جرأتي الفنية نابعة من واقع يتظاهر الكثيرون بعدم رؤيته
يرى زملاؤه بأنه يتمتع بجرأة فنية نادرة، فيما يعتبر نفسه نحاتا عاديا يجسد ما يراه و يراه الآخرون لكنهم لا يجدون الشجاعة للتحدث عنه، أو يتظاهرون بعدم رؤيته، إنه النحات يونس بوتريف واحد من الأسماء المهمة و المؤثرة في الحياة التشكيلية الجزائرية، بأعماله التي قال أنها تعبّر عن تياره «البوتريفي» الخاص ببعدها الفلسفي و رؤاه الفنية العميقة التي حملته إلى العالمية، أين زيّنت منحوتاته المتاحف و المعارض الفنية الدولية الراقية.
يونس بوتريف جعل من متحفه الصغير بالهواء الطلق بحجرة النص بشرشال، ملتقى لعشاق فن النحت، يقصده كل من يبحث عن منحوتات غير مألوفة و تعكس حب التجديد و الميل للحركة النحتية المعاصرة، لما تحمله أشكال مبتكرة و تراكيب من المزج الفريد للمواد و الخامات تبيّن قدرته على تطويع الحجر و الرخام و الغرانيت و كل ما يقع بين يديه من مواد و معادن و أخشاب..يحوّلها إلى أعمال جميلة قد تلقى لها مكانا بالمتاحف و المعارض أو يقتنيها أصحاب الأذواق الراقية مهما كان مستواهم الاجتماعي و الثقافي و الاقتصادي.
الفنان تحدث للنصر عن منحوتاته و ما تحمله من حركية و حيوية خفية مدهشة تأسر قلوب و أنظار كل من يراها، و من تعابير و سحر يعكس مهارة عالية في تحويل أي مادة بسيطة إلى عمل جميل مطلق و جعل أي فضاء خاو يحاكي الفراغ بلغة قد لا يفهمها إلا قلة قليلة، مثلما قال نحاتنا الذي أسر لنا بأن محاوره مفهومة و مستوحاة من كل ما يحيط به، لكن البعض يفضلون البحث بعيدا، فيما يحتاج الأمر لتفكير بسيط و بعد نظر مع القليل من الصدق و مصارحة الذات.
أنامل نحاتنا أبدعت أكثر من 1700 قطعة بمختلف الأحجام و الأشكال، لم يبق منها بحوزته سوى 200 قطعة، لا زالت هي الأخرى تنتظر من سينتقيها لضمها لمجموعته الفنية، مثلما حدث مع الكثير من منحوتاته السابقة التي وجد الكثير منها مكانا لها وراء البحر بألمانيا و فرنسا بأشهر المعارض المعاصرة التي يحمل الكثير منها بصمته البوتريفية، كما يفضل أن يسميها، مؤكدا بأن تحفه بيعت بأسعار تراوحت بين مليون و أكثر من 300 مليون سنتيم.
أعمال يونس بوتريف ذات الخامات المختلفة من حجر و رخام و خشب و بولستير و معدن و نحاس، تعبّر عن شخصه و عن حاله و وضعيته النفسية مثلما قال، فهي كنبض الحياة، أو باحث عن الخلود أو متحري و مقتفي أثر الأزمنة الغابرة و اللاحقة، يعتبر الإنسان و الحيوان ملهميه الأبديين، لذا جعل منهما محور أغلب منحوتاته التي تظهر ملامح الإنسان في جسد الحيوان، جاعلا من المزج بين هذين المخلوقين في منحوتة واحدة هوايته المفضلة و رسائله التي لا يعرف إيصالها إلا من خلال هكذا أشكال، رغم النقد و الاتهامات المتكرّرة له بالإساءة للإنسانية و القيم و الطبيعة، و التي اعتبرها انتقادات واهية غير مبنية على أسس فنية، و تسرّع في الحكم على أعمال رسائلها بسيطة قل من يدرك مغزاها و يجيد قراءة معانيها الحقيقية، مستشهدا ببعض الأمثلة عن بعض المنحوتات التي انتقدها البعض كالرجل السلحفاة، التي قال أنها تعبّر عن نقطة التشابه بين الإنسان و بعض الأمهات أو الآباء الذين تجرّدوا عن إنسانيتهم بتخليهم عن فلذات أكبادهم تماما مثلما تفعل السلحفاة التي تترك بيضها بمجرّد وضعه، أو منحوتة «الإنسان»التي جسد فيها شكل إنسان تصعد مع جسده دودة و تنزل منه أخرى و التي تعبّر حسبه عن بداية الحياة و نهايتها:»الإنسان عندما يولد يلف في الحرير و الحرير من صنع الدودة، و عندما يموت أول من يلتهم كفنه الدود أيضا»، يوّضح الفنان الذي شرح منحوتة أخرى طالتها الكثير من الانتقادات و التي جسّد من خلالها صورة إمرأة متحجبة بصدر شبه عار تحمل بيدها حفنة من القمح، إشارة إلى واقع الفتيات اللائي يبعن أنفسهن لأجل المال، و كذا منحوتته «نهاية الحياة»التي يعبّر بها عن رفضه للأمور المناوئة للطبيعة كالمثلية. و مثلما يستوحي بوتريف أعماله من حياته و واقعه المعاش، يستلهم أفكاره أيضا من أعمال خالدة لكبار النحاتين العالميين، لكن بنظرته و فلسفته الخاصة، تماما مثلما فعل في منحوتته وجوه جهنّم ذات الأبعاد الثلاثية و التي ترسم ثلاث حالات مختلفة لثلاثة أشخاص و التي علّق بخصوصها بأسلوبه المفعم بروح الفكاهة»النحات العالمي رودان نحت باب جهنم و أنا نحتت من سيمرعبره».
