كشف الباحث في علم الاجتماع السياسي صادق بن قادة، أن وهران هي أول مدينة في العالم العربي الإسلامي التي أطلقت أسماء على أزقتها ولا تزال تلك التسميات التي تعود إلى الحقبة الإسبانية، متداولة إلى غاية الوقت الراهن، رغم التغييرات المتتالية في أسماء تلك الأزقة، في مدينة صمدت أمام زلزال عنيف دمر 90 بالمئة من عمرانها سنة 1792، إلا أن أثر المدينة ظل موجودا إلى غاية الفترة العثمانية.
الباحث المشارك في مركز البحث في الأنثروبولوجيا الإجتماعية والثقافية «كراسك» وهران، عرض كتابه الموسوم «وهران: 1732- 1912، محاولة تحليلية لنقلة تاريخية لمدينة جزائرية نحو العصرنة العمرانية»، خلال جلسة بيع بالتوقيع، احتضنها فضاء المسرح الجهوي بوهران في أول موعد «للمقهى الأدبي» الذي أقره مدير ركح علولة مراد سنوسي منذ السنة الفارطة.
و أوضح بن قادة أن كتابه عبارة عن أطروحة ماجستير، و يعد الأول من نوعه حول عمران و تراث مدينة وهران بعيون جزائرية وهرانية بنسبة مئة بالمئة، بعد كتاب الفرنسي روني ليسبيس الذي كتب من منظور فرنسي.
قسم الباحث صادق بن قادة عمله إلى ثلاث حقب زمنية، الأولى في الفترة الإسبانية «1732- 1792»، معتبرا هذه الفترة هي التي عرفت فيها المدينة ازدهارا عصريا لعمرانها، حيث عكف الإسبان في مرحلة الاحتلال الأولى على بناء الحصون و الثكنات العسكرية، لكن في الفترة الثانية قاموا ببناء الأحياء و مد شبكة صرف المياه، و تحديد الأزقة التي أعطيت لها أسماء على أساس أن وهران مدينة مثل المدن الإسبانية، و ليست معسكرا حربيا فقط، حيث كانت المدينة مأهولة بالساكنة المدنية و العسكرية.
و أبرز الكاتب أن الخرائط العمرانية لذات الحقبة الزمنية لا تزال موجودة في الأرشيف، و هذه الأدلة المادية شاهدة على أن المدينة عرفت العصرنة العمرانية منذ نهاية القرن 17، وأضاف أنه لحد الآن لا تزال الكثير من الكلمات الإسبانية التي كانت مستعملة حينها، متداولة في بعض مناطق وهران ، فقد ترسخت في الذاكرة الجماعية لسكان المنطقة.
أما الفترة الثانية التي سلط الضوء عليها الكتاب و الموسومة من طرف الباحث بالحقبة الجزائرية ـ العثمانية من 1792 إلى 1832، فقد ركز فيها على فترة حكم الباي محمد الكبير الذي قال عنه المؤلف، أنه حاكم لم ينل حظه من الدراسة و البحث، رغم أنه جعل من وهران مدينة مواكبة للعصرنة التي كانت تشهدها المدن الغربية إلى غاية وفاته سنة 1799.
في حين لم يواصل البايات الذين تعاقبوا على المدينة، برنامج التحديث الذي بدأه محمد الكبير الذي أعاد تعمير المدينة بالساكنة المسلمة و اليهود أيضا الذين كانوا جزءا من تركيبة سكان المدينة، و كانت وهران ملتقى وحضنا لمختلف الثقافات.
وجاءت مرحلة الاستعمار الفرنسي التي بدأها من 1832 إلى 1912، في الجزء الثالث من المؤلف، و برر الكاتب توقفه عند سنة 1912، بأن تأسيس بلدية وهران كان سنة 1848، لكن في 1912 جاء على رأس البلدية جول كاستيل و عرفت في وقته إصدار عدة قوانين حول النظافة و مخطط عمراني يراعي جانب التطهير، وغيرها من الإجراءات التي أعطت لوهران صبغة المدينة العصرية وفق معايير أوروبية، و كان آنذاك «المير» يعتبرها جزءا من بلاده.
كما سميت وهران بالمدينة الأوروبية، لتواجد عدة جنسيات من المعمرين بها، خاصة في وسط المدينة العصرية، لكن عرفت وهران خلال فترة رئاسة جول كاستيل للبلدية، لأول مرة في تاريخها، تواجدا قويا للنخبة الشبانية الوهرانية المسلمة، ضمن طاقم الإدارة و التسيير.
بعد العرض الوجيز للكتاب، كانت تدخلات الحضور ثرية، كون الأغلبية أساتذة و باحثين و مهتمين بتاريخ الولاية، و أجمعوا على تثمين العمل الذي قام به الباحث صادق بن قادة، و ضرورة تعميقه بمواصلة البحث في مختلف المجالات، كما طالبوا بأن تتولى السلطات المحلية العمل على وضع معالم تعريفية تاريخية عبر الشوارع و الأزقة، و تثمين الموروث التاريخي و الأثري.
