيئات طاقوية وأعضاء من مجلس الأمة.
وأوضح الوزير أنه ومن أجل تعزيز إمدادات الطاقة الكهربائية وتحسين جودة واستمرارية الخدمة العمومية، وكذا دمج كمية هائلة من الطاقات المتجددة من أجل الانتقال الطاقوي، و تنمية الجبهات الجنوبية للبلاد بغية دمجها في الممرات الإفريقية «تم الشروع في إنجاز مشروع القرن المتمثل في ربط الشبكة الشمالية بجنوبنا الكبير بواسطة خطوط الجهد العالي 400 كيلوفولط، على مسافة 880 كلم وبقيمة إجمالية تفوق 200 مليار  دج».
وأوضح وزير الطاقة والمناجم في تصريح هامشي له بعد ذلك أن هذا المشروع «مهم جدا» وهو تغطية الشبكة الوطنية  التي هي الآن شبكة تمتد على الشريط الشمالي للبلاد، والتي تمتد من ساحل البحر إلى ولاية غرداية بالنسبة للوسط، ونحو ولاية بشار بالنسبة للجنوب الغربي ،وولاية وادي سوف بالنسبة للجنوب الشرقي،  كل هذه الشبكة الوطنية تغطي كل هذه الولايات  الشمالية وبعدة مستويات من التوتر العالي جدا 400 كيلو فولط، 220 كيلو فولط، و 60 كيلو فولط، بالنسبة لشبكات نقل الكهرباء، وكذلك 30 كيلوفولط بالنسبة لشبكات التوزيع.
 وأضاف عرقاب في هذا الصدد بأن رئيس الجمهورية أعطى أمرا لتوسيع هذه الشبكة لتضم كل الجنوب الكبير، مشيرا أن الجنوب الكبير توجد به حاليا 33 محطة كهرباء وكل محطة لها شبكة خاصة بها لتغطية الولاية المعنية أو المدينة المعنية بالجنوب،  لكن بهذا المشروع الضخم سيتم ربط الشبكة الوطنية للكهرباء بشبكة الجنوب.
وكشف أن عملية التوسعة شرع فيها بداية من ولاية غرداية وهي اليوم بولاية المنيعة، وسيتم انجاز مراكز عدة لتحويل الكهرباء 400  كيلو فولط، ثم من المنيعة نحو ولاية تيميمون فولاية  بشار وأدرار بخطوط  توتر عالي ثم من المنيعة إلى عين صالح  فتمنراست،  ومن وادي سوف إلى إليزي ثم جانت.  واستعرض الوزير في كلمته الخطوط العريضة للسياسة الطاقوية الوطنية والأهداف التي تصبو إلى تحقيقها، وقال بهذا الخصوص أن هذه السياسة الطاقوية تهدف إلى «ضمان أمن الطاقة في البلاد كأولوية قصوى وتحقيق الانتقال التدريجي نحو مزيج طاقوي مستدام يعتمد على جميع مصادر الطاقة المتاحة»، والسعي أيضا إلى تحسين كفاءة الاستهلاك والحد منها للمحافظة على مخزوناتنا الطبيعية للأجيال القادمة والإسهام في حماية البيئة ومكافحة التغيرات المناخية.
كما تواصل الجزائر جهودها –يضيف عرقاب- في أعمال البحث والاستكشاف وتوسيع قاعدة احتياطاتها وزيادة قدراتها الإنتاجية وتحسين نسبة الاسترجاع لاحتياطاتها البترولية والغازية، فضلا عن تثمين وتطوير الصناعة البتروكيمياوية وتعزيز قدرات النقل للمساهمة في تمويل الاقتصاد الوطني ومشاريع التنمية في البلاد، وكذا من أجل الحفاظ على دورها وتعزيز مكانتها كمورد موثوق في السوق الدولية خاصة في مجال الغاز الطبيعي.
ومن هذا المنطلق- يشدد الوزير- اعتمدت السياسة الطاقوية في بلادنا على تنويع مصادر الطاقة المستخدمة ورفع كفاءة استهلاكها  وترشيده و الحفاظ على الموارد عبر تحقيق نسبة 30 من المائة على الأقل من الطاقات المتجددة في مزيجها الطاقوي بحلول 2035، عن طريق إنجاز البرنامج الوطني للطاقات المتجددة بقدرة 15 ألف ميغاواط، حيث انطلقت المرحلة الأولى منه بقدرات هامة تصل إلى 3000 ميغاواط من الطاقة الشمسية والكهروضوئية موزعة على 20 موقعا عبر 13 ولاية ، بطاقة تتراوح بين 50 و 350 ميغاواط لكل مشروع، وقد تم الانطلاق فعليا في إنجاز العديد منها.
تصميم نموذج طاقوي وطني
وأكد محمد عرقاب بعد كل هذا العرض أن قطاع الطاقة يعمل حاليا على تصميم «نموذج طاقوي وطني» بمساهمة خبراء كل القطاعات المستهلكة للطاقة بكل أنواعها، ما سيتيح إعداد رؤيا استشرافية لمختلف السيناريوهات المستقبلية الممكنة، منها تلك المتعلقة بالانتقال الطاقوي، إدخال الطاقات المتجددة في المزيج الطاقوي الوطني، إضافة إلى تلك المعنية بالنجاعة الطاقوية في القطاعات الأكثر استهلاكا كالسكن والنقل والصناعة.
وأوضح أن دراسة مخرجات هذا النموذج الطاقوي ستمكن القطاع من وضع «خطة طريق متوسطة وبعيدة المدى» من بين أهدافها ضمان الأمن الطاقوي، تحديد النهج الأنسب لانتقال طاقوي سلس يأخذ بعين الاعتبار كل الإمكانات الطبيعية والبنى التحتية، إضافة إلى تحديد الإجراءات الخاصة بالكفاءة الطاقوية، عبر إدراج حلول مبتكرة جديدة من شأنها المساهمة في الترشيد والتقليل من الوتيرة المتسارعة للطلب الوطني على الطاقة. وفي نفس الإطار أكد المتحدث أن قطاع الطاقة يولي أهمية بالغة لتطوير تكنولوجيا الهيدروجين النظيف، بالنظر للمقومات الهامة التي تتمتع بها البلاد في هذا المجال، وقد وضعت خطة عمل شاملة لهذا الغرض ويجري حاليا تنفيذ مشاريع تجريبية للتحكم في سلسلة قيمة إنتاج الهيدروجين بأكملها.
وتعمل الجزائر بالشراكة مع دول أوروبية خاصة ألمانيا والنمسا وإيطاليا لتجسيد إنشاء الممر الجنوبي للهيدروجين لربط القارتين ودعم الأمن الطاقوي للمنطقة.
وفي الختام لفت وزير الطاقة والمناجم الانتباه إلى أن تحديات كبيرة تواجه الجزائر لتلبية احتياجاتها المتزايدة من الطاقة والمساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد بطريقة مستدامة، وهو ما يستوجب العمل أكثر لتعزيز القدرات الإنتاجية  لضمان الأمن و الانتقال الطاقوي مع التقليل من التأثير على البيئة.             إلياس -ب

الرجوع إلى الأعلى