النحات العصامي صاحب ال59سنة الذي أثار إعجاب كبار النحاتين أخبرنا عن أهم أعماله التي تحصل بفضلها على جوائز عالمية و ميداليات مهمة، مؤكدا بأن أكبر منحوتاته يزيد طولها عن 6أمتار موجودة الآن بمدينة بادن بادن الألمانية، و أخرى يزيد طولها عن المترين و نصف بفرنسا و ثالثة يزيد طولها عن الثلاثة أمتار متواجدة بولاية تمنراست، كاشفا عن بعض المنحوتات التي اختار تقديمها كهدايا تعبيرا عن إيمانه بتسامح الديانات كتلك التي أهداها للقديس جون بول عام 2003 و الموسومة «العين الروحانية».
أما عن أغلي منحوتة جسدتها أنامله فقال أنه تحمل عنوان «رائد الفضاء»التي باعها بقيمة 375 مليون سنتيم و كانت من نصيب متعامل خاص للهاتف النقال.
مريم ب
النحات يونس بوتريف للنصر
- التفاصيل
-
طقس موغل في الثقافة الأمازيغية: الوشم ..احتفالية الخصوبة ولغة التمرد والألم
تغنى الجزائريون في تراثهم " بزرقة الوشام" كوصف للمرأة الجميلة التي تميزها علامة على الوجه أو منطقة من الجسيد وذكره الرجال كعلامة للوفاء والألم، فالوشم عند الأمازيع...
الكاتب والروائي عبد الوهاب بن منصور للنصر: الرواية تكتب التاريخ غير الرسمي والشفوي
uالكثير من الروائيين حاولوا اِستلهام التراث الصوفي رغم مخاطرهيعتقد الكاتب والروائي عبد الوهاب بن منصور، أنّه مهما قِيل عن الرواية التي اِعتمدت أو اِستندت على...
المكتبات الرقمية.. هل أصبحت بديلا للمكتبات التقليدية؟
يحتفلُ العالم اليوم (23 أفريل)، باليوم العالمي للكِتاب وحقوق المؤلف والملكية الفكرية، ففي مثل هذا اليوم من كلّ عام، تحتفل منظمة الأُمم المتحدة للتربية...
أي دور للجامعة في الفضاء الاجتماعي؟
ما مدى اِرتباط الجامعة بالفضاء الاِجتماعي وبالواقع الفعلي للمواطن الجزائري، وما مدى أهمية وضرورة إدراك الجميع بمدى أهمية هذا الشريك الحيوي والجوهري «الجامعة»...
رؤية حداثية أساسها التنوير: الوجــه الآخــر لنضـال بن باديــس
إيناس كبير خص العلامة عبد الحميد بن باديس النشء باهتمام بالغ، فقد اقترب من مشاغل الجيل الجديد وأصغى لاهتماماته، حيث كان يرى فيه البذرة التي يجب أن تُروى على...
قراءة في رواية « باب القنطرة» للكاتبة نجية عبير: «السّيّــدات» .. انظر ما يوافق تربة قلبك وانثره فيها
إلهام بورابة معابر مفاتيح: الترجمة خلق جديد/ حزن الكاتب وحزن المترجم متشابهان ، لكن الفرح يكسبه القارئ./الرواية انتهت لكن الإطناب في إعادة التدوين لوضع كل شيء...
"نوافـــذ علـى الآخــر" كتابٌ جديـد للدكتور أزراج عمـــر
صدر منذ أيّام، عن دار «اسكرايب» في مصر، كتاب جديد للشاعر والمترجم والأكاديمي الدكتور أزراج عمر، وحمل عنوان «نوافذ على الآخر»، وهو عبارة عن مجموعة...
هــل يمكــن للمثقـــف أن يكــــون صانــــع محتـــــوى؟
هل بإمكان المُثقف أن يكون من صُنّاع المحتوى المؤثرين؟ وهل يمكن أن يكون مُبدعاً لمحتوىً مُؤثر هادف ومسؤول، خاصةً وأنّه من الضروري أن يحدث هذا في زمن...
الكاتب والإعلامي الدكتور محمّد بغداد للنصر
ما تمّ اِنجازه في مشهد الإعلام الثقافي مشاريع أفراديعتقد الكاتب والإعلامي محمّد بغداد، أنّ الإعلام الثقافي يتجاوز المستوى الأدبي، ليشمل كلّ معاني ونشاطات الإنسان في الحياة، بدايةً من الأسماء التي نطلقها على أبنائنا، مروراً...
قصائد لعبد الحميد شكيل
#عبور.. سأعبر الغابة..دون أن تراني الأشجار..سأعبر النهر..دون أن تعاندني طيور الماء..سأعبر البحر..دون أن يراني القراصنة،وهم يغتصبون نساء الزبد..سأعبر الوقت..ممهورا بنمش...
<< < 1 2 3 4 5 > >> (5)