جدير بالذكر أن الكتاب يتألف من 631 صفحة وهو أطروحة ماجيستير أنجزها الباحث على مدار ربع قرن من الزمن، حيث غاص في تفاصيل الأرشيف الجزائري الذي 95 بالمئة منه مدون باللغة الفرنسية، مثلما أكد صادق بن قادة، مشيرا إلى أن أغلبيته موجود في إسبانيا وفرنسا ومنه أيضا الموجود في أرشيف بلدية وولاية وهران.
ويعد الباحث أول رئيس بلدية بالجزائر، ناقش أطروحة أكاديمية، و هي في تخصص علم الاجتماع السياسي، فرع سوسيولوجية العمران، وهذا سنة 2008 .
و قام مركز كراسك بنشر الأطروحة، ضمن أعمال الباحث المشارك صادق بن قادة بالكراسك، على شكل كتاب تم بيعه بالتوقيع، وسيتم تسويقه في المكتبات.
بن ودان خيرة
في كتابه حول العصرنة العمرانية، الباحث صادق بن قادة يؤكد: وهران أول مدينة في العالم العربي الإسلامي أطلقت تسميات على أزقتها
- التفاصيل
-
ممثلون ومخرجون يشددون على دوره التربوي
مسرح الدمى والعرائس رياضة لذهن الطـفل وعلاج للعنفدعا ممثلون ومخرجون مسرحيون، في حديث للنصر، إلى ضرورة تنويع العروض المسرحية الموجهة للطفل، وإعادة الاعتبار لفن الدمى والعرائس، لأهميته البالغة في بناء...
في الذكرى الرابعة لرحيله: آث يني تتذكر ابنها الفنان إيدير
استذكر أمس الأول، سكان بلدية آث يني والسلطات المحلية لتيزي وزو، مآثر الراحل أيقونة الأغنية القبائلية حميد شريات المعروف فنيا...
باتنة على موعد مع الطبعة الرابعة: مهرجان إيمدغاسن الدولي يحتفي بنجوم السينما الجزائرية
تنطلق السبت المقبل بباتنة، فعاليات الطبعة الرابعة لمهرجان إيمدغاسن السينمائي الدولي، وتمتد لخمسة أيام كاملة، يتنافس خلالها 21...
عزيز موات ينقل حقائق تاريخية عن هجمات الشمال القسنطيني
- أحجار سيدي أحمد - ..حين تصبح حجارة التيمم أسطورة نضالوقع أمس الأول الكاتب والصحفي عزيز موات، بالمكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية بقسنطينة، إصدارا جديدا بعنوان «أحجار سيدي أحمد»، نقل بين طياته حقائق...
تفاعل واسع مع رحيل جوهرة الساورة حسنة البشارية: عميدة موسيقى الديوان توارى الثرى
ودعت بشار، أمس الأول، جوهرتها وحاملة صوتها إلى العالم حسنة، في جنازة مهيبة .وكانت الفنانة قد انتقلت إلى الرفيق الأعلى يوم...
مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي شهد إقبالا كبيرا للجمهور
الفيلم الإسباني - ماتريـــا - يحصد - الغزالة الذهبية - أسدل الستار ليلة أول أمس، على فعاليات مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي، بالإعلان عن الأفلام الفائزة، حيث كانت الجائزة الكبرى "الغزالة الذهبية" من...
الفنانة حسنة البشارية في ذمة الله
توفيت، أمس الأربعاء، بمدينة بشار الفنانة حسنة البشارية عن عمر ناهز 74 عاما بعد معاناة مع المرض، حسب ما علم لدى مديرية الثقافة...
كاتب العزلة الإنسانية ينحني أمام السرطان: الأدب العـالمي يفقـد بول أوستــر
فقد الأدب العالمي ليلة أمس الأول أحد أبرز رموزه، بوفاة الروائي الأمريكي بول أوستر الذي انطفأ في بيته ببروكلين عن 77 عاما، بعد...
كان أحد مؤسسي الأوركسترا السيمفونية الجزائرية: وفاة الموسيقي عبد الكريم قارة
توفي، الثلاثاء، الفنان والموسيقي، عبد الكريم قارة، وهو من مؤسسي الأوركسترا السيمفونية الجزائرية ومكوّن في الموسيقى تخرجت على يده أجيال...
مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي
اختتـام ورشـات التكويـن ومنـح 100 شهــادة مشاركــة اختتمت أمس، الورشات التكوينية المبرمجة في إطار مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي، و التي شملت مجالات المهن السينمائية (الإنتاج، الإخراج، كتابة السيناريو،...
<< < 1 2 3 4 5 > >> (5)